عطوان: الصين تعيد التأكيد رسميا وبالأدلة على “نظرية المؤامرة” وتتهم المخابرات الامريكية بنشر فيروس “كورونا” في ووهان

 

إب نيوز ١٦ مارس

عبدالباري عطوان:

الصين تعيد التأكيد رسميا وبالأدلة على “نظرية المؤامرة” وتتهم المخابرات الامريكية بنشر فيروس “كورونا” في ووهان في تشرين الأول الماضي.. لماذا نميل الى ترجيحها بعد محاولة ترامب شراء شركة أبحاث المانية بمبلع خيالي لاحتكار الدواء والامصال؟ وهل بدأت اسطورة التقدم العلمي الغربي في التآكل؟

عادت الحكومة الصينية لتؤكد، ومن خلال حقائق جديدة متوفرة لديها، ان الولايات المتحدة الامريكية هي المصدر الأساسي لفيروس “كورونا الجديد” وانها تعمدت نشره في الصين من خلال عملاء وكالة المخابرات الامريكية المركزية “سي أي ايه”.
تشاو لي جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تمسك براويته الأولى واعلن امس عن وجود اثباتات تؤكد ان هذا الفيروس تم اختراعه وتطوره من قبل علماء أمريكيين عام 2015، وان مجلة Nature Medicine الامريكية اكدت في بحث نشرته في احد اعدادها في العام نفسه أي عام 2015، ان علماء في الولايات المتحدة تمكنوا من الحصول على نوع جديد من فيروس كورونا له تأثير خطير على الانسان، وقال ان جنودا أمريكيين شاركوا في دورة الألعاب العسكرية العالمية التي جرت في مدينة ووهان التي تنافس فيها 10 آلاف عسكري من مختلف انحاء العالم في تشرين اول (أكتوبر) الماضي، هم الذين نقلوا الفيروس الى هذه المدينة.
*
ندرك جيدا ان هناك حربا كلامية واتهامات متبادلة بنشر الفيروس بين الولايات المتحدة والصين، حيث اتهمت الأولى (أمريكا) الثانية (الصين) بتصنيع هذا الفيروس في احد معاملها في مدينة ووهان، وتسرب منها الى المدينة ردا على تصريحات سابقة أدلى بها قبل بضعة أيام المتحدث الصيني نفسه، ولكن قليلين اعاروا هذه الاتهامات الامريكية للصين أي اهتمام، لان تاريخ الولايات المتحدة وادارتها حافل بالأكاذيب، والخطط التآمرية ونشر الأوبئة، علاوة على استهدافها للصين بحرب تجارية لضرب اقتصادها وتخفيض معدلات نموه، حتى لا يتفوق على الاقتصاد الأمريكي، ويطيح به من المرتبة الأولى عالميا.
عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبلغا خياليا على شركة المانية “كيور فاك” مقابل انتقالها الى الولايات المتحدة، وجعل نتائج اختباراتها المعملية الطبية المتقدمة التي توشك على انتاج “مصل” ودواء لعلاج ضحايا فيروس الكورونا الجديد، وجعل هذا الإنجاز العلمي “حصريا” لامريكا فقط، هذا العرض المالي يؤكد أيضا نظرية المؤامرة، ولكن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر الذي اكد صحة هذه الخطوة، قال ان “المانيا ليست للبيع” وان بلاده تريد انتاج هذا اللقاح المضاد “ليكون للعالم كله”، مشددا على ان الشركة ستبقى على الأرض الألمانية.
عندما نقول ان عرض ترامب هذا يؤكد نظرية المؤامرة، فإننا نعني ان حصره لهذا اللقاح في يد أمريكا يعني انها ستكون المتحكم به، والدول او الشعوب التي يمكن ان يصدّر اليها، أي الشعوب والدول الصديقة للولايات المتحدة، او العميلة لها تحديدا، اما تلك المعادية فلن تحصل عليها، وستكون شعوبها مستهدفة بفيروس الكورونا مستقبلا.
نحمد الله ان ازمة الكورونا الحالية اثبتت ان الصين اكثر تقدما من الولايات المتحدة ودول غربية عديدة في هذا المضمار، بالنظر الى النجاحات الكبرى التي حققتها إداريا وطبيا في التصدي لها وتطويق اضرارها في زمن قياسي، بينما ما زالت الأنظمة والمؤسسات الصحية الغربية تتخبط، وحتى لو عاد الفيروس اليها فانها ستكون مستعدة لمواجهته والقضاء عليه بحكم خبرتها التي اثبتت فاعليتها.
الأسلحة البيولوجية غربية بالأساس، والكورونا قد تكون احد ادواتها، وربما يفيد التذكير بما نشرته صحف ومحطات تلفزة أمريكية وأوروبية على نطاق واسع من “أكاذيب” لتبرير غزو العراق واحتلاله عام 2003، تحدثت عن احتمال ارسال الرئيس العراقي صدام حسين إرهابيين بحقائب “سامسونايت” يفرغون محتواها من “الفايروسات” في شارع أكسفورد ستريت في لندن، او مانهاتن في نيويورك، بما يؤدي الى مقتل عشرات، بل مئات الآلاف.
الازمة نفسها فتحت الاعين على تقدم الصين طبيا، وبيولوجيا، وتراجع الدول الغربية في هذا الميدان، رغم ان كل جوائز “نوبل” التي تمنح سنويا للعلماء الغربيين في هذا المجال وغيره من المجالات العلمية الأخرى.
فالجائزة “المسيسة” التي يجري منحها للعلماء الغربيين ليست معيارا موضوعيا في هذا الاطار، فكم مرة جرى منحها لعلماء صينيين او روس؟ واذا مُنحت فإنها غالبا ما تكون لعلماء صينيين يعيشون في الغرب، ولدينا لائحة طويلة في هذا الخصوص لعلماء وادباء عرب جرى حجبها عنهم لانهم غير مرضى عنهم ومواقفهم أمريكيا واوروبيا واسرائيليا.
*
الخبراء الصينيون وصلوا “تطوعا” الى ايران وإيطاليا وكل بلد منكوبة بهذا الفيروس تطلب المساعدة، ومجانا، بعيدا عن “البروباغندا” الدعائية، ولم نسمع ان خبيرا أمريكيا واحدا وصل الى هذه الدول، والأكثر من ذلك ان إدارة ترامب لم تتعاطف مطلقا مع الشعب الإيراني في محنته الحالية، وترفع بالتالي الحصار الخانق المفروض عليه ولو مؤقتا، وفي وقت تبّيض فيه دول سجونها من المجرمين تعاطفا، وتجنبا لإصابتهم بالفيروس والموت بعيدا عن اسرهم.
النقطة الأخيرة في حديثنا عن النظرية التآمرية التي نؤمن بها، تتعلق بما نقرأه، ونشاهده، في الصحف والقنوات التلفزيونية الغربية، وملخصها ان معظم الحكومات الأوروبية تركز على إعطاء الأولوية للشباب في العلاج من وباء كورونا، وترك “العجزة” فوق سن 60 او الـ70 يواجهون مصيرهم، ودون أي رحمة او شفقة، وكأن حال هذه الحكومات يقول انهم النسبة العالية من شعوبهم من المتقاعدين (يمثلون 30 بالمئة من مجموع السكان تقريبا) غير المنتجين وباتوا يشكلون عبئا على الدولة وخدماتها الصحية، شخصيا لا استبعد هذه “المؤامرة” في زمن الهيمنة الرأسمالية اليمينية المتوحشة.
حقائق كثيرة ستتكشف في الأسابيع والاشهر المقبلة، ونحمد الله ان هناك خبرات بديلة في الصين وغيرها، يمكن ان تشكل “طوق نجاة” او هكذا نأمل، والله اعلم.

You might also like