طفلي يقرأ..طفلي مفكرٌ مبدع.

 

إب نيوز ١٩ مايو

بتول عرندس

تسهم المطالعة بلا شك في نموّ الطفل العقلي وتساعده على اكتساب مهارات اتصالية واجتماعية ولغوية متنوعة ومتعددة، كما وتساعده على التركيز والتحليل وربط المعلومات، وبالتالي تؤمن له استعدادًا عاليًا ومميزًا للتعلم بشكلٍ أسهل وأفضل، ناهيك عن امتلاكه قدرة على التعبير عن نفسه وانفعالاته وأراءه، كما وتمكنه من التواصل مع الآخرين من خلال نسخه للتفاعلات بين الشخصيات في القصص، فضلًا عن مناقشة الأحداث وتحليلها وطرح الأسئلة والاستفسارات التي تكتسبه مهارة التخيل والتفكير المنطقي التحليلي والإستعداد لتجارب جديدة واحتمالات مختلفة في أمور عدّة، فيطبّق ذلك في حياته العملية.

مؤخرًا ومع تفشي جائحة كورونا شهد العالم ثورة قراءة مميزة في أوساط المجتمعات وهو بالأمر المحمود والمميز باعتباره استثمارًا مضمون النجاح ومتنفسًا يعزز من الصحة النفسية في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضها الوباء وخاصةً تلك الناجمة عن طول فترة الحجر وما تبعها من ظروف صعبة جدًا. تترجم هذه الفوائد من خلال ترطيب الأجواء المتوترة والخوف والقلق والرعب الذي فرض، حيث ينشغل الطفل بالتعرف على أفكار وقيم جديدة تصنع منه انسانًا واعيًا ومسؤولًا.

يحدث التقوقع رتابة وقتامة وحالة انغلاق غير محمودة فلا يمكن أن يعيش الإنسان بمعزلٍ عن الآخر فهو فرد من مجتمع كبير يحتوي تنويعات ثقافية متعددة وهذا يتطلب منه التعرف على الآخر والتواصل معه وفهم قيمه ومعتقداته وأفكاره. من هنا يلاحظ بأن القراءة تجعل من الطفل متواصلًا يتجاوز الأنا وتعزز انسانيته وفهمه للآخر ولأفكاره وتطلعاته، وهذا الفهم يعالج الكثير من المشاكل التي تنجم عن حالة جهل الآخر وتجاوزه. وهنا يمكن الملاحظة بأن المطالعة تساعد الطفل في التعرف على أصدقاء جدد وتنمي عندهم قيم التعاطف والتعاضد والإيثار والإحساس بالآخر.

على الصعيد الأكاديمي، فالواضح بأن المطالعة تحسن مهارة القراءة والكتابة وتمرن الدماغ على ربط وتحليل المعلومات واستخلاص العبر والدروس فيتحسن عندهم التركيز، بالأخص عند الذين يعانون من التشتت الذهني. يتعلم الطفل مفردات جديد وطرق التعبير وأدبيات التواصل ويميز أنواع الجمل والأفعال وأدوات الربط وفوائدها. هذا الأمر وعملية التحليل تحديدًا تطور مخيلته وابداعه فيتحول إلى مفكر مبدع وطموح ومغامر وجريء ومتكافل وتقوي علاقاته مما يعزز ثقته بنفسه. هذه الثقة تسهم في رفع تحصيله الأكاديمي وتمنحه فرص مضاعفة للنجاح والتميز.

لا بد من إيلاء الاهتمام المشترك بين الآباء والمؤسسات الإجتماعية والتربوية كافة لتعزيز ثقافة المطالعة واحاطة الطفل بجو من القراءة وذلك بالقدوة لأن الطفل يقلد ويتبع مسلك المحيطين به. فالطفل القارئ لا ينشأ إلا في كنف والدين قارئين، وذلك بالتحفيز والتشجيع والترغيب والمواصلة والحث. فقد أظهرت الاكاديمية الامريكية لطب الأطفال أهمية القراءة على تطور دماغ الطفل الذي يقرأ بانتظام وتحسن عملية التطور المعرفي والتذكر والمقدرة على الاصغاء والطلاقة وزيادة نسبة الانضباط والتركيز والتصوّر وتخفيف الضغط والتوتر.

يقال بأن العلم نور، نورٌ يحول حياة الإنسان من الملل والرتابة والتقليد والجهل إلى المعرفة والوعي والبصيرة والفهم فالقرأة تعدّ من أهم وأبرز وسائط التربية والتعليم لما لها من فوائد لا تعد ولا تحصى. هذه الفوائد مهمة جدًا وأساسية في عملية تربية الطفل وغرس المفاهيم والقيم التربوية والمعارف اللغوية وغيرها، فحين نتحدث عن الطفل القارى فإننا نتوقع بالغًا واعيًا مثقفًا مفكرًا مبدعًا محللًا، بالغًا يتجاوز العصبيات والشكليات، يتجاوز الرتابة والتقليد والتقوقع والتحيز. يقرأ الطفل فيسلك سبل المعارف بأنواعها وصنوفها ويؤسس بالتالي لمجتمعٍ مثقفٍ قوي خالٍ من الآفات والمشاكل

You might also like