لماذا نكرهه ؟!!

 

 

إب نيوز ٣١ مايو

عبدالملك سام

“لماذا تكره الرجل لهذه الدرجة ؟! لقد مات ، والميت لا يجوز عليه إلا الرحمة” .. بهذا السؤال والتفسير سألني صديقي لماذا أكره الطاغية الراحل ؟! فأكتفيت بأن أبتسمت له بمرارة وأنا أقلب الذكريات في رأسي ، وصدى سؤاله مازال يتكرر في دهاليز عقلي .. “لماذا تكره الرجل لهذه الدرجة ؟! .. لماذا ؟!

نعم .. لماذا ؟! هات لي سبب واحد يا عزيزي لكي أحبه ؟! لن تفهمني ، ولكني أفهمك .. فذلك الثعلب كان محاطا بمجموعة من الخبراء الذين عملوا ما بوسعهم ليجعلوه محاطا بهالة من البراءة والنعومة .. نعم ، هي النعومة .. لقد مورست علينا حرب ناعمة أستخدمت فيها كل خبرات اليهود لكي يجعلوا صورته بهذا الشكل “الظريف” .. فها نحن بعد رحيله نكتشف أسرارا كثيرة عنه وعمن كانوا حوله ، ليس أخطرها أن أحد أعوانه كان عميلا للموساد !! طبعا لن تصدقني ، فأحيانا يكون نور الحقيقة مبهرا لتلك العيون التي أعتادت العيش في الظلام ، بل قد يكون النور مؤلما لها لدرجة أنها تفضل العودة إلى سراديب الجهل حيث كانت تحلم وتحلم فقط !

لماذا نكره الطاغية ؟! سؤال وجواب في نفس الوقت ، أنت تقول أنه لم يكن طاغية ، وفي أفضل حالاتك ستقول أنه كان طاغية لكن بدرجة ما ! دعنا من هذه الفلسفة ، ولنسأل بعض أولئك الذين شاهدوا النور قبلي وقبلك ، ودفعوا ثمن هذا الخطأ (الفادح) غاليا ! تعال معي ، لنسرد حكاية واحدة فقط من الآف الحكايا التي حدثت فعلا ..

لن نستخدم هنا الحروف الأولى كما في صفحات الحوادث ، ولنطلق أسما فقط على صاحب الحكاية ، مثلا فلنطلق عليه أسم (محسن) .. محسن الضابط الوطني ، والجندي المخلص .. محسن الذي تعلم في حياته العسكرية الأخلاص والتفاني وطاعة القائد الحاكم .. جزء من عقيدة محسن العسكرية كانت حب الوطن ، وهذا – لو كنت لماحا – خطأ فادح في شريعة الطغاة ، فالقائد الأعلى لا يحب الشركاء في الولاء ، فالولاء له وحده فقط !

خطأ محسن أنه لم يفهم هذه الحقيقة ، فرفض عطايا القائد والتي كان يقول انه لا يستحقها ، ولم يمد يده لمرتبات الجنود الذين تحت أمرته ، ولم يختلس من عهدته قرشا واحد ، ولم يستحوذ على عقار ما مستغلا منصبه ، ولم يوافق أن يشرب كأسا مع القادة الآخرين ، ولم يخون أهله في حفلات المجون التي كانت تقام كل فترة ولم ولم ….. لذلك لم يستطع أحد أن يمسك شيئا على محسن الطيب الشجاع ، وكما قلت لك سابقا : هذا خطأ فادح في شريعة القائد الأعلى !

محسن بشرفه كان يسبب صداعا لقائده ، فكل من حوله قد قبل “عطايا” القائد إلا محسن ، حتى نائب محسن كان يعيش في بحبوحة بينما قائدة يعيش في “ستر الحال” كما يقال ! ولأن محسن ظل متمسكا بمبادئه فهذا يعني أنه قد أختار مصيره ، وقد قال الأنجليز قديما : “أذا ذهبت للعشاء مع الشيطان ، فخذ معك ملعقة طويلة” .. فمرة ينجو محسن من حادث مروري خطير ، ومرة يتأخر عن إجتماع ويفاجأ بأن قنبلة أنفجرت هناك ، ومرة ينجو من كمين غادر ، وهكذا أستمرت المحاولات ..

لا أحد يعرف كيف أستطاع القائد الأعلى أن يتخلص من محسن ، فالأخير تعرض لحالة تسمم غريبة لم يعيش بعدها سوى أيام ، والكل يجهل متى وبماذا تمت العملية .. مات محسن مخلفا وراءه مئات الأسئلة لعل أهمها لماذا كان يفعل هذا بالشرفاء في بلد طيب كاليمن ؟! وبأبناءه الطيبين ؟!

أما محسن فقد مات كما أحب ، تاركا خلفه ذكرى لا تنسى لكل من عرفه .. وأما الشيطان فقد كان يجب أن يعيش ليتحسر وهو يرى أختفاء كل من حوله وذبول سطوته .. نعم رحل الطاغية ، ومازال حسابه لم يوفى بعد ، ولابد أن يجتمع مع محسن وكل من ظلمهم في يوم لا يظلم فيه أحد .. أذا اردت أن تعرف لماذا أكرهه فاسأل ذوي محسن والآلاف من أشباه محسن .. أما أذا لم تقتنع فهذه مشكلتك أنت ، أنت وضميرك .. ولنا لقاء آخر لنحكي عن محسن آخر .

 

You might also like