هل بدأت ثورة الربيع الأمريكي؟

 

إب نيوز ٣١ مايو

بقلم / منير إسماعيل الشامي

أمريكا ذلك الشيطان الأكبر كما وصفها اﻹمام الخميني قدس الله سره لطالما تغنت بالمساواة والحرية ورفعت شعارات انسانية براقة وتدعي جدلا أنها أول من حارب التمييز العنصري وقضت عليه واول من نادت بحقوق الانسان والمدافع اﻷول عنها وتفرض نفسها على العالم كمدعي عام من خلال هيمنتها على مجلس اﻷمن الدولي ومنظمة الامم المتحدة فحولت مجلس الأمن الدولي إلى محكمة لإصدار قرارات من مجلس الأمن على أي دولة في العالم ترفض الخضوع لها وتستخدمها عليها كما لو كانت أحكام قضائية نهائية لشرعنة حروبها الإجرامية على شعوب تلك الدول المناهضة لمؤامراتها والرافضة لطغيانها فتعتدي عليها وتجردهم من كل حقوقهم الإنسانية وترتكب فيهم آلاف المجازر والجرائم وتسلبهم حريتهم وكرامتهم وتزج بالآلاف من ابنائهم في المعتقلات وترتكب فيهم أبشع الجرائم الأخلاقية والجسمية وهذا هو ما يشهد به تاريخها الإجرامي منذ قيامها على عشرات الملايين من جماجم سكان أمريكا الاصليين او ما عرفوا بالهنود الحمر وحتى يومنا هذا

اليوم وبعد مضي عشرات السنين من زيف ما تدعيه وتشهد شوارع مدنها في مختلف الولايات بذلك عبر حراكا شعبيا عارما مناهض لسياستها الاستكبارية وممارساتها اللا إنسانية وتفرقتها العنصرية التي لم تتخلى عنها يوما ضد جزء كبير من شعبها الحاملين للجنسية الأمريكية وهم من أصول افريقية بعد أن ضاق حالهم من جرائمها العنصرية في حقهم والتي لم تتوقف يوما من الأيام
هذا الحراك الشعبي خرج في إحتجاج على جريمة عنصرية كبرى في الدستور الأمريكي أسفرت عن مقتل مواطن أمريكي من أصول افريقية هو جورج فلويد لحظة اعتقاله من قبل الشرطة وهو مستلقي على الأرض بسبب وضع أحد أفراد الشرطة رجله على عنقه والضغط عليها وعدم الاستجابة لاستغاثته بالشرطة واخباره لهم بعدم قدرته على التنفس قبل لحظات من مفارقته للحياة، كما ظهر في مشاهد الفيديو التي صورت الحادث وتم تداولها في القنوات الفضائية وفي صفحات التواصل الاجتماعي.

هذا الحراك الشعبي الأمريكي بدأ من ولاية مينيسوتا التي وقعت فيها الجريمة وتتابع بعد ذلك بيوم في بقية المدن بمختلف الولايات، وبدايته تشبه بداية ما سمي بثورات الربيع العربي مطلع العام 2012م وتطور كما تطورت في الدول العربية حتى شملت معظم المدن الأمريكية الكبرى ووصل المحتجون إلى اقتحام البيت الأبيض في العاصمة واشنطن.

النظام الأمريكي واجه هذا الحراك بنفس الطريقة التي واجهت بها تلك الأنظمة العربية المتجبرة احتجاجات شعوبها بالعنف والقمع والاعتقالات وبشرطة مكافحة الشغب وإطلاق العيارات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع وبالضرب وغيره وكذلك ايضا فقد هدد ترامب بتدخل الجيش اذا لم تتمكن السلطات المحلية في الولايات من التعامل مع الاحتجاجات إضافة إلى ذلك فقد مارس ترامب الضغط على بعض الموظفين البيض لتقديم استقالتهم في محاولة لإمتصاص غضب الشارع وأول مستقيل هو كبير محامي الإف بي أي تحت ضغوط ترامب عليه كما تم
إعلان حظر تجول في لوس أنجلوس وفيلادلفيا وأتلانتا ومدينة سياتل في محاولة من النظام الأمريكي لقمع حريات الشعب ومصادرة حقه في التعبير والاحتجاج.

إذن فيمكن القول بأن بداية ثورة الربيع الأمريكي متطابقة تماما مع بداية الثورات ضد الانظمة المجرمة العربية تلك الثورات التي استغلها النظام الأمريكي لتنفيذ مؤامرات ضد بعض الشعوب العربية ودعم فيها الأطراف العميلة لها التي تتحرك وفق رؤيته وتوجيهه بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة وكان من أهم أهداف تلك المؤامرات القضاء على الأطراف المناهضة لسياسة النظام الصهيو أمريكي وتقسيمها الى كنتونات صغيرة طبقا للولاءات التي يتمخض عنها انتاج صراع مستمر فيها كالطائفية والمذهبية والقبلية وغيرها ووفقا لسياسة فرق تسد كما فعلت في اليمن وسوريا على سبيل المثال

الغريب أن الحراك الشعبي الأمريكي الأسود رفع لافتات منددة للنظام الأمريكي كتب عليها عبارات تدل على مؤامرات النظام الأمريكي في البلدان العربية مثل عبارة (لسنا عرب لتقتلونا ونسكت ) ما يعني أن الشعب الأمريكي بمختلف فئاته يدرك جرائم نظامه في حق الشعوب العربية، وهو ما يجعلنا نتساءل عن سبب سكوتها عن جرائم نظامهم

واذا كانت ثورات الربيع العربي قد أفرزت متغيرات عديدة فإن التساؤل الملح والذي يفرض نفسه الآن هو ما هي المتغيرات التي سيفرزها الحراك الأمريكي وهل سيستمر؟
هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة؟

You might also like