تجربةٌ مع قناةِ الغدير

إب نيوز ٢٦ يونيو

بقلم_أحمد أبو زهري

 

كنتُ منهمكاً في اعداد مسودةٍ خاصةٍ بدراسةِ الدكتوراة في مجالِ القانونِ الدولي حتى جاءني اتصالٌ من خيرِ بقاعِ الأرضِ (العراق)، ليتحدّثَ معي حينها شخصٌ بلطفٍ شديدٍ، وحاورني كمحترفٍ في الاقناعِ، وقد حسبتُه في هذه اللحظةِ شخصاً يعملُ في المجالِ الدبلوماسي، فقدْ غلبَ ذلك على طريقتِه وأسلوبِه.

 

ليُعرِّفَ عن نفسِه في هذا السياقِ أنَّه رسولٌ من قناةِ الغديرِ مكلفٌ بالتواصلِ معي بحكمِ موقعِه الوظيفيِ كمديرٍ للعلاقاتِ العامةِ للقناةِ، شارحاً توجهاتِ القناةِ ورسالتَها الساميةَ في تغطيةِ الشأنِ الفلسطينيِ ودعمِ مشروعِ المقاومةِ في فلسطين، بتغطيةٍ متواصلةٍ من القناةِ التي تضعُ ضمنَ أولوياتِها الملفَ الفلسطينيَ كأولويةٍ في برامجِها ونشراتِها.

 

الحقيقةُ هالني وأسعدني ما يقولُ لأسبابٍ كثيرةٍ؛ فالقناةُ لديها حضورٌ وبصمةٌ كبيرةٌ في العراقِ وعديدٍ من الدولِ وقدَّمَتْ تضحياتٍ من طواقمِها وخاطرَتْ في ظروفٍ حرجةٍ لمواصلةِ العملِ وهي تكشفُ الإجرامَ والعدوانَ الأمريكيَ، وتفضحُ الدورَ الخبيثَ لبعضِ الأنظمةِ في المنطقةِ، وتقفُ كمنارةٍ إعلاميةٍ صادقةٍ في مواجهةِ العدوانِ الصهيوأمريكي.

 

وحينها أوشكَتْ المكالمةُ على الانتهاءِ بالموافقةِ، لأجدَ بعدَ ذلكَ طاقمَ أخبارٍ يتربعُ على رأسِهِ شخصيةٌ ديناميكيةٌ راقيةٌ راكمَتْ من الخبرةِ والمعرفةِ ما يجعلُك تُنصِتُ طويلاً لتنهلَ من الفائدةِ، فمنذُ اللحظةِ الأولى بدأَتْ التوجيهاتُ والنصائحُ لي لتصقلَ شخصيةَ المراسلِ في عملي كوني أفردْتُ اهتماماً خاصاً بكتابةِ المقالاتِ، واهتممتُ بالتحليلِ السياسيِ وكنتُ معنياً بمواصلةِ النشرِ في صحفٍ عربيةٍ وفلسطينية.

 

وما أدهشني في هذه القناةِ التزامُها الإنسانيُ والأخلاقيُ مع موظفيها وخصوصاً (المراسلين) فبعدَ أنْ اجتاحَ الوباءُ عواصمَ العالمِ وأُغلِقَتْ المنافذُ في العراقِ وحُظِرَ التجوالُ، يفاجئني المديرُ العامُ للقناةِ والذي لمْ أقابلْه يوماً ولم أتشرفْ بمعرفتِه من قبل بإصدارِه التوجيهاتِ العاجلةِ بصرفِ راتبي؛ لخصوصيةِ الظروفِ في فلسطينَ ويتحركُ حينها ذاك الرجلُ الذي كلفني أولَ الأمرِ مخاطراً بحياتِه وكاسراً للقيدِ والحظرِ لإحالة المبلغ، وقد اعتذرَ في حياءٍ، يقولُ: تفضلْ يا عزيزي، عسى ألّا تكونَ القناةُ تأخرَتْ.

 

مَنْ علمَكم هذا يا غديرَ العراقِ، وكيف وصلتم لهذه الدرجةِ من الرقيِ، هنيئاً لفريقِكم ولمن عملَ معكم يوماً، فما تقومون به يجعلُكم تتقدمون نحو الصدارةِ في المشهدِ الإعلاميِ تحتَ توجيهِ مديرٍ عامٍ، حينما شاهدْتُ صورتَه لأولِ مرةٍ أدركْتُ أنَّه وزيرٌ للإعلامِ، وليس مديراً عاماً؛ لقيافتِه ولباقتِه وحضورِه.

You might also like