عطوان :ثلاث هجمات “مجهولة” تستهدف منشآت نووية وباليستية حساسة في العمق الإيراني في غضون أسبوع.. اتهامات “غير مباشرة” لامريكا وإسرائيل.. هل انتقلت المعركة من سورية الى الأراضي الإيرانية؟

إب نيوز ٤ يوليو

عبدالباري عطوان :ثلاث هجمات “مجهولة” تستهدف منشآت نووية وباليستية حساسة في العمق الإيراني في غضون أسبوع.. اتهامات “غير مباشرة” لامريكا وإسرائيل.. هل انتقلت المعركة من سورية الى الأراضي الإيرانية؟ وما هي احتمالات الرد وأين ومتى؟

تعرضت ايران الى ثلاثة هجمات على مناطق حساسة جدا في اقل من أسبوع، الأول كان مبنى في مجمع نطنز النووي المخصص لتخصيب  اليورانيوم، والثاني استهدف منطقة انفاق تضم معامل لانتاج الصواريخ الباليستية، اما الثالث فتسبب في اشعال حريق في محطة “مدحج زرعان” للغاز في مدينة الاهواز جنوب غرب ايران حسب البيانات الرسمية.

 التفاصيل حول هذه الانفجارات، وحجم الاضرار الناجمة عنها، والجهات التي تقف خلفها، ما زالت شحيحة جدا بسبب حساسية المواقع المستهدفة وسريتها، وحالة التكتم الرسمية، ولكن هناك تسريبات تتحدث عن هجمات “سبرانية” وعدم استبعاد حدوث اختراقات امنية من قبل عناصر إيرانية معارضة للنظام الإيراني، مدعومة من جهات خارجية.

أصابع الاتهام الرسمية الإيرانية تشير “تلميحا” الى الولايات المتحدة الامريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بسبب حالة القلق الشديد التي تسود البلدين من جراء برنامج انتاج وتطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية، ونجاح ايران مؤخرا في استخدام احداها في اطلاق صاروخ حمل قمرا صناعيا الى ارتفاع يزيد عن 440 كيلومترا في الفضاء، وتراجع المراقبة الدولية للمنشآت النووية الإيرانية.

***

الإدارة الامريكية شنت حملة في مجلس الامن الدولي الأسبوع الماضي لتمديد حظر السلاح الدولي على ايران الذي ينتهي رسميا الخريف المقبل، لكنها تواجه بالفشل بسبب تهديد كل من روسيا والصين، الدولتين دائمتي العضوية، باستخدام حق النقض (الفيتو) لتعطيل أي قرار بهذا الصدد.

براين هوك الممثل الخاص للرئيس الأمريكي للشأن الإيراني، اكد الأسبوع الماضي بأن دونالد ترامب عازم على شن حرب ضد ايران اذا اصبح احتمال انتاجها للأسلحة النووية حقيقيا، في تهديد تزامن مع آخر إسرائيلي ورد على لسان بنيامين نتنياهو بأن حكومته لن تسمح مطلقا بإمتلاك ايران رؤوسا نووية.

معظم المحللين الأمريكيين يرجحون احتمال اقدام الرئيس ترامب على شن حرب ضد ايران قبيل الانتخابات الرئاسية لتعزيز حظوظه في الفوز بعد تقدم خصمه الديمقراطي جو بايدن عليه بعشر نقاط في استطلاعات الرأي الأخيرة، والتغطية على فشله في مواجهة فيروس كورونا، وانتشاره الواسع في معظم الولايات المتحدة الامريكية، وتعاظم القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية.

تكثيف الهجمات في العمق الإيراني، واستهداف منشآت نووية وباليستية، سواء بأسلحة “سبرانية”، او عبر عملاء مزروعين في الداخل، تطور جديد يثير قلق القيادة الإيرانية حتما، ويشكل ضربة معنوية شديدة لها، خاصة ان رد الفعل الاولي لها انهيار كبير في قيمة الريال الإيراني (210 آلاف ريال لكل دولار).

الهجمات الإسرائيلية المكثفة على مواقع إيرانية في سورية طوال الأعوام الثلاثة الماضية، واغتيال اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ودعم رئيس وزراء عراقي (مصطفى الكاظمي) معروف بقربه منها، وعداوته للنفوذ الإيراني في بلاده، كلها فشلت في استفزاز ايران ودفعها للرد عسكريا ضد اهداف إسرائيلية او أمريكية.

من غير المستبعد ان تأتي خطوة تكثيف الهجمات ضد اهداف نووية حساسة تصعيدا جديدا لتحقيق الهدف نفسه، أي لدفع ايران لاتخاذ قرار الرد، وتكون البادئة بإشعال فتيل الحرب بالتالي، وفي التوقيت الذي يناسب كل من ترامب ونتنياهو المأزومين.

الثنائي الأمريكي الإسرائيلي اعلن الحرب على حلفاء ايران في سورية (قانون قيصر) ولبنان (ضرب الاقتصاد اللبناني وتدمير قيمة الليرة)، والهدف تجويع الشعب في البلدين وخلق حالة من الفوضى فيهما وبما يؤدي الى اندلاع شرارة حروب أهلية تطيح بالنظامين فيهما، ونزع سلاح “حزب الله” على وجه الخصوص، وتباهي جيمس جيفري المبعوث الأمريكي لسورية بالوقوف خلف هذه الحرب علنا.

لا نعرف كيف سيكون الرد الإيراني على هذه الهجمات الإسرائيلية الامريكية التي باتت تشكل احراجا للقيادة الإيرانية امام شعبها، وتعكس “انتصارا” ولو جزئيا في الحرب النفسية المتصاعدة، فهل سيكون الرد “سيبرانيا” على غرار ذلك الذي استهدف حواسيب مؤسسات المياه والمجاري الإسرائيلية قبل شهر، وكان الرد الانتقامي الإسرائيلي “السيبراني” باستهداف حواسيب ميناء رجائي لتصدير النفط، في جنوب غرب ايران، ام بالهجوم على سفن أمريكية في مياه الخليج؟ او حتى بالإيعاز للأذرع الحليفة الضاربة في لبنان والعراق وقطاع غزة، وشمال اليمن (الحوثيون) بضرب العمق الفلسطيني المحتل بزخات من الصواريخ الدقيقة؟

***

الخيارات امام القيادة الإيرانية تبدو في قمة الصعوبة، فعدم الرد قد يعني المزيد من الهجمات الأكثر خطورة مثلما حدث ويحدث في سورية، خاصة ان الأهداف الجديدة نووية حساسة في العمق الإيراني، اما المبادرة بالرد فربما توفر الذريعة التي تتطلع اليها كل من إسرائيل والولايات المتحدة لشن حرب مباشرة شاملة ضد ايران؟

من المستبعد ان يكون الخيار الإيراني هو عدم الرد، ومحاولة امتصاص هذه الاستفزازات الامريكية الإسرائيلية، لكسب المزيد من الوقت، انتظارا للحظة المناسبة، أي انتاج أسلحة نووية في ظل غياب التفتيش الدولي وتسريع عمليات التخصيب ورفع مستواها، فالسكين وصلت الى العظم مثلما يقول المثل الشعبي.

وما يجعلنا نرجح هذا الخيار بالرد الإيراني بإسقاط طائرة “غلوبال هوك” الامريكية المسيرة التي اخترقت الأجواء الإيرانية فوق مضيق هرمز، وقصف قاعدة عين الأسد الامريكية بعشرات الصواريخ انتقاما لاغتيال الحاج سليماني.

اما كيف سيكون الرد ومتى فالقرار عند السيد علي خامنئي المرشد الأعلى.. والله اعلم.

You might also like