كيف تُربي ذاتك؟

 

صفية جعفر

بطبيعة الإنسان أن يوجد ذلك الصراع مع الذات(النفس)بين اشياء تُحّيرة،واشياء تُربك خياله،فيحدث ذلك الذي ما نسمية نُحن بالحيرة ،او الضياع في هواجس النفس البشرية، مما قد يُسبب ذلك التخبط التخلي عن امور كان من الواجب القيام بها ،فنسمع ذلك الصدى الداخلي الذي يكمن في إفعل، اولا تفعل، اقول اولا اقول ،هل انا هنا واقف صحيح ام انني في المكان الخطأ؟ تساؤلات كثيرة قد تجعل من وقتك في ضياع…

هُنا فليُباغتنا الحذر من تلك النفس التي في داخلنا ،وعلينا أن نُفّرق بين وساوس انفسنا، وذلك الصوت الخفي الذي يأتي من اعماق أرواحنا الطاهرة ،يجب أن نخرج بنتيجة تهمنا فيها كل مرة ندخل في نقاشات نفسية شيطانية، نعم لا زالت الحياة بكل ملذاتها وشهواتها تحاول أن توقنعنا في مأزق الضلال اللاشعوري، فيجب أن نعلم من أعداءنا ويجب أن نأخذ عتاد الحيطة والحذر، فلنعلم أن الله لم يخلقنا لكي ننام، ونأكل، نضحك ،ونلهو ،بل جعل لخلقنا غاية سامية ؛هي عبادته وحده بلا شريك؛وفي نفس الوقت نُشرك بالله ولا نعلم، فالنفس والشيطان، والدنيا، والهوى اعداء تُلاحقنا في كل مكان، وفي اي زمان…

ولتكون بعيد عن تلك الأعداء وتتجاوز الخطر يجب أن تُربي ذاتك على الصبر، والتقوى، وان تُجسد فيها حُب الله تعالى، لترتقي يجب ان تتقي الله وتتجنب الفتن حين تأمرك نفسك بشيء انت تعلم انه شهوة مخالف لأمر الله هنا يجب أن تتعلم كيف تكون صبور وتصد نفسك عن هواها، ربيها كيف تكون بعيدة عن كل التشويهات البشرية وعن كل المفخخات الشيطانية، لن تكون بتلك الصعوبة ابدا فقط تعود الاّ تُخرج من الكلام إلا الحسن ،تعود أن تكون، لبقاً فطناً لا تجرح احداً ولا تنوي الإنتقام، تذكر انها الحياة وستنتهي عودها على الحلم والعفو عند المقدره ،صبرها عن الإبتعاد عن ما حرم الله وقربها بخالقها لتستنير….

تكلم مع ذاتك بصوت لا يسمعه احد،خاطبها وهذبها، فحينما تُحاسبها ستكون هُنا قد عملت ماهو واجباً عليك، تعلم وعلمها الحياة تجارب، فلتحذر من أن تُعاد في حياتك نفس التجارب وانت تعيد نفس الموقف، رتب افكارك تمهل وتنفس ببطء ولا تعجز ،لا تكون كمثل الشخص نفسه الذي يُعاد له المشكله من جديد كل مرةً فلا يستخرج الدروس والعبر ،فيتكرر موقفه وتتكرر جروحه فلا يسلم ولا يغنم ولا يعي ما يحصل، لو جهلنا ما يدور حولنا لا ضير ولا اسف، ليس كل شيء في الحياة يستمر ولا كل شيء بمجرد البُعد يندمل، لا تجعلوا للشيطان إلى قلوبكم سبيلا، ولا تجعلوا للدنيا إليكم طريقا ولا تتبعوا الهوى فتكونوا ممن كان امره فُرطا ،فما تُغني عنك هذه الأشياء يوم لا ينفع مال ولا بنون…

الحياة احقر من أن نُعبّد انفسنا لها، فلتكن كل خطواتك، نظراتك، كلماتك، لله وحده حتى اعمالكِ، واعمالكَ اجعلوها لله، حين تذهب لتكون عوناً لأسرتك احتسب ذلك من الله اجراً لا تنتظر التمجيدات والتحميدات لجهودك المبذولة، وانتي حين تكونين في اعمالك المنزلية اجعلي من ذلك العمل للأخرة، تذكري حين تسدي رمق زوجك، اخيك، ابنائك ،انتي هُنا تُقدمي خدمة ،عودي نفسك على حياة سعيده بعيدة عن التذمر واليأس الذي قد يؤدي الى القنوط والعياذ بالله،لا تنتظري من يشكرك، ويمدحك، فالنفس إذا مُدحت دخل الغرور وخاصةً التي تملك اللاوعي في الحياة ،فإذا دخل الغرور تُكّبر في نفسك اشياء وتُعظّم نفسك فتتحول من ذلك المتواضع إلى المغرور، فترى نفسك كبيراً ويراك الناس صغيرا…

إفتح أُفق التسامح والتصافح، قل للناس حُسناً كما تحب ان يُقال لك،لا تجرح قلب هذا وتخدش عرض هذا، وتسب ،وتشتم ،فتكون بعيداً عن ذاتك وعن الله ،وخلقه ،لتكن سعيداً حافظ على مشاعر الأخرين، وتعلم كيف تنتقي الفاظك كلماتك واحرفك كما تُحب أن يتوجه إليك الكلام الطيب، فأنت لا عليك إلا ان تكون طيب الذات ،فمن احسن تربية ذاته حسُنت حياته ،وانتثرت السعاده له بينما هو منهمك في توزيعها على الأخرين ،ولا ننسى قول الله تعالى:(ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) صدق الله العظيم…

 

You might also like