جُروحُكم دواء لكلِ جروحنا.

 

إب نيوز ٨ أغسطس

جهاد فايع

أقِفُ عاجزة أمام تضحياتكم، أمام صبركم، أمام صمودكم، أمام كل ما تعانوه وأمام تلك الجراح التي لا يتحمل أياً منا النظر إليها.

أياديٍ مبتورة، أمعاء اصطناعية، وعيونٌ قد غاب نورها، أرجلٌ يخلعونها متى ما أعاقتهم في ميادين الشرف، رؤوس قد تزاحمت بداخلها تلك الشظايا المختلفة أحجامها، أما البعض فإنه فقدَ طرفيه ولا يقدر الحراك ، والبعض الآخر لم يعد لأذنيه جدوى فلقد سلُب سمعها، وذلك الذي لم يعد يتطلع أن يرى ما بخلفه لأن اعصاب رقبته قد قدمت استقالتها .

فعن أيُ الأوجاع تتكلمون وبأي اللغات تصرخون..فإني حقا أخجل أن أشتكي من عضو يؤلمني عندما أتذكر تلك الآلام .

ومع كل هذا فإن أعينهم تفيضُ دمعاً إن رأوا تلك الانتصارات التي لم ينالوا شرف المشاركة فيها .

أصبحت قلوبهم تخفق بشدة كلما سمعوا تلك الزوامل التي سمعوها في الجبهات وتحلق مخيلاتهم إلى تلك اللحظات الجهادية ويسمعون في آذانهم تلك الأرجل التي رفّهت عن نفسها بالبرع بعد إتمام كل عملية لهم فرحا بها .

لا يزالون يهيمون في كل حرف يتفوه به علمنا وقائدنا وكأنها أولُ إطلالة له ،تشرق وتبهى صورهم كلما مضى وقت قعودهم للعلاج وكأنهم أطفال عاشوا بعيدا عن أمهاتهم وجاء اليوم الموعود للقائها .

حقا لم تكفيني ال 28حرفا لأتكلم عما جال بخاطري، عندما سمعتُ ذلك الجريح يقول أنه قد ضاق قلبهُ شوقا لاحتضان تراب تلك الجبهات واستنشاق البارود الذي يملؤها وإلى تلك الضحكات التي يعيشها هو ومن معه من المجاهدين العظماء ،
وأنه لم يتذوق مثل مذاق تلك اللقمة المبللة بالماء ولم يتذوق مثل شربة الماء تلك التي يتقاسمها مع رفيقه .

أخجل عند قولي أن البعض أنعم الله عليه بأطراف معافاة وجسد سليم ورأس يخلو من كل ألم وأذنين يسمع بهما وعينان يرى بهما عائلته وهو لا يزال في منزله لا يفكر مجرد تفكير في الالتحاق بالجبهات ولا يتطلع لأنه يضحي ولو بأصبع في سبيل الله .

سلام من الله عليكم أيها الأبطال الأشاوس يامن حفظتم عرضنا وشرفنا وكنتم لنا الجبل الشامخ الذي نتكئ عليه ونستند كلما حاول العدو غزونا واحتلالنا.

 

You might also like