عبدالباري عطوان : ما هي ابرز ثلاث نقاط وردت في خطاب السيد نصرالله الأخير؟

إب نيوز ١٥ أغسطس

عبدالباري عطوان :

ما هي ابرز ثلاث نقاط وردت في خطاب السيد نصرالله الأخير؟ ولماذا طالب أنصاره بالحفاظ على غضبهم الذي قد يحتاج اليه لمنع جر لبنان الى “حرب” ربما تكون وشيكة؟ ولماذا تزايدت الانتقادات لإدارة الحزب للشأن الداخلي بعد انفجار المرفأ؟ هل بدأت المراجعات؟

خطاب السيد نصر الله الذي القاه مساء امس الجمعة بمناسبة ذكرى انتصار حرب تموز الـ14 كان حافلا بقضايا على درجة كبيرة من الأهمية مثلما هو الحال في معظم خطاباته، لكن هناك ثلاث قضايا يجد المراقب بدا من التوقف عندها لحداثتها، ولما يمكن ان تبطنه من مؤشرات مستقبلية:

  • الأولى: التركيز على وجود مؤامرة حقيقية لإسقاط “الدولة اللبنانية” بدأت بإسقاط حكومة حسان دياب، وحاولت وتحاول اسقاط مؤسسة الرئاسة في شخص العماد ميشال عون، واكمال هذا السيناريو بإسقاط مجلس النواب اللبناني.

  • الثانية: اشعال فتيل الحرب الاهلية لنسف السلم الأهلي، وإدخال البلاد في حالة من الفوضى والفراغ السياسي والمؤسساتي بإسقاط الرئاسات الثلاث.

  • الثالثة: عدم استبعاد عمل تخريبي خارجي قد تكون خلفه دولة الاحتلال الإسرائيلي بتفجير مرفأ بيروت، ولهذا يتحتم معارضة استدعاء أي لجنة تحقيق دولية، او حتى مشاركة خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي في التحقيق في هذه الجريمة، لان هؤلاء سيعملون على ابعاد التهمة عن الدولة العبرية، وحرف نتائج التحقيقات كما حدث في تحقيقات مماثلة في ملف اغتيال رفيق الحريري.

السيد نصرالله، ومن خلال ما ورد في هذا الخطاب، يبدو اكثر انشغالا من أي وقت مضى، بإحتمالات مؤامرة اسقاط الدولة اللبنانية عبر بوابة الحرب الاهلية، ووجود قوى داخلية مرتبطة بها، وتستعجل تنفيذها وتطبيق السيناريو السوري في لبنان، ولهذا حرص اكثر من مرة على التحذير منها، دون ان يخفي في الوقت نفسه استعداده الكامل لمواجهتها بقوة وحزم ومهما كلف الامر.

توعد السيد نصر الله بعدم السكوت عن جريمة استهداف الدولة، او تفجير مرفأ بيروت، وهو الذي لم ولن يسكت عن الثأر لمقتل احد مجاهديه في سورية، و”تدفيع” اسرائيل ثمنا باهظا اذا ثبت تورطها في هذا التفجير الذي أدى الى استشهاد 200 لبناني واصابة اكثر من 6000 آخرين، وتدمير نصف بيروت، هذه اللهجة توحي بأن السيد نصرالله يملك معلومات خطيرة، ويستعد لتعاطي مختلف مع القضايا الداخلية والخارجية معا.

فعندما يطالب أنصاره، وبهذا الوضوح، كظم الغيظ، وضبط النفس، والاحتفاظ بالغضب لأنه قد تأتي الحاجة اليه “لإنهاء” محاولات جر لبنان الى الحرب، فهذا يعني ان مرحلة “التسامح” وإدارة الخد الايسر تتآكل بسرعة.

انفجار مرفأ بيروت، وطريقة التعاطي مع تطورات الشارع اللبناني، وتعاظم عمليات التطاول على المقاومة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيه اتهامات ظالمة لها، وتنمر بعض السياسيين اللبنانيين، كلها مجتمعة فتحت الباب على مصراعيه امام ظهور ظاهرة تتمثل في توجيه انتقادات الى “حزب الله” من خندق الحرص، ابرزها اهمال الوضع الداخلي، وعدم انزال الأنصار الى  الشوارع لمواجهة “المتآمرين” منذ اليوم الأول، وسمعنا شخصية بارزة في محور المقاومة مثل السيد انيس النقاش يطالب ليس فقط بضرورة تصدي الحزب للفساد والفاسدين في الدولة واجتثاثهم، وانما أيضا بأن يكون بمثابة “حكومة ظل” لمتابعة كل صغيرة وكبيرة في الدولة لمنع الترهل واستفحال الإهمال الأمني والإداري في ميناء بيروت، وبما يسمح لعميل إسرائيلي لدس قنبلة في مخزن نترات الامونيوم وتفجيره.

ختاما نقول اننا نشعر بأن “حزب الله” يقف على اعتاب مرحلة جديدة، ربما تكون “اقل تسامحا” في التعاطي مع الخصوم اللبنانيين المنخرطين في المؤامرة الامريكية لتقويض أمن لبنان واستقراره، والعمل على نزع سلاح المقاومة، والتطاول على الحزب اعلاميا، او من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بطرق خرجت عن كل الخطوط الحمراء، لتشويه صورته، واحداث البلبلة في صفوف قواعده.

عندما يقول السيد نصر الله لأنصاره احتفظوا وحافظوا على غضبكم لأننا قد نحتاج اليه في المستقبل المنظور، فإن هذا يعني نهاية مرحلة وبداية أخرى، وبأسلوب تعاطي مختلف اكثر حزما، بعد ان طفح الكيل او اوشك.. والله اعلم.

“راي اليوم”

You might also like