رجلَ المواقف، وشهيد الدفاع المقدس.

إب نيوز ١٨ أغسطس

منار الشامي

حتى أمانيهم كانت مختلفة !!
ما كانوا يبتغون جمالاً وفي أجوافهم قُبح الذنوب، ما أرادوا شهادات الماجستير أو الدكتوراة ودرجاتٍ هنا وهناك وصحائفهم فارغة من درجات الخلود، ما رأوا في الوظائف الحكومية والرتب العالية مكانةٍ إن كان المبتغى ليس لوجه الله!!
كانوا يطمحون إلى شيئٍ أرقى ومستوى أعلى أحلاماً حد السماء وأماني ترتقي بهم إلى الُعلا ..
ليس لهم هنا سعادة، مواقفهم عزم وإرادة، مرادهم الشهادة ..
كانت طموحاتهم أكثر وأكبر وأوسع من أن تكون في حدود حياة زائلة في التعاسةِ والسعادة، الحزن والفرح ، الشر والخير ، كانت أرقى من أن تتوقف في حدودِ الزوال وعلى حافةِ العدِ العكسي للموت .
لطالما رأينا في أعينهم لمعاناً غريباً يبدو أننا لم ننتبه أن ذلك البريق الذي يشعُ من أعينهم لم يكن يختلف عن النجوم التي تلمعُ في أرجاء السماء ..!!

ولنا اليوم مع إحدى الفائزين لمحةً عن حياة عاشها ومرادهُ الموت المٌنجي، ختم مواقفه البطولية وابتسامته الدائمة بالشهادة وما أعظم ..

– الــــــــشهيـــــــــــد/هيثم عبدالملك أحمد أحمد حاجز الحوثي
– المــــــــــديريـــة / حوث
– الـــمحافـــــــــظة / عمران
– الــــعـــمـــــــــــــــــر / 27 عام
– الحالة الاجتماعية /متزوج
– عــــــــدد الأولاد / ثلاثة أطفال بنتان وطفل يحمل إسم أباه الشجاع ، أبنتهُ الصغرى لم تولد إلا بعد استشهاده بعشرين يوماً
– المؤهل التعليمـي / خريج جامعة
– وظــــــيفتــــــــــــه / كاتب في محكمة المديرية

_’نبـــــــذة عـــــن الشـــــهيد ‘/

الشهيد هيثم من مواليد 1993م ، تلقى تعليمه الدراسي في مسقطِ رأسه ، نشأ في أسرة كريمة في مديرية حوث بمحافظة عمران .

_’أخــــــــلاقـــه’ /

كان هيثم في قمةِ الأخلاق وفي أعلى مراتب التواضع ، من سماتهِ العظيمة تلك الابتسامة الودية التي لاتكاد تفارقُ شفتيه، طيب القلب لحدٍ كبير فهو لم يجرح أحداً قط ، لين الجانب محباً للخير وللمساعدة نشيطاً ويحب العمل ، غيور فيما يتعلق بالحشمة ، ملتزم دينياً ، وكل من عرفهُ يشهد له بهذه الصفات السامية .

_’التـحاقه بالمســـيرة الــقرآنية ‘/

في عام2014 وبالتزامن مع أحداثِ ذيفان بعمران في الحرب مع التكفيريين آنذاك ، أبى هيثم إلا أن يتصدر الصفوف الأمامية مدافعاً عن منطقته التي شُنت عليها حرب شعواء ، فانطلق محارباً لهم مع بقية المجاهدين حتى تحررت المنطقة بشكل كامل

_’حبــــه لأعـــلام الهــــدى ‘/

أما عن حبِ فارسنا لأعلامِ الهدى فهي قصةُ عشقٍ تٌرجم بولاءٍ صادق وحبٍ عظيم فكان للسيد القائد في قلبه مكنون حبٍ كبير وعميق ، وكذلك الشهيدُ القائد لم يختلف حبهُ عن حبِ أخاه بل أسمى وأقدس حيث كان شهيدنا منذُ صغره وهو يقرأ الملازم بالرغم من أن تلك الفترة كانت لا تزال بداية انطلاقة المسيرة القرآنية في صعدة بذاك الوقت عندما كان وجود الملازم بمديرية حوث أمرُ خطير فحرص على اقتناء الملازم وقرائتها بالإضافة إلى أشرطة الكاسيت التي كانت تحتوي على أفلام الحروب المنسية في حروب صعدة الشعواء والتي تضمنت صوراً للضحايا والمنازل المدمرة التي ما بقي منها سوى الحطام ، وعن بدرِ الهدى والد القادة العظماء أسمى أبنهُ الوحيد “بدرالدين” عشقا وحباً بالسيد العلامةِ “بدرالدين بن أميرالدين الحوثي” ،

_’مـــعاناته بعــــد انطـــلاقه’ /

كان حالُ هيثم كحالِ بقية المجاهدين في حوث ، حيثُ أنهم لم يسلموا من المعاناة التي كان مرتكبها حزب الإصلاح قبل تحرير مربع المديرية من قِبل المجاهدين.

_’الــــجبهات التــــي زارهـــــا ‘/

ذيفان، نهم، إب ، تعز ، الجوف، مأرب، جيزان، نجران .

_’مــــن مــواقـفه البطـــــولية ‘/

في جبهةِ إب وفي إحدى المعارك كان شهيدنا في الصفوف الأمامية مع رفيقه المدعو”علي” حتى أن اشتدت المعركة أصابت رفيقه علي رصاصة غادرة أردتهُ شهيداً حتى سقط أرضاً فنادى بقية المجاهدين هيثم أن ينسحب كون المعركة شديدة وعلي الذي كان يبعدهم بمسافة قد ارتقى شهيداً فقابلهم هيثم بالرفض القاطع قائلاً: والذي نفسي بيده ما تركتُ علي “الشهيد”، فذهب مسرعاً إلى مكان علي آخذاً جثمانهُ الطاهر فوق جسده الطاهر مجسداً لوحةً لا توجد إلا في معارض الاصطفاء الرباني تسمى”شهيد يحمل شهيد” إلى أن أوصلهُ إلى حيث باقي الرفاق.

_’تـــــــــــنبأة بالشـــــــــهادة ‘/

يقولُ ذوي الشهيد بأنهُ كان كلما نظر وحدق في صورة رفيقه التي زين بها جدار أحد حوائط غرف منزله يبتسم إبتسامةً لم يفهموا سرها إلا عندما استشهد هيثم .
قبل ارتقاء روحهِ بيومٍ واحد وحصوله على النعيم الأبدي رأى هيثم في منامه رفيقه الشهيد أنهما يتحدثان مع بعضيهما فعندما شرع أبن عمه بأيقاضه من نومه أردف هيثم قائلاً لأبن عمه: لماذا أفقتني ليتك تركتني أهيمُ في حُلمي لقد كان حلمٌ جميل .

_’اســــــــــتشهــــــاده ‘/

استشهد الشهيد الفذّ/ بتاريخ 23/5/2020 م
الموافق آخر يوم من شهر رمضان المبارك 30/9/1441هـ
في جبهةِ مأرب بغارةٍ شنها طيران عدوان الشر الصهيوأميركي .
فعندما تمت السيطرة بشكلٍ كامل على الموقع الذي كان يقطنهُ المجاهدين كانت طائرات العدوان تباشرُ بالقصف بشكلٍ كبير وعنجهي حينئذ
قال ابن عم هيثم له : هيثم لنبرح مكاناً بعيد لا تصله نيران الطيران
هيثم: قسماً بالله ما تركنا الموقع بعد أن صببنا جلّ جهدنا لنحررهُ
ابن عمه ملحاً عليه: هيثم صدقني لن نتركه بل نبتعد قليلاً
هيثم لم يتحرك من مكانه بل بقي ثابتاً في مكانه مع رفاقه الذين استشهدوا معه إثر تلك الغارة ماعدا مجاهدٍ وحيد وهو حالياً جريح.

حكى عنهُ الجريح قائلاً:”كان هيثم يسبح ويستغفر بكثرة ويقولُ لنا أيضاً بأن نذكر الله مسبحين له ومستغفرين” بعدها عاود الطيران القصف مجدداً حتى سقطت غارةً بالقرب منهم استشهدوا بعدها .

غفت عينا الشهيد مودعاً هذه الدنيا مبتسماً كعادته .

_’مــــــــكان دفــــــــــــــنه ‘/

نالت روضةُ الشهداء بمديرية حوث شرف احتوائها جثمان الشهيد الطاهر ، بجانب صديقهِ الذي سبقه بمدة ليست ببعيدة .

_ ‘وعــــــده الـــــــــصادق ‘ /

قيل عن قلبِ الأمُ أنه الحب الذي لا ينضب وإنما دائماً يروى من ظمأوا، ففي شهرِ رمضان المبارك تقولُ أم هيثم لفلذةِ كبدها : متى العودةُ يا بني
فيجيبُ هيثم : في اليومِ الثاني من عيدِ الفطرِ المبارك
وعادةُ المؤمنين أن يوفوا بعهودهم وكذلك هيثم؛ فلقد عاد في ثاني أيام عيد الفطر المبارك إلا أن جسده فقط من عاد وأما روحهُ ففي السماء أطلقت لنفسها العنان محلقةً إلى بارئها ، فكان هذا هو الوعد الصادق الذي أوفى به بطلنا .

_’مــوقــف أهلـــــه وذويـــــــــة ‘ /

كانت واقعةُ استشهاده مؤلمة و مفاجئة نوعاً ما حيثُ وأن جميع أفراد الأسرة حزنوا عليه بالرغم أنهم يعلمون أنهُ شهيد إلا أن هكذا هو حال بني البشر “وأن العين لتدمع ،والقلبُ ليحزن” ومع هذا فقد استقبلوا الخبر بقوة وصلابة برغم الصدمة التي أصابتهم آنذاك .

وأما عن موقف والدته العظيمة فهي تلك المرأة المجاهدة التي كانت تعي جيداً ما معنى “الشهادة في سبيل الله” فكانت مقتديةً بزينب عليها السلام بكلِ ما للكلمة من معنى بالرغم من حزنها وألمها بفقدان الأبن الأكبر من الأولاد “الحنون” كما تقول ، إلا أنها كانت صابرة ومحتسبة ولم تفارق شفاهها تمتمات الدعاء واللجوء إلى الله بأن يصبرها ويمنحها الثبات في موقفها الصعب .

أن الطريق التي نمشي عليها اليوم آمنين لم تعبدها بالأمن إلا دماء أولئك الذين رأوا في أرواحهم رخيصةً في سبيل من له كلُ الغالي والرخيص، هم الواعين هم المؤمنين هم المجاهدين، هم الصادقين في زمن الزيف والتكذيب.

 

You might also like