الإمام الهادي .. نور رباني بدد أحلك الظلم !!

 

إب نيوز ٢٦ سبتمبر

بقلم/منير الشامي

لعل ما يميز اليمن وأهل اليمن عن بقية البلدان والشعوب العربية والإسلامية أنه كان إستثناء من عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وظل كذلك استثناء عبر مراحل التاريخ الإسلامي دون بقية الامصار ودون بقية الشعوب ولا يزال يحظى بالاستثناء حتى اليوم
كان أول استثناء حظي به أن أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخصه بنفسه وأخيه ووصيه وخليفته الامام علي-عليه السلام -دون سائر الامصار،وهذا الاستثناء إنما كان ولا يزال وسيظل تشريف من الله ورسوله لأهل اليمن وتكريم لهم ناهيك عن ما ورد عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أحاديث في أهل اليمن وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وكلها استثناءات اجلال واعزاز وإكبار ومحل فخر واعتزاز خالدة لنا نحن اليمنيين

ومن أهم الاستثناءات التي حظي بها أهل اليمن دوم غيرهم أيضا أن وهبهم الله علم من أعلام دينه ونجم من نجوم عترة نبيه وهو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام في لحظة مفصلية من تاريخ أهل اليمن بلغ فيها ضلال اهل اليمن منتهاه وبلغ انحرافهم عن دين الله ذروته بسبب سياسة حكم أئمة الضلال والطغاة من بني أمية وردحا من الزمن من حكم طغاة بني العباس.
فالحال الذي كان أهل اليمن عليه قبل وصول الإمام الهادي عليه السلام حال كارثي وأسوأ وضع وصل إليه اليمنيون في تاريخهم من حيث الجهل والضلال والتيه والضياع، وتفشي البغي والظلم والقتل والفجور، وانتشار البدع وتسلط الفسقة والمنافقين على رقاب الناس.

وصل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين- عليه السلام- إلى صعده واستقر بها وبدأ دعوته إلى الله منها وفيها بنى مسجده الذي لا يزال قلعة العلم والايمان حتى اليوم ، فعلم الناس ما جهلوا وبصرهم بما فقدوا، ودعاهم الى البر والتقوى، وإلى النجاة والفلاح،وأمر فيهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر وعلمهم الدين والشريعة ورفع عن عيونهم الغشاوة وعن افئدتهم ظلمة الجهل وتيه العصيان وأحق العدل فيهم وأصلح ما افسده الدهر في نفوسهم ودعاهم الى الجهاد في سبيل الله وحمل مسؤولية دين الله ومحاربة طواغيت الشيطان وارباب الفسق والعصيان فبايعوه على ذلك وخطب فيهم قائلا لهم “لكم عليا أن لا احكم فيكم إلا بكتاب الله وسنة نبيه وأن اطيع الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم وأن اقدمكم في العطاء واتقدمكم في اللقاء ولي عليكم السمع والطاعة والجهاد والنصرة” ، وبدأ في تجهيز الجيش وما إن بلغوا الألف إلا واراد التحرك بهم لكنه رأى منهم التردد فسألهم عن السبب فأجابوه لقلة عددنا فقال لهم وكيف نكون قلة ونحن ألفان ؟فاستغربوا وقالوا له لسنا سوى ألف فقال لهم انتم ألفا وأنا الف فكان لعبارته هذه أثرا في نفوسهم رفعت معنوياتهم،وضاعفت حماسهم وعظمت شجاعتهم، وعمقت ايمانهم وعززت إقدامهم وزادتهم دافعا للتحرك والانطلاق في سبيل الله لمواجهة فسق وبغي القرامطة وضلالهم وخاض مع اليمنيين أكثر من سبعين معركة لم يخسر في واحدة منها بدد بهاظلمة الجهل وقضى على أهل الفسق والنفاق وأصلح الرعية والعباد ونشر دين الله وأعلا كلمته واحياء القلوب الموتى وايقظ الغافلة منها وأفشى العدل وبنى دولة عادلة في كل المناطق التي دانت له.

وهو -عليه السلام- الذي أحيا المذهب الزيدي وجدده فلم تشغله رحلة جهاده الطويلة في سبيل الله عن تعليم دين الله وتفصيل مجمله وتفسير موجزه،وتأليف النفائس من المجلدات العظيمة في الفقه والأحكام وفي المعاملات والعبادات وفي القرآن والتفسير وفي اللغة والبيان وهو-عليه السلام- صاحب الفضل في إظهار المذهب الزيدي بحقيقته في وسطيته واعتداله ومرونته وانسجامة مع كتاب الله وهدي نبيه الصحيح ، واتزانه وكماله ونتيجة لما أضفى الإمام الهادي إلى الحق على المذهب الزيدي من بيان وتبيان سمي بالمذهب الزيدي الهادوي وجعل علماء الأمة يصفون هذا المذهب بأنه مذهب سنة الشيعة وشيعة السنة.
و أسس -عليه السلام- بهذا المذهب الدولة التي حافظت على الهوية الإيمانية لليمنيين وعلى عروبتهم الأصيلة وحصنتهم لأكثر من عشرة قرون من كل استهدافات اعداء الامة التي افقدت شعوب الامصار فيها شطرا من هويتهم الإيمانية والعربية.

ومن اوجب القول في هذا المقام أن نقول كلمة حق يجب أن يعلمها كل مسلم أنه إذا كان الإمام الهادي إلى الحق -عليه السلام- هو رائد المذهب الزيدي ومجدده الأول فإن الشهيد القائد السيد حسين -سلام الله عليه ورضوانه-هوالاستثناء الذي حظي به اهل اليمن في هذا العصر وهو المجدد الثاني للمذهب الزيدي الهادوي بمشروعه القرآني ومسيرته الثقافية التي أضفت عليه الشمولية وحولته من مجرد مذهب تقوقع على نفسه وكاد أن يتلاشى بسبب الجمود الذي اكتنفة والحرب الضروس التي شنت عليه لعقود طويلة من الزمن إلى واحة رحبة مشرقة بمشروع عظيم للأمة تجاوز حدود المذاهب وجمودها وجعل منه مظلة لكل المذاهب تجتمع تحت ظلاله القرآنية الوارفة كل المذهب ، وترحب بها، ومنصة تنطلق منها جميعا وفق رؤية قرآن

ية موحدة وبصيرة إيمانية ترتقي بهم من حدود المذاهب الضيقة إلى آفاق أنوار القرآن.

You might also like