الاحتفال بنبي الإنسانية أمر توجبه العقول السليمة، وتقبله النفوس المستقيمة.

إب نيوز ٢٤ أكتوبر
عدنان الجنيد
إذا كانت المجتمعات الإنسانية في مشارق الأرض ومغاربها تحتفل بميلاد زعمائها وقاداتها لاسيما أولئك الذين كان لهم أثرُُ كبيرُُ في تغيير مسارها إلى مافيه رقيها وسعادتها ، فكيف لا تحتفل الإنسانية اليوم بمن جاء لإنقاذها وانتشالها من أوحال الحيوانية والضياع، والرقي بها إلى سماء العقلانية والأخلاق الروحانية!!..
إنه نبي الإنسانية ورسول السلام سيدنا محمد – عليه وآله الصلاة والسلام – الذي أرسله الله تعالى إلى الناس أجمعين، وجعله رحمةً لسائر العالمين ، قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[ سبأ :28]
وقال : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء : 107]
لقد جاءهم بالقرآن الكريم ذلك الكتاب العظيم الذي فيه سعادتهم وإسعادهم، وفيه قوتهم ومجدهم وعزتهم إنْ هم ساروا على دربه ونهجه، وعملوا بآياته، واستضاؤوا بأنوار هديه وتشريعاته..
إنه لمن الواجب على الناس كافة أن يحتفلوا ويبتهجوا ويفرحوا بمولد الهداية ورسول المحبة الذي أتى ليزيل الظلم والاضطهاد عن هذا الإنسان، ويجعله عنصراً فعَّالاً في مجتمعه من خلال نشر العدل وإسعاد الآخرين ..
لم يأتِ رسول الإنسانية بالذبح كما يظن من لم يعرف حقيقة الإسلام ممن انخدعوا واغتروا بتلك الروايات المدسوسة التي وضعها أعداء الإسلام القائلين: “إن الإسلام ما انتشر إلا بالسيف والقوة” ، وزعموا أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قال :”جئتكم بالذبح ” ..
فكلامهم هذالا يمت إلى الحقيقة بصلة؛ لأن من يتدبر القرآن الكريم، ويستقرئ سيرة النبي العظيم – عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم – فسوف يعلم كذب قولهم وزيف ادعاءاتهم، فكل المعارك التي خاضها النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – إنما كانت دفاعية ، وحتى معاركه -صلى الله عليه وآله وسلم- مع اليهود وإخراجه لهم لم تكن إلا بعد أن نقضوا العهود والمواثيق، وأظهروا العداوة والكيد والإيذاء للنبي وللمسلمين، بل وهمَّ بعضهم باغتياله – عليه وآله الصلاة والسلام – مرتين وهم بجواره في ضواحي المدينة، فلم يكن له -صلوات الله عليه وآله- من بد حينها إلا القيام بإجلائهم عن المدينة تجنباً لشرهم ومكرهم، ولم يأذن لمن استأذنه من أصحابه بإكراه أولادهم -المتهودين- على الإسلام، ومنعهم من الخروج مع اليهود، ولهذا نزلت الآية الكريمة :
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖقَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ ..)[ البقرة :256]
فالله تعالى في هذه الآية منع الإكراه، وأن العمدة في دعوة الدين بيانه حتى يتبين الرشد من الغي، وأن الناس مخيرون بعد ذلك في قبوله أو تركه..
وماشرع القتال إلا لتأمين الدعوة، والدفاع عن النفس والأرض والعرض، ولكف شر الكافرين عن المؤمنين..
لهذا كان الإسلام للعرب دينَ قوةٍ؛ لأنهم مادته وعليهم أخذه، فهو دينهم لأن الله امتنَّ عليهم بنبي منهم، قال تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )[ آل عمران : 164]
لهذا يجب على أبناء هذه الأمة أن يُصدِّروا للأجانب أخلاقهم وتعاليم دينهم، حتى يقيموا عليهم الحجة، ويبينوا لهم المحجة ..
وعلى هذا نجد أن الإسلام الذي انتشر بالأخلاق والقيم مازال باقياً ومفعوله سارياً في دول شرق آسيا (أندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وأفغانستان، والهند )، بفضل اليمنيين الذين هاجروا إلى تلك البلدان فنشروا الإسلام بحسن تعاملهم ومعاملاتهم، وبأفعالهم قبل أقوالهم ، بينما الإسلام الذي انتشر بالقوة في بلاد الأندلس (أسبانيا، والبرتغال،أو مايسمى شبه الجزيرة الأيبيرية ) لم يعد له وجود هناك بسبب أن تلك الفتوحات الإسلامية -حسب تسميتهم لها- وخاصة الأخيرة التي وصلت إلى تلك المناطق في أوروبا، إنما كانت فتوحات غزو واحتلال مع كل ماكان يرافق ذلك من نهب وقتل وسلب وسبي واسترقاق للسكان غير العرب ..
إلى غيرها من الأعمال الجاهلية التى تتنافى مع تعاليم الإسلام وقيمه وسماحته..
إن العالم جميعه لو عرف جوهر الإسلام وروحه السامية، لاحتفل جميعه بمولد نبي الإسلام والإنسانية والسلام ، غير أن أعداء الله والإسلام ومن معهم من المنافقين قد جعلوا الإسلام دين إرهاب لا دين محبة وسلام، وذلك عبر أدوات تحمل عناوين إسلامية دينية..
ولكن مهما فعلوا، فإنهم فاشلون، ولن ينقلب كيدهم إلا عليهم، مصداقاً لقوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[ الصف :8]
#لبيك_يارسول_الله
#المولد_النبوي_الشريف

You might also like