عطوان : لماذا انتقلت “حرب الناقلات” بشكل مكثف من مياه الخليج الى البحر الأحمر؟ وهل استهداف ميناء جدة

إب نيوز ١٤ ديسمبر

عبدالباري عطوان :

لماذا انتقلت “حرب الناقلات” بشكل مكثف من مياه الخليج الى البحر الأحمر؟ وهل استهداف ميناء جدة وبناه التحتية النفطية اليوم للمرة الثالثة في غضون شهر تحذير لاي هجوم امريكي إسرائيلي على ايران؟ ولماذا يتزامن هذا التصعيد مع الهجمة التطبيعية المسعورة وخطط ترامب لتفجير المنطقة كرد على هزيمته؟

افاق ميناء جدة العاصمة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية فجر اليوم الاثنين على هجوم “غامض” استهدف ناقلة نفط ترفع العلم السنغافوري، وتقل 60 الف طن من البنزين، الامر الذي أدى الى اشتعال النيران في الناقلة، وتسرب نفطي، واغلاق الميناء الى اجل غير مسمى.

هذا الهجوم هو الثالث في غضون شهر، اما الهجومان الآخران، فاستهدف الأول، والأخطر الشهر الماضي، مخازن وقود تابعة لشركة أرامكو في المدينة بصاروخ كروز مجنح يحمل اسم “قدس 2” ويطير على ارتفاع منخفض لا ترصده الرادارات، والثاني استهدف ناقلة نفط يونانية في ميناء الشقيق جنوب المدينة وادى الى  اشعال النيران فيها.

لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الجديد على الميناء الاضخم في المملكة، لكن حركة انصار الله الحوثية أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي الذي ضرب مخازن شركة أرامكو ودمر ما يزيد عن 15 بالمئة من الوقود الموجود فيها، من خلال الصاروخ المذكور انطلق من صعدة وقطع مسافة 650 كم، ووصل الى هدفه دون ان تعترضه صواريخ “الباتريوت” الامريكية المتطورة، والرادارات والمنظومات الدفاعية السعودية الأخرى والمتقدمة تكنولوجيا.

***

من الواضح ان “حرب الناقلات” انتقلت من مياه الخليج الى مياه البحر الاحمر، وباتت الموانئ السعودية، سواء في ينبع في الشمال او في جدة في الوسط، وجازان في الجنوب على قمة أهدافها، الامر الذي سيشكل قلقا للسلطات السعودية والحلفاء الغربيين لان أكثر من 12 بالمئة من حجم التجارة العالمية يمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

هذا التصعيد يتزامن مع هجمة تطبيعية “مسعورة” من قبل تحالف الملكيات العربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي “واحد ثمار”  اجتماع ثلاثي في مدينة نيوم السعودية على ساحل البحر الأحمر ضم مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد والحاكم الفعلي في المملكة، وبعد أيام معدودة من هذا الاجتماع الذي نفاه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان واكدته مصادر اسرائيلية وغربية، حط جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي، ومستشاره، وعراب صفقة القرن، الرحال في المدينة نفسها أي نيوم، وطار بعدها الى الدوحة، في جولة غامضة الهدف منها فتح الأجواء السعودية امام الطائرات القطرية، في اطار مصالحة بين البلدين، ولكن مصادر غربية تتحدث عن ان احتمالات هجوم امريكي إسرائيلي ضد ايران بات وشيكا ومن قواعد عسكرية في الدولتين المتخاصمتين.

الملاحة في البحر الأحمر، وكل الموانئ الموجودة على شواطئه، والناقلات والسفن التجارية والحربية التي تخوض عبابه، باتت تحت رحمة حركة “انصار الله” الحوثية الحليف القوي لإيران، وقد تكون عوائد قناة السويس احد ضحايا هذا التهديد.

الامر الآخر الذي يستحق التوقف عنده، ما يجري تداوله من تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة، وبضغط سعودي، على وشك اتخاذ قرار بوضع الحركة اليمنية (انصار الله) على قائمة الإرهاب، وربما يكون هذا التصعيد من قبلها وضرب الناقلات في ميناء جدة رسالة تحذير قوية من الاقدام على هذه الخطوة، لما يمكن ان يترتب عليها من تبعات.

حركة “انصار الله” الحوثية وحلفاؤها ليس لديها الكثير الذي يمكن ان تخسره، فاليمن يتعرض للقصف منذ ست سنوات بأحدث الطائرات الامريكية، واكثر من ثلاثين مليون من أبنائه يواجهون الموت اما من جراء هذا القصف، او جوعا بسبب الحصار الخانق المفروض عليهم من دول التحالف، وفساد الحكومة “الشرعية”.

الرئيس ترامب، وصهره، وجناح الصقور في حكومته، او من تبقى منهم، علاوة على نتنياهو، يخططون لإشعال فتيل الحرب في المنطقة، واستهداف ايران وحلفائها، ثارا لفشلهم في تركيعها، وتغيير النظام فيها من خلال العقوبات الاقتصادية، وتوجيه ضربة استباقية لإدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطية واجهاض مهمتها في التفاوض للعودة للاتفاق النووي الإيراني.

***

قبل ثلاثة أيام حلقت قاذفتان عملاقتان امريكيتان من “طرازB52 ” في الاجواء السعودية في حماية سرب طائرات سعودي من نوع “اف 16” في رسالة تهديد واضحة لايران، واستعراض يرفع منسوب التوتر في المنطقة الملتهبة في الوقت نفسه، فهل تأتي حرب الناقلات هذه كرد على هذا الاستفزاز الامريكي، ورسالة تحذير للسعودية التي قد تكون ودولة قطر والقواعد الامريكية فيهما منصة الهجوم على ايران، تحذير من طبيعة وحجم الاخطار التي قد تلحق بهما وبناهما التحتية من أي انتقام لإيران وحلفائها في حالة اشتعال فتيل الحرب؟

الصواريخ الحوثية التي تمثل قمة جبل جليد التكنولوجيا العسكرية الإيرانية، قد لا تتوقف عند جدة وينبع وجازان وابقيق، ومن غير المستبعد ان تكون المفاجأة القادمة بضرب ميناء ايلات “الإسرائيلي” في مدخل خليج العقبة الشمالي، او حتى ضرب سفن وناقلات إسرائيلية في مياه البحر الأحمر، فمن يضرب هؤلاء بالصواريخ والطائرات، ويقدم الأسلحة لهم، عليه ان يتوقع الثأر من حيث لا يحتسب.. والأيام بيننا.

You might also like