عبدالباري عطوان : عشرة أسباب تقف وراء رفض الحوثيين وحلفائهم للمبادرة السعودية المفاجئة .

إب نيوز ٢٣ مارس

عبدالباري عطوان :

عشرة أسباب تقف وراء رفض الحوثيين وحلفائهم للمبادرة السعودية المفاجئة لوقف اطلاق النار رغم ما تتضمنه من تنازلات.. ما هي؟ وهذه هي قراءتنا لتطورات الأيام والاسابيع المقبلة عسكريا وسياسيا

فاجأت السعودية عبر وزير خارجيتها العالم بأسره بإعلان مبادرة سلام لوقف الحرب في اليمن من طرف واحد، ولكنها قوبلت بالرفض والتشكيك من قبل حركة “انصار الله” الحوثية وحلفائها، وعاد الحوار بالغارات الجوية والصاروخية بين الجانبين قبل ان تكمل هذه المبادرة الـ 24 ساعة من عمرها.

صحيح ان المبادرة السعودية تضمنت بعض التنازلات على درجة كبيرة من الأهمية مثل إعادة فتح مطار صنعاء جزئيا، وكذلك رفع حصار “مشروط” على ميناء الحديدة، ووضع العوائد من الرسوم في حساب مصرفي مشترك في المدينة، ولكن هذه المبادرة السعودية المشروطة التي تركز على الجانب الإنساني للازمة وفصله عن الجوانب السياسية والسيادية الى مفاوضات قد تمتد لسنوات، جاءت في التوقيت الخطأ، ومحاولة لتقليص الخسائر، واعتراف مهم بفشل الحرب وعدم إعطائها النتائج المأمولة.

 

***

هناك عشرة أسباب تقف خلف هذه المبادرة بالتنسيق، او بضغط من الإدارة الامريكية الجديدة:

  • أولا: حركة “انصار الله” الحوثية التي تتقدم قواتها في مأرب، وان بشكل بطيء بسبب ضخامة التحالف الذي يتصدى لها، والقصف الجوي السعودي، لا يمكن ان تنخرط في أي مفاوضات او وقف لإطلاق النار الا بعد السيطرة على هذه المدينة التاريخية، والغنية جدا باحتياطات النفط والغاز.

  • ثانيا: ترى الحركة، مثلما قال لنا مسؤول كبير فيها، ان الثقة في الطرف السعودي شبه معدومة، ان لم تكن معدومة بالكامل، وحديثه عن فتح مطار صنعاء جاء مشروطا ومحدودا مما يعكس استمرار سيطرتهم عليه، وبالتالي يمكن اغلاقه في أي لحظة كورقة ضغط في حال تعثرت المفاوضات.

  • ثالثا: الضمانات الدولية ليس لها أي قيمة، فالتصاريح التي كانت تصدرها الأمم المتحدة من خلال مقرها في جيبوتي للسفن لدخول ميناء الحديدة لم يتم احترام معظمها على الاطلاق، وهناك 14 سفينة تتواجد حاليا قبالة الميناء محملة بالوقود والبضائع والأغذية وتحمل تصريحا بالدخول ما زالت تنتظر “الرحمة” السعودية.

  • رابعا: ربط الملف الإنساني بالملف العسكري الذي كان احد ابرز بنود المبادرة السعودية لم يكن موضع قبول من قبل الطرف الحوثي، لانهم يرون ان فك الحصارات عن المطارات والموانئ حق لعشرين مليون مدني يمني وليس له علاق بالحركة، ولا يجب ان تكون له علاقة بالحرب، ففي معظم الحروب المماثلة ظلت المطارات والموانئ مفتوحة.

  • خامسا: لا حديث في المبادرة عن مسألة السيادة اليمنية، والجزر اليمنية المحتلة، وانسحاب القوات الأجنبية والسعودية والاماراتية منها.

  • سادسا: إدارة حركة “انصار الله” للازمة طوال السنوات الماضية من عمر الحرب اتسمت بكفاءة عالية، وتبنيهم لسياسة الصبر الاستراتيجي طويل النفس كان لافتا ومثيرا للإعجاب في صفوف الكثير من المراقبين، وباتوا

    هم الذين يحددون قواعد الاشتباك على حد توصيف خبير عسكري غربي تحدثنا اليه في اطار التحضير لهذا المقال.

  • سابعا: يطالب الحوثيون بتعويضات مالية عن خسائر الحرب بقيادة التحالف السعودي، ولفت احدهم نظرنا الى البندين الذين طالب بهما السيد محمد الحوثي عضو القيادة، اثناء مفاوضات وثيقة الحل الشامل، وتضمنا دفع السعودية لرواتب اليمنيين لمدة عشر سنوات قادمة، اما البند الآخر فهو إعادة اعمار اليمن وتحمل كل التكاليف وجلاء القوات الأجنبية جميعا، وهما بندان رفضهما الجانب السعودي.

  • ثامنا: لا توجد في المبادرة السعودية أي إشارة لاحتياطات اليمن من النفط والغاز الموجود في جوف منطقة مأرب، وكيفية استغلالها ومصير عائداتها بالتالي.

  • تاسعا: حصول انقلاب في موازين القوى على الأرض في العامين الأخيرين من عمر الحرب لصالح حركة التحالف العربي، وترسيخ معادلة “ضربة مقابل ضربة” وصاروخ مقابل صاروخ، ومدني مقابل مدني.

  • عاشرا: الألم السعودي من الحرب بات الاضخم بعد القصف بالصواريخ الباليستية والمسيّرات الملغمة من قبل القيادة العسكرية للجيش واللجان الشعبية اليمنية للأهداف والبنى التحتية الاقتصادية السعودية (شركة أرامكو ومصافيها وموانئها) عصب الصناعة والدخل النفطي القومي السعودي في الرياض وجدة وخميس مشيط وابها وجيزان والدمام ورأس تنورة.

***

ما لا تدركه القيادة السعودية التي تملك خبرة كبيرة في تأسيس التحالفات الدولية، والانخراط في المحاور الإقليمية والعالمية، ان اليمن اليوم غير اليمن الذي شننت “عاصفة الحزم” ضده قبل ست سنوات، وان حركة “انصار الله” الحوثية وحلفاءها باتت جزءا من تحالف قوي ان لم يكن الاقوى في المنطقة، اسمه محور المقاومة، أي انها لا تقف لوحدها، والفضل في ذلك يعود الى سوء تقدير الموقف قبل اطلاق الطائرة الحربية الأولى وصاروخها الأول بإتجاه صعدة وصنعاء.

باختصار شديد نقول ان من اشعل فتيل هذه الحرب لا يستطيع وقفها حاليا ولا في المستقبل حتى لو استخدم القنابل الذرية، ومهما قدم من تنازلات، وهنا تكمن المعضلة الكبرى بالنسبة اليه، فالمارد اليمني خرج من القمقم وبات من الصعب، بل المستحيل اعادته اليه، ولا تفاوض او قبول أي مبادرات للسلام الا بعد حسم المعركة في مأرب، بوصلة هذه الحرب ونقطة الحسم فيها، وبعد ذلك لكل حادث حديث.. والأيام بيننا.

You might also like