عبدالباري عطوان : لماذا رفعت الصين حجم ميزانيتها العسكرية هذا العام؟ وهل تتوقع حربا تشنها أمريكا

إب نيوز ٣ أغسطس

عبدالباري عطوان :

لماذا رفعت الصين حجم ميزانيتها العسكرية هذا العام؟ وهل تتوقع حربا تشنها أمريكا من أفغانستان.. ومتى وكيف؟ وما هي الأسلحة الصينية الستة المتطورة التي تقض مضاجع ادارة بايدن هذه الأيام؟ وهل سيصبح “يوان” العملة العالمية الجديدة في اقل من عشر سنوات؟

قليلون في العواصم الشرق أوسطية، والعربية على وجه الخصوص، توقفوا عند الزيارة التي قام بها وفد حركة طالبان الى الصين، والتعهد خلالها للقيادة الصينية بأنهم سيقفون في خندقها، ولن يسمحوا لأمريكا تحويل بلادهم الى منصة لزعزعة استقرار الصين، وعبر بوابة الأقلية التركمستانية المسلمة، أي الايغور، فالكثير من الدلائل تؤشر حاليا الى ان جبهة الحرب المقبلة، سواء المباشرة او بالإنابة، ستكون على الأرض الأفغانية في تكرار معّدل لنظيرتها الروسية الامريكية في الثمانينات من القرن الماضي.
إدارة الرئيس بايدن تؤمن بأن المواجهة مع الصين هي قمة أولويات أمنها القومي، وتتبنى الاستراتيجية نفسها التي وضعتها إدارة ترامب الجمهورية السابقة، مع فارق أساسي، يتلخص في ان بايدن لا يريد ان يحمّل بلاده هذا العبء وحدها، وتكوين تحالف من الحلفاء “كواد” يضمم الهند واستراليا واليايان وكوريا الجنوبية وربما اليابان ايضا، وتكون حلف “ناتو” مصغر قاعدته شرق آسيا.
أفغانستان تستمد أهميتها من حدودها المشتركة مع إقليم تركمانستان الشرقية (الايغور) وهي لسان بعرض 75 كم غرب الصين، يتمتع بجغرافيا جبلية وعرة جدا، تشبه منطقة “تورا بورا” التي استخدمها المجاهدون الأفغان والعرب وتنظيم “القاعدة” بعدها لاستنزاف القوات السوفييتية، وتأمل واشنطن ان تحولها لنقطة انطلاق جديدة للنسخة الثانية القادمة من المجاهدين العرب والمسلمين ضد الصين حسب المعلومات الامريكية المسربة حول ملامح الحرب القادمة، وهذا لا ينفي ان بحر الصين الجنوبي الذي تزوره حاملات الطائرات الامريكية بكثافة هذه الأيام (اخرها حاملة رونالد ريغان) ويشكل نقطة احتكاك قد لا يكون الجبهة الأخرى، والاهم، للصراع القادم.
يحتل الجيش الصيني المكانة الثالثة بعد نظيريه الأمريكي والروسي على قائمة اكثر الجيوش قوة في العالم، وبات مزودا بـ 350 رأسا نوويا، و48 غواصة، وآلاف المروحيات والطائرات المسيرة (درونز) والصواريخ من مختلف الابعاد والاحجام، واكثر ما يقلق واشنطن هذه الأيام 6 أمور اساسية حسب تقارير وردت في مجلات أمريكية متخصصة في الشؤون العسكرية”:
الأول: تطوير اسراب من الطائرات بدون طيار (مسيّرة) خاصة الانتحارية منها، تنسق مع بعضها البعض دون تدخل بشري، وحسب سير المعارك.
الثاني: انفاق الصين مليارات الدولارات لتطوير صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت بأكثر من 20 ضعفا، وبما يمكنها من إصابة اهداف على بعد مئات الاميال في ثوان معدودة.
الثالث: انتاج مادة “الجرامين” الأقوى 200 مرة من مادة الفولاذ، ويجري استخدامها حاليا لطلاء الصواريخ الباليستية والدبابات والمدرعات، والدروع الواقية للجنود والمروحيات العملاقة “Z10” والطائرات الحربية القاذفة والمقاتلة.
الرابع: زيادة القيادة الصينية الموازنة العسكرية بنسبة 6.8 بالمئة هذا العام ليصل حجمها الى 1.4 ترليون يوان (217 مليار دولار)، ومن المتوقع رفعها بالنسبة نفسها او اكثر في الأعوام القليلة المقبلة، مما يجعل الانفاق العسكري الصيني يحتل المرتبة الثانية في العالم بعد أمريكا.
الخامس: النموذج الصيني المسمى “ديكتاتورية التكنولوجيا” أي استخدام التكنولوجيا الحديثة في التجسس، وجمع المعلومات، والسيطرة على السكان، وتسعى واشنطن حاليا بكل الطرق والوسائل منع انتشار هذا النموذج الذي يعكس التفوق الصيني في ميدان الذكاء الاصطناعي.
السادس: إعطاء العقوبات الامريكية على الواردات، والشركات الصينية نتائج عكسية، من حيث دفع الصين للاعتماد على النفس، وتصنيع البدائل للبضائع الامريكية محليا، والاعتماد على النفس، على غرار ما فعلت ايران في مواجهة هذه العقوبات طوال الثلاثين عاما الماضية.
***
الصين هي القوة العالمية الصاعدة وبسرعة الصوت، فبعد ان حققت قفزات طويلة في ميادين النمو الاقتصادي، وبما يمكنها من الإطاحة بعرش الولايات المتحدة ودولارها من المرتبة الاولى في غضون عشرة سنوات على الأكثر، ها هي تدخل ميدان الإنتاج الحربي، وهو ما عبر عنه الرئيس الصيني في خطابه الأخير، اي انتاج حديث ومتطور جدا سيجعل منها، أي الصين، ليس فقط القوة العظمى الأقوى عسكريا، وانما على قمة قائمة الدول المصدرة للسلاح ايضا.
اتجاه شركات استثمارية غربية عديدة لشراء العملة الصينية (يوان) وسنداتها هذه الايام، والاقبال الكبير في الغرب على تعلم اللغة الصينية، وتزايد اعداد اقسام التاريخ والحضارة الصينية في الجامعات الغربية كلها تؤكد ملامح خريطة القوة في العالم في الأعوام المقبلة.
انا شخصيا نصحت اولادي ان يتعلموا اللغة الصينية، واحدهم قبل النصيحة واقتنع بها، والثاني في الطريق،  وافتخر بأن دار نشر جامعة بكين نشرت كتابي “القاعدة.. التنظيم السري”، “The secret History of Al – Qaida” باللغة الصينية قبل خمسة أعوام.. والحمد الله

You might also like