عبدالباري عطوان : تآكل اسطورة الردع العسكري الإسرائيلي بالأرقام والحقائق..

إب نيوز ١٢ أغسطس

عبدالباري عطوان :

تآكل اسطورة الردع العسكري الإسرائيلي بالأرقام والحقائق.. ما هي العبارة التي وردت على لسان بينيت وكشفت المستور؟ ولماذا بات الاجتياح البري للبنان وغزة هو الخيار الوحيد؟ وهل هذا التآكل سبب “تأخر” الرد على قصف الناقلة في بحر عُمان؟

كشف نفتالي بينيت رئيس الوزراء الاسرائيلي عن ثغرة كبرى في استراتيجية الدفاع لكيانه تسلط الأضواء على حقيقية الازمة العسكرية والمعنوية التي تعيشها “إسرائيل” في الوقت الراهن، عندما قال في مؤتمر صحافي عقده امس للحديث عن انتشار الكورونا وبشكل غير مسبوق، ونحن ننقل حرفيا، “عدم قدرة إسرائيل على شراء صواريخ للقبب الحديدية، امر خطير جدا”.
منظومة القبب الحديدية الإسرائيلية فشلت في الحالين في اعتراض معظم هذه الصواريخ لعدة أسباب، ابرزها استخدام “نظرية الكثرة” في الاعداد بما يفوق قدرات هذه القبب مثلما حدث في حرب غزة الأخيرة (4340 صاروخا)، وتكتيك استخدامها، أي الصواريخ” مسارات منخفضة اسوة بما فعلته حركة “انصار الله” اليمنية في قصفها لمنشآت وبنى تحتية سعودية لتجنب بطاريات صواريخ الباتريوت ثانيا، ولدقتها في إصابة أهدافها ثالثا.
التسريبات العسكرية الإسرائيلية المتكررة تدعي ان قدرة نجاح هذه القبب تصل الى 90 بالمئة، ولكن الكثير من الخبراء من بينهم مايكل ارمسترونغ اكد في دراسة نشرتها مجلة “ناشونال انترست” قبل بضعة أيام يشككون في هذا الرقم، حيث اكد البروفيسور ارمسترونغ ان هذه القبب اقل فاعلية بشكل ملحوظ خاصة امام ضربات صاروخية توجه الى اهداف قصيرة المدى.
ربما يفيد التذكير بأن بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي، طار الى واشنطن فور انتهاء حرب غزة للحصول على مليار دولار بشكل طارئ لإصلاح عيوب القبب الحديدية، والطلب من واشنطن تعويض ما خسرته من صواريخ في هذه الحرب، وبأسرع وقت ممكن، وتكرر الطلب نفسه اثناء زيارة الجنرال لويد اوستن، وزير الدفاع الأمريكي، لتل ابيب قبل أسبوعين.
الخيار الوحيد الذي بات مطروحا امام القيادة العسكرية الإسرائيلية لوقف اطلاق هذه الصواريخ من قطاع غزة وجنوب لبنان هو اجتياحهما بريا، وهذا خيار شبه مستحيل، لأنه سيكون مكلف جدا، بسبب حجم الخسائر البشرية الضخمة التي ستترتب عليه في الجانب الإسرائيلي تحديدا، بسبب وجود صواريخ الكورنيت المضادة للدبابات ذات الفاعلية العالية مثلما حصل في اجتياح غزة عام 2009، وحرب تموز في لبنان عام 2006.
***
ما نريد التوصل اليه من خلال هذا الطرح الموقف بالأرقام والحقائق ان دولة الاحتلال الإسرائيلي فقدت اهم ميزتين لها، الأولى قدرة الردع الاستراتيجي في مواجهة حربي الدورنز (المسيّرات) والصواريخ المستقبلية، والثانية عنصر المفاجأة والاخذ بزمام المبادرة في اشعال فتيل الحروب، والاعتماد على السلاح الجوي الذي فشل في حسم الحروب، وهذا ما يفسر عدم قدرتها المباشرة في الرد بشكل فاعل على الصواريخ الأربعة “المجهولة” التي قصفت مستوطنة كريات شمونة (الخالصة) في الجليل، او تنفيذ تهديداتها بالثأر من ايران المتهمة بالوقوف خلف الهجوم بالمسيرات على ناقلتها “ميرسر ستريت” في بحر عُمان حتى كتابة هذه السطور على الأقل، والتهرب بإتهام عناصر يمنية بالإقدام على هذا الهجوم بحثا عن رد “مسرحي”.
موازين القوى، وقواعد الاشتباك الحالية، لم تعد في صالح “إسرائيل” التي باتت، ورغم تهديداتها الكثيرة، عاجزة عن شن أي حرب، سواء ضد فصائل المقاومة في غزة او اليمن، او جنوب لبنان، ناهيك عن ايران، ولا نستبعد ان تتراجع في المستقبل المنظور عن هجماتها على سورية خوفا من مفاجآت لا تسرها.. والله اعلم

You might also like