كربلاء موقف .. شعب وأمة !

إب نيوز ٢٠ أغسطس

فاطمة محمد المهدي

التاريخ الهجري ارتبط بمفهوم “الهجرة”النبوية الشريفة لسيدنا محمد عليه وآله أزكى الصلاة والتسليم، وليس فحسب، نسبة إلى هجرته من مكة إلى المدينة، بل بمفهوم الهجرة إلى الله، ومع الله، وفي الله.

تبدأ السنة الهجرية بشهر محرم، وتبدأ عشرتها الأولى بذكرى هجرة الحسين ومن معه من آل البيت، رجالا ونساءا وأطفالا، ومن صحابة الحسين الأولياء سلام الله عليهم اجمعين، وتنتهي بالعاشر من محرم يوم عاشوراء، يوم كربلاء يوم الهجرة الكبرى، إنها هجرة أرواح وأجسام مؤمنة نقية تقية طاهرة، من الأرض إلى السماء، ومن الحياة الدنيا إلى الله رأسا، هجرة بدأت من منطلق بالله، وفي سبيل الله، وعلى الله و مع الله، وانتهت إلى الله؛ تحقيقا للمبدأ الإلهي لحقيقة الهجرة:{قل إن صلاتي ، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين …}.

ينبغي لنا أن نعي هذا المفهوم للهجرة، كما فعل الحسين ومن معه من آل بيت رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ونستلهم منهم في كل لحظات حياتنا المنهج والتطبيق، فنهاجر كما هاجروا، هجرة عمل وجهاد بالنفس، والمال، والثقافة، والوعي والسلوك والسلاح، في سبيل الله عز وجل، الذي خلقنا لهذه الغاية، وأن نستشعر اليوم – أكثر من ذي قبل – حجم المأساة التي عاشتها وتعيشها أمة الإسلام بل والانسانية أجمع، منذ ما يقارب 1400 سنة، مأساة التخبط والفرقة والضياع والضلال والانحراف والفتن؛ نتيجة التفريط في أعظم امتحان لهذه الأمة؛ امتحان كربلاء، اليوم الذي امتحن الله فيه الأمة؛ ليعلم حقيقة إيمانها وتصديقها وولائها لله ورسالته،
أمة تقول في بداية كل صلاة :إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، ويمتلكون الوعي في حقيقة الابتلاء:{أفحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون}.

في ذلك اليوم برز الجبت والطاغوت كله، متمثلا بيزيد ومن معه، للإيمان والحق كله، متمثلا بالحسين عليه السلام ومن معه، هذا داعيا ومهاجرا إلى الله وفي سبيله، وذاك داعيا ومهاجرا إلى الشيطان وفي سبيله، وهنا كانت لحظة الامتحان الحقيقي للأمة؛
لينظر الله في صف من ستقف، وهل هي صادقة الإيمان والولاء والعهد مع الله، أم عكس ذلك؟!وسقطت الأمة في الامتحان لحظة سقطوط أول قطرة دماء زكية من صفوف الحق فوق رمال كربلاء، وسقط إيمان الأمة لحظة سقط الحسين، أمةٌ فرطت في حق الله ورسالته بعدما بايعت وعاهدت، ماذا يميزها عن بني إسرائيل وأفعالهم وتفريطهم، وهم الذين فضلهم الله على العالمين، فكيف ستنجو الأمة من عاقبة هذا التفريط؟!

ولقد جنت الأمة، وما تزال، وستلقى عاقبة تفريطها، حتى تدرك أي ظلم ارتكبته، وتتوب عما فعلته، وتقول :{يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله}، وتثور على الجبت والطاغوت الذي هو نفسه، مهما غير إسمه أو هيئته بين قرن وآخر،فبنو أمية هم أنفسهم الإمارات، وآل سلول هم أنفسهم ال سعود، ويهود خيبر هم أنفسهم صهاينة اليوم، والخوارج هم أنفسهم الدواعش، وعندما تكون قد قامت بالتكفير عن خطيئتها وتفريطها، وصارت لائقة بتكريم وتعويض الله لها، عندها سيخرجها الله من التيه التاريخي الذي هي فيه بين الأمم، إلى النصر والعزة والتمكين .

إن الأمة اليوم، وفي ظل واقع تفرضه عليها إرادة الجبت والطاغوت الشيطاني، الأمريكي، الصهيوني، السعودي، الإماراتي، العالمي، تخضع للامتحان من جديد، وربما كفرصة أخيرة لها للتكفير عن تفريطها من قبل، فالأمة الإسلامية التي ظلت قرونا تدعو الله :{ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيله}، ابعث لنا مخلصا وهاديا، ابعث لنا حسينا هاهو الله بعث لها حسين العصر، ومسيرة العصر، وها هو اليمن جيش حسين العصر ، يخوض معركة كربلاء العصر في مواجهة ذلك الطاغوت الأعظم، وبقدر ما هو امتحان لليمن، هو امتحان للأمة، فإما أن تقف في صف حسين واليمن ضد يزيد العصر، وإما أن تقف ما بين مؤيدة ليزيد العصرومتفرجة، وتكون عندئذ حكمت على نفسها وعليها أن تستعد لعواقب موقفها من الله، ولعل الجميع نسي وعيد الله :{وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}
اليوم نحن بأمس الحاجة بل والضرورة لأن نحيي في النفوس والعقول والقلوب روح الهجرة المحمدية الحقيقية، وللواقع الوثني والصنمي والعبودي، وروح كربلاء الحقيقية، والهجرة بل والمواجهة الحسينية لواقع الجبت والطاغوت والتصدي لهما.

علينا اليوم أن لا نجعل من ذكرى كربلاء أيام مناحة وبكاء ولطم وعويل؛ بل ذكرى انتصار، فإذا صرخنا :”هيهات منا الذلة” كانت صرخة قوة وعزة وإباء وشموخ، وثورة في وجه الطغيان والظلم والخنوع، وأن نقولها في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين والمظلومين، فلنصرخ :هيهات منا الذلة والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين واللعنة على الظالمين لبيك ياحسين، سنقاتل من قاتلت ونسالم من سالمت على نهج خاتم المرسلين وسنصرخ :الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهودالنصر للاسلام.

 

You might also like