عطوان : ثلاثة أسباب تؤكد ان المسيّرات اللبنانية الثلاث التي حلقت فوق حقل غاز “كاريش” حققت أهدافها فعلا.. لماذا؟ وكيف سيكون الرد على الرد الإسرائيلي..

إب نيوز ٣ يوليو

عبدالباري عطوان :

ثلاثة أسباب تؤكد ان المسيّرات اللبنانية الثلاث التي حلقت فوق حقل غاز “كاريش” حققت أهدافها فعلا.. لماذا؟ وكيف سيكون الرد على الرد الإسرائيلي.. حربا على كل الجبهات؟ اليوم المسيّرات الاستطلاعية “البدائية” فهل ستكون الصواريخ الدقيقة الدفعة المقبلة؟
الأولى: بث القلق والرعب في صفوف المهندسين والعاملين الاسرائيليين في منصات الغاز في المنطقة الاقتصادية وتكريس شعورهم بعدم الامان، وبما يؤدي الى هروبهم في نهاية المطاف وتوقف عمليات استغلال الغاز حتى يتم التوصل الى تسوية، وهذا أمر بعيد المنال في الوقت الراهن على الأقل.
الثانية: السيد حسن نصر الله امين عام “حزب الله” تعهد في خطابه الأخير بحماية حقول الغاز اللبنانية، ومنع “إسرائيل” من سرقتها بالقوة، وضرب سفينة التنقيب اليونانية اذا استمرت في سرقة الغاز اللبناني، وها هو يفي بالعهد كعادته، وبعد يومين تقريبا من وصول الرد الإسرائيلي المتعجرف الذي حمله المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين الى الحكومة اللبنانية عبر السفيرة الامريكية دوروثي شيا.
الثالثة: التأكيد على إنتقال ملف احتياطات الغاز اللبناني من الحكومة الى المقاومة اللبنانية، لتقوم بتحريرها على غرار تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة عام 2000، والحاق هزيمة مذلة بالجيش الإسرائيلي.
عندما يقول متحدث باسم “حزب الله” في رده “المقتضب” على إسقاط الدفاعات الإسرائيلية للطائرات الثلاث “المهمة المطلوبة أُنجزت والرسالة وصلت” فإنه يعني ان المقاومة كسبت الجولة الأولى من “الحرب النفسية” على الجبهة البحرية الجديدة، واربكت العدو، وان هناك جولات عسكرية قادمة حتما، فهذه مجرد “رسالة انذار” فقط، و”فاتحة شهية” قبل الوجبة الرئيسية، ولن تكون المسيرات الثلاث هي الأولى والأخيرة، وهذا ما يفسر اعلان قيادة الجيش الإسرائيلي حالة الطوارئ، ودراسة احتمالات الرد، وهو رد سيكون مكلفا، لان الرد عليه بات جاهزا ومحسوبا بعناية، حسب مصادر عالية المستوى تحدثت الى هذه الصحيفة.
المسيّرات الثلاث التي لا تكلف الواحدة منها الا بضعة مئات من الدولارات، وجرى اسقاطها بصواريخ تصل قيمة الواحد منها الى مئات الآلاف من الدولارات، لم تُرسل حتى تعود وانما لفتح صفحة جديدة من المواجهة “الغازية” البحرية، واستفزاز الطرف الإسرائيلي ودفعه الى الرد، وبما قد يبرر اطلاق العشرات من الصواريخ الدقيقة والمسيّرات المسلحة المتطورة جدا لتدمير منصات الغاز الاسرائيلية في شرق المتوسط.
الجنرال ران كوخافي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صرح اليوم “بأن المياه الاقتصادية (اللبنانية) تقع كلها ضمن المساحة الإسرائيلية (الشرعية) و”حزب الله” يحاول المس بالسيادة الإسرائيلية بكل الطرق، ونال هذه المرة هزيمة كبرى”، مما يعني انه، وقيادته، ينفيان كليا أي حقوق لبنانية في شرق المتوسط، سواء الخط 29 ولا حتى الخط 23، في صورة من أبشع صور البلطجة والاستعلاء والاستكبار.
إسقاط ثلاث مسيّرات “بدائية” ورخيصة التكلفة لا يعني هزيمة “حزب الله”، ولا تبرر الاحتفالات الاسرائيلية “المبكرة” بالنصر، في محاولة يائسة لطمأنة المستوطنين القلقين والخائفين من اشتعال فتيل الحرب الإقليمية “الوجودية”، ومن المتوقع ان تكون على جبهات عديدة من الشرق والجنوب والشمال والآن من البحر شرقا.
***
مسؤول لبناني كبير ومقرب جدا من “حزب الله” اكد لنا في حديث خاص ليس للنشر على لسانه، ان المقاومة اتخذت قرار الحرب وتحرير الثروات البترولية والغازية اللبنانية من سيطرة الإسرائيليين، تماما مثلما حررت جنوب لبنان، وفككت الحزام الأمني واعادته للسيادة اللبنانية بقوة السلاح، ولهذا فإن ضرب سفينة استخراج الغاز من حقل “كاريش” اللبناني مسألة في غاية البساطة والسهولة بالمقارنة مع الاستعدادات بهدف التحرير الأكبر.
نقولها للمرة الأف، وبأعلى صوت، ان المقاومة اللبنانية لم تطلب إذنا من الدولة اللبنانية لتحرير الجنوب، وطرد الإسرائيليين مهانين ومهزومين منه، وهي قطعا لم ولن تطلب تصريحا لتحرير الثروات النفطية والغازية في المياه الإقليمية اللبنانية من البلطجة الإسرائيلية، بينما يتضور خمسة ملايين لبناني جوعا ولا يجدون رغيف الخبز وعلبه الحليب لأطفالهم.. والأيام بيننا

You might also like