عبدالباري عطوان : لماذا لا نستبعد تكرار سيناريو الثورة السريلانكية في العديد من الدول العربية وقريبا؟ وما هي الأسباب والدروس المستفادة؟

إب نيوز ١٠ يوليو

عبدالباري عطوان :
لماذا لا نستبعد تكرار سيناريو الثورة السريلانكية في العديد من الدول العربية وقريبا؟ وما هي الأسباب والدروس المستفادة؟ وهل سيكون لبنان المسرح الأول؟ ومن هي الدولة التالية المرشحة؟
اذا اردت ان تعرف ماذا قد يحدث في العديد من العواصم العربية في الأشهر القليلة المقبلة فما عليك الا ان تتعرف على أسباب الاحتجاجات الشعبية الهادرة التي اجتاحت العاصمة السريلانكية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، وشارك فيها مئات الآلاف من الشباب الغاضب، اقتحموا القصر الجمهوري واشعلوا النار فيه، وأجبروا الرئيس غوتابايا وشقيقه ماهيندا رئيس الوزراء على الفرار، وإعلان استقالتهم، واستعدادهم لتسليم السلطة يوم الأربعاء المقبل لمن يختارهم نواب الشعب.
⁨10 يوليو 2022⁩ بواسطة ⁨06⁩
ومن المفارقة ان فساد الرئيس السريلانكي المنتخب وشقيقه رئيس الوزراء يُعتبر “فراطة” بالنسبة الى فساد نظرائهم العرب، فكل ما تم العثور عليه من قبل المحتجين عند اقتحامهم لمنزل رئيس الوزراء ماهيندا مبلغ من العملات المحلية لا تزيد قيمته عن 48 الف دولار فقط، وقاموا بتسليم المبلغ الى الشرطة، رغم ان هذا الرجل، أي ماهيندا، يعود له الفضل بالقضاء على تمرد ثوار التاميل عندما كان وزيرا للدفاع وقائدا للجيش عام 2009 ورئيسا للبلاد بعد ذلك (حتى عام 2015)، ويحظى بشعبية ساحقة، ولكن الجوع كافر.
انتوني يلينكن وزير الخارجية الأمريكي أراد ان يوظف هذه الاحتجاجات ضد روسيا عندما قال ان للحبوب عامل حاسم في تفجير الاضطرابات في سريلانكا، وان موسكو تفرض حصارا على تصدير القمح الاوكراني، وهذه كذبة كبيرة لان اضطرابات الجوع في سريلانكا بدأت قبل اشهر من الحرب الأوكرانية، ومعظم واردات البلاد من الحبوب تأتي من الهند الجارة.
لم نبالغ اذا قلنا ان هذا السيناريو السريلانكي قد يتكرر في بعض الدول العربية التي بدأت تواجه ازمة غذاء، بسبب ارتفاع أسعار الحبوب اكثر من 50 بالمئة في الأسواق العالمية، علاوة على انخفاض حجم صادرات الحبوب نظرا للحرب الأوكرانية التي لعبت المخططات الامريكية الاستفزازية لروسيا دورا كبيرا في اندلاعها، وتوريط أوكرانيا وشعبها المغلوب على أمره فيها، وتحويلها الى أداة او ضحية لهذه المخططات.
لا نستبعد ان يقتحم الجياع العرب قصور رؤسائهم وملوكهم، وبيوت كبار المسؤولين الفاسدين في بلدانهم في الأشهر المقبلة احتجاجا على الجوع والفساد، ولكنهم سيجدون فيها مئات الملايين من العملات الأجنبية والمجوهرات، وقوالب الذهب، والتحف الباهظة الثمن، وليس مجرد 48 الف دولار في بيت رئيس وزراء سريلانكا وبطاها الذب انهى 37 عاما من ثورة المتمردين التاميل التي استنزفت ثروات البلاد، ولم يغفر له الشعب فساده النسبي وسوء ادارته.
مرة أخرى نقول “الجوع كافر” والفساد شرك، وثورات الشعوب هي النتيجة الحتمية في نهاية المطاف، ولنا في سريلانكا وثورتها احد ابرز الأمثلة.. والله اعلم.
“راي اليوم”

You might also like