مشروع انفصال اليمن.. مشروع السعودية في الماضي والحاضر”تقرير”

إب نيوز ٣ صفر /متابعات

السياسة السعودية كانت ولا تزال حريصة على إبقاء اليمن مقسما ، لمعرفتها أن بقاء اليمن موحداً قوياً ، سيكون مصدر خطر كبير على وجودها ، وتطلعاتها الاستعمارية للجزيرة العربية والمحيط العربي بشكل عام ، ومواقفها المعروفة ضد جولات الحوار اليمني الشمالي والجنوبي قبل العام 90م كانت مواقف مناهضة ورافضة لفكرة الوحدة ، وأشرف الملك سلمان أنذاك على هذا الملف وعمل على محاربة كل الجهود في تحقيق الوحدة اليمنية .

وبعد أن تم إعلان الوحدة اليمنية في العام 1990م ، غيرت المملكة استراتيجيتها السياسية للتعاطي مع هذا الملف ، وقررت أن تتماشى مع دور المؤيد لهذه الوحدة بعد أن تأكدت أن الوحدة إرادة شعب متجذرة في كيان كل اليمنيين المتطلعين الى يمن مستقل وموحد ومستقر وقوي قادر على أن يفرض معادلة القوة والتوازن في المنطقة العربية والعالم ، .

بعد حرب صيف 94 م ، انتهزت السعودية الفرصة للتقرب من الجنوب وقدمت له الدعم والمساندة التي بلغت ذروتها ، فحين أعلنت القوى الجنوبية الانفصال، سارعت السعودية ومعها دول مجلس التعاون في دعم وتأييد مشروع الانفصال الذي فشل بالهزيمة والحسم العسكري ، وهو ما اضطرت السعودية للتعامل مع الوضع الجديد، والتعامل بإيجابية مع الوحدة، ولكن هذه الأحداث جعلت السعودية تعيد التفكير في أولويات السيطرة في اليمن لتقدم ملف الحدود وممارسة الضغط على صالح في توقيع اتفاق ترسيم الحدود التي استطاعوا من خلالها ضم أجزاء كبيرة من الأراضي المثبت صلتها بالخارطة اليمنية ، منها منطقة شروره النفطية وأجزاء كبيرة من صحراء الربع الخالي ..
وفي صفقة أخرى غير معلنة تمت بالتنسيق مع صالح ، تغلغلت السعودية في أهم المحافظات الجنوبية مثل حضرموت والمهرة وظلت لسنوات متحكمة في مصادر الثروة من النفط والغاز التي اعتبرتها مصادر احتياطية تغطي التزاماتها من حجم صفقات الصادرات التي كسبت من وراءها أرباحاً خيالية .
وظلت السعودية على هذا النحو من سياسة المد والجزر ، بتأييد معلن لنظام صالح مقابل التنازلات السخية التي قدمها لهم ، وفي دعم حركات المعارضة الجنوبية وتغذية نزعات المطالبة بالانفصال ، إلى أن اشتعلت ثورات التغيير الشعبي في عدد من الدول العربية ومن بينها اليمن ، أحرقت السعودية كل أوراقها اللاعبة في المشهد السياسي الداخلي ، وفشلت فشلاً ذريعاً أمام مشروع الاستقلال الذي لم تستطع اختراقه أو إخضاعه لرغباتها وأطماعها على الإطلاق والمتمثل في حركة أنصار الله ’’الحوثيين’’ لتعلن تنفيذ عمليتها العسكرية “عاصفة الحزم” في 2015، متجهة نحو التحشيد الدولي الهائل لدعم الخيار العسكري لإخضاع الحوثيين.
وبعد أن كانت أعلنت في بداية عملياتها العسكرية عن مدة عاصفة الحزم التي لن تستمر أكثر من أسبوعين حتى تحقق كامل أهدافها، إستمرت عملياتها العسكرية الفاشلة لثمان سنوات ، والحوثي يزداد قوة وصلابة ، بينما منيت بخسارة كبرى ، ما اضطرها الى تغيير الاستراتيجية لتحافظ على مكاسبها في الجنوب من خلال تقديم الدعم للفصائل والمكونات السياسية والعسكرية في المناطق الجنوبية ، باتجاه الانفصال ، ومن خلال صفقة أبرمتها مع الامارات التي ركزت منذ بداية حملة التحالف العسكرية على تواجدها في الجنوب ودعم تيار الإنفصال مباشرة وبصورة معلنة ، فقد أوكلت لها مسؤولية العمليات العسكرية والسياسية في مناطق الجنوب.

في المقابل استثمر الانفصاليون ذلك الدعم لترسيخ وجودهم العسكري والسياسي في مناطق الجنوب، وتزايد نفوذهم ليحلق المجلس الانتقالي الجنوبي منفرداً نحو الانفصال، وبدعم إماراتي، وشكلت فصائل عسكرية مسلحة تخضع لسيادة المجلس في كل المحافظات الجنوبية وتسليم قيادتها الفعلية المباشرة للإمارات.

وبتأييد سعودي غير معلن ، كونها تعرف أن تقوية الانفصاليين في الجنوب في هذه المرحلة تعمل على تشكيل حائط صد قوي أمام تمدد الحوثيين في مناطق الجنوب ما سيحافظ على مصالحها التي تتركز معظمها في الجنوب.

الامارات شريك السعودية المنفذ لمخطط الانفصال:

في المقابل تعرف السعودية أنه ليس من مصلحتها في الوقت الحاضر انفصال جنوب اليمن أو حتى ازدهار المشروع الانفصالي؛ كون ذلك سيضعها أمام مأزق دولي كبير كونه يخالف هدفها المعلن من تدخلها في اليمن والمتمثل في إعادة ماأسمته الشرعية والقضاء على حركة أنصار الله ’’ الحوثيين’’ ولذا فهي تتعامل مع هذا الملف بحذر شديد تاركة لحليفتها الإمارات حرية التنفيذ لهذا الملف على الأرض.

وتدرك السعودية أيضاً أن الجنوب لا يمتلك مقومات الإنفصال؛ فمع أن الانفصال لا يمتلك شرعية قانونية ويتعارض مع قرارات مجلس الأمن، هناك معوقات ذاتية وموضوعية تقف أمام نجاحه، أهمها ضعف الهوية السياسية الجامعة للجنوبيين وطغيان الهويات الجهوية.
فهشاشة الهوية السياسية تمنعهم من إنشاء قيادة واحدة تسيطر على الأرض وتدافع عن نفسها أمام الأغلبية الشمالية، والتي لن تقبل بأن ينفصل الجنوب عنها، ناهيك عن التأييد الشعبي الجنوبي للوحدة، والذي ما زال مهما، وإن لم يعد مسموعا بسبب الضجيج الذي يثيره دعاة الانفصال.

يعكس المشروع الانفصالي في الجنوب جانبا من المشهد السياسي المعقد في اليمن، وهو ما يجعل السعودية تواجه خيارات صعبة وسيئة في مجملها؛ فهي لا تستطيع معارضة الانفصال وتدعمه بصورة غير معلنة ولكنها تعجز عن دعم الانفصال مباشرة، مثلما هي غير قادرة على النصر أو الانسحاب من مأزقها الذي تدرك أنها لن تخرج منه بسهولة.

موقف قيادة صنعاء من مخطط الانفصال:

كل الأحداث تؤكد أن فكرة الإنفصال في حد ذاتها فكرة لا تدعمها قيادة صنعاء بل وترفضها رفضاً قاطعاً وموقفها من كل ما يجري في الجنوب تعتبره متصل بمصير واحد مع الجنوب الذي ترى بأنه احتلال تعرف جيداً أهدافه وتبعاته ، هذا ما أكدته قيادة صنعاء في أكثر من مناسبة ،
حيث أكد الناطق باسم جماعة الحوثيين محمد عبدالسلام أن جماعته ترفض الانفصال في جنوب اليمن جملة وتفصيلا.
وفي حديث لقناة الجزيرة اكد عبدالسلام ان جماعته وخلال مؤتمر الحوار رفضت الاقاليم واكدت على بقاء اليمن موحدا.
وأكد عبدالسلام أن جماعته تقف بقوة ضد أي محاولة لشرذمة اليمن ، مؤكداً رفض جماعته إجراء أي حوار مع مايسمى المجلس الانتقالي متهما “التحالف” بتغذية الانفصال.
وأشار السيد عبدالملك الحوثي قائد أنصار الله في كلمة متلفزة له إلى تحكم قوى العدوان والخونة بالغاز والبترول في مأرب و شبوة و حضرموت وعدم الاستفادة من عوائده بـ الدولار في توفير احتياجات التجار له مما أثر على إيرادات البنك المركزي في صنعاء ، وأضاف أن العملة منهارة في المحافظات المحتلة وأن هذا دليل أن الذي يقف خلف الأزمة هو المعتدي وليس الذي في صنعاء مؤكداً أن الثورة في الجنوب هي فعل صحيح لأنها ثورة على من تسبب بالمشكلة الاقتصادية في كل اليمن، وتابع”علينا أن نثور ثورة الجياع إلى الجبهات وعلى العدو، لا أن نثور على أنفسنا.. فلنثر ثورة الجياع على عدونا الذي نقل البنك المركزي واحتل منابع ثرواتنا النفطية ومنع حركة الموانئ والمطارات.

أما حسين العزي الذي يمثل السياسة الخارجية للحوثيين عبر أيضاً في وقت سابق في رده على تدخلات بريطانيا بقوله: لم تكتف بريطانيا بما سفكته من دماء شعبنا المظلوم ففي حوار خاص مع يمنيين طلب السفير البريطاني القيام بأنشطة تخريبية ضد حكومة صنعاء في خروج -مُدان – عن مهمته كسفير وأقول له: إن زمن الأحلام المريضة قد ولّى وشعبنا الذي ضحى من أجل حريته وأمنه يستطيع سحق ذيولكم وإصابتكم بالمزيد من الخيبة ، وهو ما يؤكد أن موقف صنعاء مناهض للإنفصال منذ وقت مبكر وهو ما حذّر منه ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام في تعليقه عن التحركات التحالف السعودي في الجنوب بقوله : ما يحدث في الجنوب من حديث عن مجلس هو تجلٍ لأهداف الاحتلال الأمريكي 2017م ، وحذر مما يحدث في الجنوب واعتبره تهديداً «لوحدة أراضي الجمهورية اليمنية، ويندرج ضمن مخطط استعماري، في انقلاب ينفذه المتشدّقون بما يسمى بالشرعية الدولية المتمثلة في مجلس الأمن، والمتضمنة جميعها الحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية اليمنية، وأعتبر أن هذا إثبات آخر تقدّمه أمريكا والإمارات وكل قوى العدوان أنها هي الإنقلابية، وهي المتمرّدة على شرعية الشعوب، وشرعية أصحاب الأرض وأصحاب الحق.
واختتم عبدالسلام منشوره، بالتأكيد على أن «الشعب اليمني سيبقى شعباً واحداً موحداً، وله كامل الحق في التصدي لقوى الإحتلال والاستعمار بكل الوسائل الممكنة

You might also like