بدأ عهدها بحربٍ مع اليمن، فهل سينتهي بحربٍ مع اليمن أيضاً ؟!!

إب نيوز 28 سبتمبر

بقلم /الشيخ عبدالمنان السنبلي…
يقال أن أحد أجدادهم في الدولة السعودية الأولى و قيل في الدولة الثانية كان يوصي أو لاده بأن خير السعودية و شرها لن يأتيهم الا من اليمن .
سقطت الدولتان الأولى و الثانية على أيدي العثمانيين، لكن هذه الوصية لم تسقط من مخيلة من تبقى من بني سعود، فقد ظلوا يتوارثوها جيلاً بعد جيل إلى أن أعلن عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل قيام المملكة السعودية الثالثة في عام 1932 .
لم يمضِ عامان على قيام مملكة بني سعود الثالثة هذه حتى إقتضموا من اليمن أراضي ما كان يعرف بالمخلاف السليماني (نجران،جيزان،عسير) و التي كانت تحت سيطرة الإدريسي لتندلع على إثرها حرب 1934 بين اليمن و السعودية و التي إنهتها إتفاقية الطائف بين البلدين في العام نفسه، إلا أن تلك الوصية و برغم ذلك قد ظلت عالقة في مخيلة السعوديين و لم تبارحها، بل أنها مع الأيام قد تطورت شيئاً فشيئاً حتى أصبحت سياسةً ممنهجةً ثابتة يتم إنتهاجها تجاه اليمن .
تجلت هذه السياسة بوضوح تجاه اليمن مع قيام ثورة السادس و العشرين من سبتمبر 1962 من خلال موقف السعودية المعادي للثورة اليمنية وعدم الإعتراف بالنظام الجمهوري إلا أن جهودها المستميتة لإجهاض الثورة اليمنية قد باءت بالفشل بإنتصار الجمهورية و دخول اليمن عهدٍ جديد .
قرر ت السعودية ان تتعامل مع النظام اليمني الجديد بطريقة غريبة جداً تشبه إلى حدٍ ما نظام الوصاية ؛ وصاية و لكن من نوعٍ مختلف غير ظاهر أو معلن عن طريق تجنيد أطرافٍ و قوى يمنيةٍ سياسية و إجتماعية كأدواتٍ لها و تدفع بهم دائماً بكل وسائل الضغط المتاحة لديها إلى مراكز النفوذ و السلطة العليا تستطيع بهم التحكم بمطبخ صنع القرار اليمني و الإشراف المباشر عليه !!
بدى ذلك واضحاً في الدور السعودي المباشر الذي كان وراء حركة الخامس من نوفمبر 1968 و إسقاط نظام الرئيس السلال و المجئ بالرئيس الإرياني، إلا أن حركة التصحيح التي قادها الرئيس الحمدي في يونيو 1974 و أسقط بها نظام القاضي الإرياني قد شكلت ضربة مفاجئة لخطط السعودية في اليمن خاصةً و أن الرئيس الحمدي قد إستطاع أن يقصي كل الموالين للسعودية من كل مفاصل الدولة العليا على إعتبار أنهم كانوا يشكلون مراكز نفوذٍ تعيق حركة التصحيح التي جاء بها .
عادت السعودية إلى واجهة المشهد اليمني من جديد بعد أن نجحت في تدبير و تنفيذ مؤامرة إغتيال الرئيس الحمدي و تنصيب الغشمي رئيساً و الذي لم يدم طويلاً .
إستطاع الرئيس صالح أن يقرأ و يفهم العقلية المتسلطة السعودية مبكراً و في نفس الوقت تمكن من التعامل معهم بطريقةٍ ذكيةٍ و حذرة جداً حيث ظلت العلاقات اليمنية السعودية في عهد صالح تشهد ما بين المد و الجزر إلا أنها لم تصل إلى حد القطيعة التامة في أحلك أوقاتها، فقد ظل يوجه إليها الصفعات الواحدة تلو الأخرى دون أن يشعرهم أنه يستهدفهم إلا أن الصفعة الكبرى كانت تتمثل في تحقيق الوحدة اليمنية و التي كانت ترفض السعودية قيامها رفضاً قاطعاً بل و تحاربها الأمر الذي دفع بالسعودية إلى طرد أكثر من مليوني مغترب يمني دفعة واحدة بحجة الموقف اليمني من عاصفة الصحراء و العدوان الثلاثيني على العراق .
لم تكتفِ السعودية بذلك وبدات تتآمر على وحدة اليمن و دعمها المباشر لعملية الإنفصال في حرب صيف 94، لتتلقى الصفعة الكبرى الثانية بإنتصار و تثبيت الوحدة اليمنية .
كان يعتقد صالح أنه بتسوية الملف الحدودي بين اليمن و السعودية، فإن الأخيرة سوف تكف عن الشعب اليمني أذاها و لذلك فقد بدأت المفاوضات بين الطرفين على إثر مناوشاتٍ و تحشيدٍ حدودي بين الطرفين إنتهى بالتوقيع على مذكرة التفاهم في 1995، و إستمرت المفاوضات حتى تم التوقيع على إتفاقية جدة الحدودية في يونيو 2000 .
إلا أن الوصية المزعومة تلك كما يبدو لم تغادر أذهانهم المتبلدّة و ظلت مصدراً باعثاً لمخاوفهم حتى سنحت لهم الفرصة بتفرق أيادي أبناء سبأ و تشتت و لاءتهم بعد أن إحتدم النزاع بينهم و إستفحلت الخصومة على إثر أحداث 2011 أو ما سُمي بثورات الربيع العربي، لتجد السعودية الفرصة مناسبة لها و تبدأ تعد لعدوانها على اليمن و الذي بدأته في 26 مارس 2015 و لا يزال مستمراً حتى اليوم لعلها تزيح عن كاهلها ما تتوهمه أنه خطرٌ قد يأتيها من جانب اليمن حيناً من الدهر !!
فهل ستنجح السعودية بعدوانها على اليمن في تبديد مخاوفها الوجودية و التي مصدرها تلك الوصية المزعومة، أم أن الرياح ستأتي بما لا تشتهي سُفنهم و بوارجهم الحربية ؟!!
كل المؤشرات في الواقع حتى الآن تقول أن السعودية بعدوانها على اليمن قد أدخلت نفسها في مرحلة الشيخوخة المفاجئة و التي على ما يبدو لن تلبث بهم طويلاً و أن ساعة السقوط قد دنت و إقترب للسعودية أجلها معلناً للتاريخ أن ما بين حربي 1934 و 2015 كانت هنالك إمبراطورية بني سعود و لكنها لم تكن سوى إمبراطوريةٍ من الخواء ليستأنف التاريخ بعدها مسيرته و دورته الطبيعية و ستبقى اليمن حرةً عزيزة و لا عزاء في ممالك و مشيخات و إمارات الخواء المزخرف…
#معركة_القواصم

You might also like