السعودية و إسرائيل – التقاء مصالح أم علاقة وجود ومصير !

إب نيوز 24 مارس

بقلم/ الشيخ عبد المنان السنبلي

ظلت العلاقات السعودية الإسرائيلية منذ زراعة الأخيرة على أرض فلسطين تتسم بالسرية حيناً وحينا آخراً بما يشبه العلنية، إلا أنها في كل الأحول ظلت على قدرٍ من الثبات عند خطٍ ونقطةٍ معينة لا يمكن التراجع عنهما قيد أنملة حفاظاً على كينونة ووجود الدولتين المزروعتين في قلب الأمة العربية والإسلامية وفي أهم البقع المقدسة لدى المسلمين عموماً، فكلا الكيانين يستفيد من الآخر بموجب حسابات استراتيجية عالمية تم وضعها وتصورها بعناية فائقة وحساباتٍ دقيقةٍ من جانب القوى الإستعمارية الكبرى وعلى رأسها أمريكا .
من هنا ومن خلال مبدأ استفادة كلٍ منهما بعلاقته السرية في أغلب الأحوال مع الآخر نجد أن الإسرائيلين في صراعهم مع العرب قد استخدموا السعودية وأخواتها الدائرات في فلكها من إمارات ومشيخات الخليج على مدى عقودٍ طويلةٍ لعرقلة وتعطيل أي مشروعٍ أو توجهٍ عربيٍ جادٍ للملمة وتوحيد صف العرب بإتجاه تحرير فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني الغاصب بدءاً من وقوفهم العجيب في وجه مشروع جمال عبد الناصر القومي ومحاربته عسكرياً بشكل مباشر في اليمن خلال حقبة ستينيات القرن الماضي وسياسياً واقتصادياً في أكثر من محفل وبصورةٍ علنيةٍ بدون أي مبررٍ الأمر الذي تسبب في نكسة 67، وما جاء موقف الملك فيصل في حرب إكتوبر 73 إلا ديكوراً تلميعياً وتجميلياً متفق عليه مسبقاً مع الإسرائيلين والأمريكان في حدودٍ معينة لا يمكن تجاوزها الغرض منه تحسين صورة النظام السعودي لدى الشارع العربي بعد تعريته تماماً وكشف حقيقته في حقبة جمال عبدالناصر، وإلا لماذا لم تستهدف إسرائيل السعودية في كل حروبها مع العرب رغم قربها منها من الجهة الشمالية الغربية للسعودية ؟!
في المقابل تستغل السعودية علاقتها مع الكيان الصهيوني كضمانة لإستمرارية الدعم والرعاية والحماية الأمريكية للنظام السعودي، فالسعوديون يرون في علاقتهم مع إسرائيل انها تشكل ورقة ضغط في أيديهم بإمكانهم إستخدامها لجر أمريكا إلى حروبٍ وصراعاتٍ عسكرية في إطار تصفية حساباتٍ سعودية مع دولٍ إقليمية بالنيابة عنها كما حصل في العراق وليبيا وكاد أن يحصل في إيران وما هو حاصلٌ اليوم في سوريا واليمن .
كذلك يرى النظام السعودي في علاقته مع الكيان الصهيوني بعداً إستراتيجياً آخراً بعيد المدى حيث يجعلون من علاقتهم بإسرائيل بمثابة خط رجعةٍ لهم في حالة ما فكر الأمريكان يوماً بالإنقلاب عليهم أو التخلي عنهم بسبب وصولهم إلى نقطة عدم تحمل المزيد من أعمالهم وتصرفاتهم الصبيانية الرعناء والتي أصبحت كما هو حاصلٌ اليوم تمس أمن ومصالح الأمريكيين بشكل مباشر، وهذا ما يبرر بروز العلاقة والتعامل السعودي الصهيوني على السطح مؤخراً ولأول مرة بصورة رسمية وعلنية من خلال بعض المغازلات السياسية التي يطلقها مسئولو الجانبين تجاه الآخر في مناسبات شتى أثمرت عن تعيين الوليد بن طلال كأول سفيرٍ (فخريٍ) للمملكة في إسرائيل في الوقت الذي بدأ التململ الأمريكي الغير رسمي والإعلامي من النظام السعودي يخرج للعلن وبشكل حاد ليس آخرها موافقة الكونجرس على قانون يجيز محاكمة النظام السعودي بتهمة وقوفه خلف أحداث الحادي عشر من سبتمبر . ولذلك فإن السعوديين يراهنون على علاقتهم مع إسرائيل في الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة من خلال اللوبي الصهيوني في أمريكا في أي محاولةٍ أمريكيةٍ لمحاسبة السعودية على تورطها في الوقوف خلف الكثير من الملفات التي مست الأمن الأمريكي بشكل مباشر على إعتبار أن السعودية حليف إستراتيجي لإسرائيل في المنطقة وصديقٌ دائمٌ وقديم وهذا يفسر بالطبع انقلاب الرئيس الأمريكي (ترامب) على كل ما كان قد أعلنه تجاه السعودية خلال حملته الانتخابية العام الماضي !
من هنا أتوقع أن تشهد العلاقات السعودية الإسرائيلية في الفترة القادمة نمواً وتطوراً ملحوظاً وسريعاً قد يصل إلى التطبيع الكامل والعلني وأن السعودية ستجر أيضاً معها معظم الدول العربية إلى ذات الهدف والغاية حتى لا تكون وحيدةً في إشهار علاقتها الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل خاصةً بعد أن إستطاعت السعودية تدجين وتفريخ الحركات القومية والإسلامية المناهضة للوجود الإسرائيلي ووضعها جميعاً تحت إبطها بإستثناء أولئك الذين تحاربهم اليوم في أكثر من مكان والذين لايزالون عند مواقفهم الرافضة والمناهضة للمؤامرة الأمريكية الإسرائيلية السعودية في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها، ولا عزاء للعرب لا عزاء لفلسطين !
#معركة_القواصم

You might also like