((أيها الكناسون على قارعة الطريق اكنسوا ما شئتم فعمان لن يضرها غباركم شيئا))

 

إب نيوز 21 ابريل
تابعت وبكل أسف بعض التغريدات والمقالات خلال الأيام الماضية لمغردين وكتاب معظمهم سعوديين .. تناولت في مجملها سيل من الانتقادات الغير مبررة، وهجوما مستميتا على سياسة السلطنة المتعلقة بقيام البحرية السلطانية العمانية بتمارين ومناورات عسكرية في بحر عمان والمحيط الهندي بالاشتراك مع القوات البحرية الإيرانية الصديقة حول جاهزية الإخلاء والإنقاذ، وفحص مدى استعداد القوات البحرية للبلدين في حالة إغلاق بعض الممرات المائية في المياه الإقليمية والدولية في المنطقة.

الأمر الذي أثار -وبشكل مبالغ فيه- حفيظة مجموعة من المغردين وبعض الصحفيين السعوديين … متناسين في ذات الوقت التمارين التي تجريها أنظمتهم بين الحين والآخر في نفس السياق ومع من يسمونهم في العلن بالأعداء!!!… وأشير هنا إلى المناورات البحرية التي نفذت في شهر فبراير الماضي
والتي كان من ضمن المشاركين فيها السعودية وإيران وأمريكا إضافة إلى التمرين الذي جرى قبل فترة وجيزة بين سلاح الجو الإماراتي من جهة وسلاح جو العدو الصهيوني من جهة أخرى… ولم نقرأ أي انتقاد من هؤلاء المغردين أو الإعلامين عن مشاركة دولهم في هذه التمارين وكأن شيئا لم يكن!!
فلم تكيلون بمكيالين؟!
ولم تتعاملون تعامل ذي الوجهين؟! تتبعون سياسة دفن الرؤوس في الرمال كما تفعل النعام حين يتعلق الأمر بدولكم ومن شايعكم…. وتطلقون أقلامكم وألسنتكم بالسوء حين يتعلق الأمر بعمان وشعبها وقيادتها…. فأي خطى واهنة ضالة تتبعون وأي أجندة غريبة مريبة تنتهجون؟ ؟

والعجب كل العجب أن هؤلاء الكتاب لا يستيقظون من غفلتهم المصطنعة، ولا تنتابهم تلك الصحوة الوطنية المفاجئة والخوف على مصالح الأمة إلا عندما تقوم السلطنة بعمل لا يتوافق مع سياسة بلدانهم، فلا يفتأون من توجيه سهامهم السامة نحو السلطنة بشكل لا يوحي حتى بالحد الأدنى من العقلانية أو ذرة من الإنصاف.

فأقول لهؤلاء الصحفيين والمغردين الذين إنما يدفعهم لذلك إما انصياعا لسياسات أثبتت فشلها الذريع أمام الملأ، أو جهلاً منهم بفنون العلاقات الدولية التي استعصى التعامل معها عند أكثر دول المنطقة، في حين وفقت لها -منفردة متألقة- عمان و قيادتها الحكيمة الراشدة…. أقول لهم بأن عمان منذ عصور غابرة كانت ومازالت غير تابعة يوما ما لأي نظام خارجي ولم تكن مستعمرة من أحد ولم تستق تعليمات من أحد مهما كانت قوته العسكرية أو جبروته السياسي.. عمان مستقلة بقراراتها العمانية الخالصة التي تصنع في الداخل العماني، والتي مبدؤها الحكمة وبعد النظر التي ورثها العمانيون أبا عن جد…. لا تقلب فيها ولا تكلف فلله الحمد والمنة أن سددنا وعافانا مما ابتلي به أمثال هؤلاء من التخبط والعشوائية.. و…”ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم”.

.. وتذكروا أيها الجاهلون بأن عمان لها تاريخ وحضارة ورجال رسموا ويرسمون سياستها منذ عصور ما قبل الإسلام فلسنا كيانا جديدا ناشئا للتو مثل بعض الدول الوليدة في المنطقة التي تعيش مراهقة سياسية في تعاملها مع محيطها الخارجي وما زالت تحركها الأهواء في اتخاذ قراراتها المصيرية، وللأسف فمكابرتها منعتها من أن تتعلم وتستفيد من الحكمة العمانية ….”والله لا يحب المستكبرين”.

إن عمان وقيادتها وشعبها لا ينتظرون منكم بأن توجهوها إلى الصواب فقد بان جهلكم بعواقب الأمور، وظهرت عوراتكم السياسية للقاصي والداني…. فاستحيوا من أنفسكم وشعوبكم وعودوا إلى رشدكم ولا تغرنكم أموال أسيادكم، فالخوف كل الخوف أنهم “…سينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون….”. أما عمان فستظل منبع الحكمة والسلام فهي من ينزع فتيل الحروب في المنطقة وهي من يسعى الى وأد الفتن وهي من تنادي بوقف إراقة الدماء الذين أنتم وأنظمتكم وقودها، فمثلكم ومثل عمان كمثل “…رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” ….. أبدا لا يستوون. …

وعمان أيها المساكين لاتريد منكم الا أن ترحموا أنفسكم وتكفوا أقلامكم البائسة وأن لا تزجوا بأنوفكم المزكومة تعصبا وجاهلية في شؤوننا الداخلية فقد آذيتمونا بلا وجه حق…. فليلزم كل عاقل حدوده إن بقي هناك ثمة عقل …

ولا تنسوا -ولو أن ذاكرتكم السياسية أظن قد أصابها الخرف- بأن عمان لم تعمل ضد أي من دولكم ولم تشق الصف الخليجي كما يدعي بعض الجهله منكم .. عمان دائما وابدا مع كيانها الخليجي لم تنسلخ منه قيد أنملة…. ولكنها مستقلة بسياستها .. لأنها مع الحق وعدم التدخل في شؤون الآخرين……

إن عمان ستبقى قوية وعصية في وجه كل من تسول له نفسه أن ينال من هيبتها أو يكيد ويمكر لزعزعة أمنها واستقرارها أو أنه يريد أن يغويها عن سياستها التي تشيد بها دول العالم والمنظمات الدولية… وتذكروا إن كنتم تتذكرون أنه “…. لا يحيق المكر السيء إلا بأهله”…. فاحذروا وكفوا أيديكم وألجموا أقلامكم….. ووجهوها إلى ما فيه مصلحة المنطقة وشعوبها، خير لكم وأسلم.

إن عمان لم تنتهج العداء لأي أحد منكم لا حكومات ولا شعوب وإنما هو نهج سابق وحكم سامق ونهج رفيع عال شهد له محمد صلى الله عليه وسلم حين أثنى على خلق أهل عمان قبل 1400 عام وقبل أن يشهد له المعاصرون من شعوب المعمورة وحكوماتها، فلا يضرنا بعد ذلك ذمكم، ولا يهمنا مدحكم، فاكتبوا ماشئتم أو -بالأحرى ما شييء لكم- وليستلم من يستلم أجره وليغرق من يغرق في جهله وتبعيته العمياء فلن يكون نصيبكم إلا الويل والثبور والعار، فويل لكم مما كتبت أيديكم وويل لكم مما تكسبون.

إنكم مهما اتهمتم عمان -زورا وبهتانا- بأنها تغرد خارج السرب لأننا لم نتواطأ مع جرائمكم في أرض اليمن الشقيق ولم نلطخ أيدينا بدماء الأبرياء من أبناء العروبة والاسلام فنعم نحن نغرد خارج أي سرب تجمع على الظلم والعدوان والخسة والدناءة والتنكر لحق الجوار والعروبة والإسلام… فأجمعوا كيدكم فلن يضرنا كيدكم شيئا .. بل ستموتون بغيضكم لأن عمان ستبقى بإذن الله قائدة في المنطقة وليست مقودة وستبقى سياستها وقراراتها موزونة بميزان العقل والحكمة وحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الغير، لا سياسة (ردود الأفعال الآنية) التي لا يحكمها عقل ولا دين ولا ضمير .. وستبقى عمان بإذن الله وجهة خير وسلام لشعوب العالم أجمع تلجأ إليها الدول لتأخذ بمشورتها وتستدل برأيها ..ومنها -وقد شاهدتم وعلمتم- دولا وأنظمة لها ثقلها على الخارطة العالمية … أما انتم فلابد وأن يأتي يوم ستحاسبون فيه على جرائمكم وتعضون أصابع الندم على أفعالكم حين لا ينفع الندم، فللكون سنن وللسماء عدالة فاحذروا “… وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”..

وهنيئاً لعمان بسياساتها الحكيمة وقرارتها السديدة التي تصدر عن قناعة قائدها الفذ صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد وليس بناء على إملاءات من جهات أخرى…ولا عزاء للمقلدين والمتتبعين لأذناب غيرهم…. يسيرون على غير هدى ولا بصيرة فيتردون في مهاوي السياسة والعلاقات الدولية ويردون شعوبهم معهم بكل أسف….

ويا ليتكم اكتفيتم بذلك بل أنكم وفوق هذا تريدون لعمان ذات المصير فأنى لكم ذلك… فعمان جبل شامخ وفكر راسخ وقيادة لا يشق لها غبار…. تستلهم مجد سياستها الحاضرة من سياستها الأصيلة الضاربة في أعماق التاريخ… فكفوا أيديكم فلن تنالوا إلا الويلات عليكم وعلى شعوبكم فويل لكم مما كتبت أيديكم وويل لكم مما تكسبون…. أما عمان فهي “كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها” وإن رميت بحجارة المكر والأكاذيب الواهية فلن يقع منها إلا أطيب الثمار فينتفع بها البلاد والعباد…

فيا أيها الكناسون على قارعة طريق الدبلوماسية اكنسوا ما شئتم فالموكب العماني المهيب على هذا الطريق قد حاز شرف المقدمة ولن يضيره غباركم شيئا ففعلكم لن يضر أحدا سواكم وغباركم لن يعمي إلا عيونكم الكليلة الرمداء.

ولا نقول إلا ما قال ربنا “….. اعملوا على مكانتكم إنا عاملون، وانتظروا إنا منتظرون”
كاتب و ناشط سياسي
خميس الشحي (سلطنة عمان)

You might also like