كاتب تونسي : لأجل هذا نكتب ونهتم باليمن، فتمعنوا.

إب نيوز 27 يناير

ليس ما سنقوله في هذه السطور، هو ضرب من ضروب التكهن، ولا هو قراءة نستشفها من متابعتنا لحركات الكواكب والنجوم كما يفعل المنجمون، وكذلك ليس هو نحو من أنحاء البسط والتكسير لنصل لقراءة المستقبل كما يفعل أهل الرملوالزَيْرَجة .

بل وكما أكدنا سابقا هو محاولة منّا  لاستشراف نتائج مجريات التحركات الجماعية للأقطاب الفاعلة في داخل منطقتنا وأمتنا، ضمن ما نسميه سنن كونية إلهية، ويسميه غيرنا سنن تاريخية، لنقايس في مرحلة ثانية مجريات الواقع مع المخطط الإلهي الذي يحكم واقع البشرية، وسأنطلق في كلامي اليوم، من سؤال سألني إياه أحد الأعزة الكرام، وهو :

《《 لماذا يا سيد لا تصلنا أو لماذا لا نراك تكتب على فلسطين، بحجم ما تكتب على اليمن ؟ 》》.

وهنا أجيبه، كما أجيب كل فرد من هذه الأمة، وخاصة أولئك الذين يعيشون حياتهم ويرسمونها مع مشروع إنساني حقيقي، لا هم يعيشون ليتكون حياتهم شبيهة بحياة الأنعام وشبيهاتها  ( أكل وشرب ونمو ، ثم زواج وتكاثر، ثم أكل وشرب للاستمرار، ثم موت وفناء من الحياة الدنيا ) .

فلسطين وقضيتها التي تحتوي الأرض والناس والمقدسات، هي قضيتنا المركزية التي تنظم اليوم حركة كل حر أَبِيٍ، وكذلك تحريرها وعودتها كحق أصيل للشعب الفلسطيني وباقي مكونات أمتنا العربية والإسلامية، هو هدف مركزي من جملة الأهداف الأخرى التي  بعضها يقع قبل هدف عودة فلسطين، وبعضها الآخر يقع بعده .

وكذلك عودة كل فلسطين بدون نقيصة هو هدف لا بد لنا من العمل لتحقيقه خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة بعد التسارع الكبير للواقع وحوادثه، بحيث صح مع هذا التسارع، أن نقول أن السنوات أصبحت شهور، والشهو أيام، والأيام صارت ساعات .

غير أن هذه العودة التي نراها وننشدها ، لا تتحقق في أرض الواقع بتمامها، إلا ضمن قانون الأسباب والمسببات، لا أنّها  تتحقق من خلال قوة خارج عن القانون الذي يحكم حركة الإنسان، ولا يمكن أيضا حسب ما تعلمناه من تاريخ حركة بني الإنسان، أن تتحقق من خلال تدخل مباشر لمن خلق الكون والإنسان، وإن كان ذلك ممكن الحدوث .

بل إن عودة فلسطين  لنا كأمة تملك مشروع إنساني يتجاوز حدودها، يتم من خلال تنظيم حركتنا على وفق ما تقتضيه السنن الكونية الإلهية، والتي منها قانون لكل نتيجة مقدمات، أو لكل نصر خطوات جهادية، ولكل توفيق حركة عملية .

فمراعات لما يحكم حركتنا من قوانين، لابد لتحقيق عودة تمام فلسطين من تحضير مقدمات أو مقومات هذه العودة التي هي الأخرى في واقع حالها مقدمة لهدف آخر أكبر، ومن ضمن المقدماتالعَمَليَتِيَّة هو أن تتشكل قوة سياسية عسكرية وثقافية اقتصادية في داخل اليمن، كما ينطبق ذلك أيضا على مناطق جغرافيةأخرى، من قبيل أرض إيران والعراق وسوريا ولبنان، وباقي الدول العربية والإسلامية .

نعم،  نحن نسلم بأن هذه القوى، يختلف دورها من بلد إلى بلد، ففي بعض الدول تقتضي السنن أن تكون هذه القوة ثقافية فقط، بينما في دولة أخرى تقتضي أن تكون سياسية، أمّا في دولة ثالثة تقتضي هذه السنن أن تكون القوى المتشكِّلة فيها سياسية وعسكرية بالإضافة لكونها ثقافية واقتصادية .

واليمن كما نفهمها نحن ضمن رؤيتنا التي نستشرفها للمستقبل، تقتضي منها السنن أن تتشكل فيها قوة سياسية وعسكرية وثقافية واقتصادية أيضا .

نعم، اليمن وبلحاظ أهمية دوره المستقبلي وحجمه ومدى تأثيره المستقبلي على واقع أمتنا العربية خصوصا والإسلامية عموما،  بالإضافة إلى حدّةالميلاد العسير ليمن المستقبل، والذي نشهد ونعايش حصوله جميعا، يتطلب منّا نحن الذين ننشد العزة والكرامة أن نبذل جهدًا إضافيًا، في سبيل تسهيل ولادة يمن المستقبل، الذي نرى فيه الخير على واقع الأمة، كما كان ميلاد إيران الثورة فيه الخير الكثير على واقع أحرار هذه الأمة خلال العقود الأربعة الماضية .

وهنا أقول بصراحة، أنّ اليمن المستقبلي هو من سيكمل ركائز مشروع المقاومة داخل الأمة، بل إن الواقع بما هو عليه اليوم، يفرض أن يكون ميلاد اليمن هو بداية سقوط وانهيار خزان الطاقة للشيطان الأكبر في منطقتنا وفي العالم أجمع، فالعدو الأمريكي لديه خزان يمد جميع حركاته وغطرسته في منطقتنا وفي غيرها من المناطق بالطاقة، وبمجرد تهاوي وسقوط هذا الخزان، سوف تنهار وتخر كل كيانات هذا المستكبر الأمريكي، ومن ظمنها الكيان الصهيوني الغاصب .

ونحن فيما نراه أن اليمن هو الذي سيكون له الدور الأساس والفاعل في إسقاط هذا الخزان الذي يمد الوجود الأمريكي في منطقتنا بالطاقة ولأجل ذلك فإننا نصب جزءا كبيرا من اهتمامنا بميلاد هذا اليمن المبارك، و لأن اهتمامنا بما يحصل في اليمن هو في حقيقته في طول الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فلا عودة لتمام فلسطين، بدون الإهتمام وتقوية من سيعيد لنا كل فلسطين .

فنرجوا من الله العزيز أن يتمّ وعده للمستضعفين في الأرض، بأن يهلك الظالم المتغطرس، ويقوي المستضعف العادل .

السيد أبو جواد التونسي
حبيب مقدم .

You might also like