كاتب مصري : في اليمن رجلٌ لا يكذب ولا يفرّط.. اذهبوا إليه!!

إب نيوز ١٠ يونيو

سئمنا من التحليل السياسيّ والتنظير الاستراتيجي، فكُلُّ مَن هبَّ ودبَّ يقول ولا يعطي نفسَه فرصةً ليسمع؛ لكى يفهم.

سئمنا من كذب الإعلام العربي والعالمي المرهون للمال السفيه.

سئمنا من غياب الضمائر عن عمد، وإغماض الجفون عن يقظة، وإعلاء كُـلّ مصلحة ذاتية تخالف الضمير الطبيعي والشعور الإنْسَـاني القطري.

سئمنا حتى من الكلام والكلمات والسطور والصحف والكتب.

سئمنا الحياة بطعم الهزيمة الأَخْـلَاقية.

موضوعُ هذه السطور ليس متعلقاً بأن صنعاءَ العزيزة وأهلها الأعزاء خرجوا صياماً من أجل نصرة القدس، فكُــلٌّ أيامهم صيامٌ وعطشٌ ومرضٌ وحصارٌ منذ عده سنوات، وليست هذه السطور دعم لأهل صعدة المدمرة مدينة العلماء ولا الحديدة المحاصرة رئة صنعاء، فهم أحرارٌ ينصرون القدس أَوْ لا ينصرونها، هذا شأنهم!.

فقط أريد أن أقول:

إذا كان زعيمُ ثورة اليمنيين الشاب عبدُالملك الحوثى ورمزُهم فِي رفض إخضاع اليمن المتمرد على كُـلّ الصفقات للهيمنة الخارجية الإقليمية والدولية، إذَا كان هذا الزعيم الشاب قادرًا على إخراج كُـلّ هذه الحشود فِي العاصمة العريقة وعدة مدن تحت سيطرته لمناصرة عروبة القدس، فكيف إذن تصل أيدي تحالف العرب والسودان إلى الحديدة ثم صنعاء؟!

إنها الخدعةُ الكبرى للعرب والمستعربين والفضيحة العسكرية الأكبر للسلاح الأمريكي والبريطاني والفرنسي.

إنها العار التأريخى الذي سيلاحقُ خبراءَ وقادة الحرب العسكرين -متعددي الجنسيات- الذين عجزوا أمام عدة آلاف من المقاتلين وشعب فقير جائع ومحاصر.

ولا مجالَ للكلام عن الشرعية والعمالقة وطارق وسلفيي الوهابية ولواء تهامة ورجال حمود المخلافى والإصْـلَاح وَلاجئي المؤتمر، فهؤلاء خارج حسابات القرار أصلاً، فالكلمات أعزُّ من أن تكتب فيهم قولاً واحداً، ومهما وصلوا فلن يصلوا إلى ظل شجرة يرقد تحتها حافي القدمين العزيز الفقير محاصراً جائعاً ولكنه يرفض الارتزاق.

دخلنا على العام الرابع للعدوان وتبدل الشعار من (قادمون صنعاء) إلى (قادمون يا حديدة)!

إنها المسخرة فِي أتعس مشاهدها، لماذا أنت قادمٌ؟ ولمَ خرجت منها؟ وكيف تخرُجُ وتترك نساءَك، أمك وأختك وجدتك؟ إنها المهزلة! فلا أنت عدت إلى صنعاء ولا أنت عشت كريماً خارجها.

بالعقل..

لمن ظل يعتقد أن الحربَ هي لتحرير اليمن من الحوثي فهو كاذب ويعرف أنه يكذبُ إلا إن كان يعقل أنه يجبُ تحرير اليمن من اليمنيين، الحرب ليست من أجل الحوثي ولا من أجل الشرعية الهاربة، والعدوان ليس على الحوثي وحدَه ولا من أجل محسن وطارق، ولا حتى من أجل السعودي والإماراتي، وليس للسوداني موطئ قدم فيها! فما بالُك بغير هؤلاء وهم كثير.

بالعقل..

ما الذي يدفع السعودي لخسارة كُـلّ هذه الأموال والعتاد والتأريخ؟ إنه يخسر التأريخَ ولا يربحُ الجغرافيا. وما الذي يطيحُ بالإماراتي إلى سُقطرى إن كان يريد تحرير صنعاء؟ وما ذنب الجندي السوداني الذي يُقتل من أجل الكعبة المشرفة على سواحل عدن؟

إنه الصراع الذي هو فوق إرَادَة المتصارعين، فلا أقل من أن تتبرأ إلى الله من دماء الأبرياء.

إن الذي استطاع أن يخرج الجماهير لنصرة القدس فِي صنعاء النازفة لَقادرٌ على أن يقاتلَ حتى نهاية التأريخ؛ دفاعاً عن الحديدة، فلا أقل من البحث عن حل سياسيّ، أما خبراء العسكريات والاستراتيجيات على الفضائيات، فإلى متى يكذبون؟ وعلى من؟ إن كان على شعوبكم من أجل إهمال اليمن، ففي اليمن وفوق ترابها مَن يعرفون الحقيقة، بل وفى واشنطن ولندن وتل أبيب من يدهشهم صمود اليمنيين. ومتى ينتهى كذبكم؟ أفي اللحظة التي يأمر فيها ترامب بوقفِ الحرب لعدم جدواها؟ أم فِي اللحظة التي تقرر فيها تل أبيب المشاركة علناً فيها وهى المتهمة بالمشاركة سراً؟

وبصراحة..

إن خروجَ اليمنيين فِي ظروفهم هذه التي لا يعلم العالم عنها شيئاً، وبهذه الصورة اللافتة وبتلك الأعداد وفى عدة مدن وفى وقت واحد هتافاً لعروبة القدس لَهو أدعى لإعادة التفكير في من يجب أن يتقرر معه مصير هذه المهزلة، لا القصف سينهى معركة، ولا حشود المرتزقة ستحسمها، ولا حتى دخول الحديدة وصنعاء ذاتها سينهيها.

في اليمن رجلٌ اسمُه عبدُالملك بن بدر الدين صادق لا يكذب، ومطاعٌ لا يتجمَّـل، اذهبوا إليه ولو بنصف حَلٍّ سياسيٍّ يحفظُ كرامةَ اليمن؛ لأنَّه لن يفرط فِي ثورته.

ابراهيم سنجاب

كاتب مصري

You might also like