معلومات سرية جديدة تم نشرها من قبل المغرّد الشهير “مجتهد”، قال إنها أتت على شكل بيان صاغه مجموعة من العلماء والدعاة في السعودية، وكانوا ينوون نشره، قبل أن تعتقلهم السلطات جميعاً.

 

وأضاف “مجتهد” إن صيغة البيان التي تسرّبت له “كانت ستعلن بعد توقيع مجموعة من النشطاء والعلماء، ثم اعتقل كل الذين كان يفترض أن يوقعوا، فلم ينشر البيان”، وتابع : “ولا حاجة لذكر الأسماء، خشية الضرر”.

 

واعتبر البيان، الذي لم ينشر بسبب اعتقال الموقّعين عليه، “بقاء المعتقلين (الأمنيين) في السجون، ظلم خطير، وسبب في عقوبة إلهية، والسعي لإطلاق سراحهم واجب فوري على الجميع، وهو متعيّن على طلبة العلم والدعاة أكثر من غيرهم”.

 

هذا الكلام يعيدنا إلى النظر في المسار الذي سلكه ولي العهد محمد بن سلمان في تعاطيه مع الدائرة المحيطة به من أقرباء أمراء ورجال دين ودعاة، وكذلك الأمر بالنسبة للنشطاء، حيث تم اعتقال كل من يعارض سياسة ابن سلمان منهم أو من يشعر ابن سلمان بخطر يهدد مستقبله في العرش من قبل أيٍّ منهم، وعلى هذا الأساس بالغ الأمير الشاب في حملات الاعتقال لتطول شخصيات حساسة من داخل السعودية، وسبب ذلك يمكن إرجاعه إلى وسواسه القهري من فقدان كرسي العرش، فكان يعتمد على الضربات الاستباقية التي تطيح بكل من يقف في طريقه وتخيف الباقي، ومن هنا يمكننا الوصول إلى السؤال التالي:

 

هل أخطأ الملك سلمان بن عبد العزيز عندما أعفى ابن أخيه ولي العهد السابق “محمد بن نايف” ليعيّن مكانه نجله الأمير الشاب “محمد بن سلمان”؟!.

 

نطرح هذا التساؤل لكون إدارة السلطة داخل السعودية لا تسير على نحو جيد بعد أن أطلق الملك سلمان يد نجله في الكثير من الملفات الحساسة والتي كانت تدار في السابق من قبل عدة أمراء وليس أمير واحد، فكيف إذا كانت هذه الملفات تتعلق بالعلاقات الخارجية للسعودية واقتصادها.

 

اليوم السعودية على كفّ عفريت، كل شيء فيها مهدد على جميع المستويات “الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية” وحتى العائلة الحاكمة نفسها، وإذا بحثنا في الأسباب سنجدها تصبّ جميعها عند سياسة الأمير محمد بن سلمان، الذي أخطأ الهدف مرات عدة وذهب في اتجاهات لم يكن عليه خوض غمارها لأنها غمرته بالمشكلات وأصبح من الصعب الخروج منها ويمكننا تلخيص أبرزها بأمرين” الاعتقالات وحرب اليمن”.

 

الأولى بدأت تخرج نتائجها إلى السطح وبيان العلماء والدعاة الذي تم تسريبه ليس أولها، ولكن هذا البيان بحدّ ذاته يؤكد أن هناك غضباً عارماً بين صفوف العلماء والدعاة المؤثرين داخل السعودية تجاه سياسة ابن سلمان رغم أن الخطوة كانت تنبيهية وتحذيرية أكثر منها فعلية (تحرك على الأرض).

 

وقد حمل بيان العلماء المسرّب رسائل خطيرة فقد جاء فيه: “السعي لإزالة الظلم ليس اختياراً بل هو واجب، والتقصير فيه ليس إثماً فحسب بل يؤدي إلى العقوبة الأكيدة من عند الله لكل الأمة الساكتة عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه”.

 

وأضاف: “وبهذا فإن بقاء هؤلاء في السجون، ظلم عظيم ويجب إطلاقهم فوراً وتعويضهم عمّا أصابهم ورد اعتبارهم وإعانتهم على استعادة حياتهم ومعاقبة من تسبب في أذاهم”، وتابع: “والسعي لإطلاق سراحهم بكل الطرق المشروعة واجب فوري على الجميع بما يستطيع لأن هذا من المنكر الذي يجب أن يغيّر باليد أو باللسان أو بالقلب، والتقصير في السعي بذلك إيذان بعقاب رباني”.

 

وجاء في البيان أيضاً: “لا يخفى على أحد وجود الآلاف من المعتقلين الذين يسمون (الأمنيين) في السجون، ممن لم يقترفوا أي جريمة شرعاً ومع ذلك تعرضوا لمستويات من الظلم، كل مستوى أشد من الذي قبله”.

 

يظهر في كلام العلماء كمية الاحتقان الموجود في صفوفهم، والذي قد يولّد انفجاراً إن لم يتم التعاطي معه بحذر وعناية شديدة، لأن التعاطي بسلبية مع هؤلاء قد يعطي نتائج إيجابية بالنسبة للنظام السعودي على المدى القريب وربما يمكن تشبيهها بالمخدّر المؤقت، إلا أنّ نتائجها ستكون كارثية على النظام في المستقبل البعيد، فالتطرف لا يولد سوى التطرف.

 

وفي حال استمر ابن سلمان على هذا النهج قد يأخذ الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، وإن اندلاع أي شرارة صغيرة ستكون بمثابة كرة الثلج التي ستكبر بشكل كبير في السعودية.

 

الأمر الثاني “الحرب على اليمن”

 

يبدو أن العدوان على اليمن بات مهرباً للنظام السعودي يعمد من خلاله لتخويف الجميع، لكن الفشل العسكري ستنعكس نتائجه بشكل مضاعف، واليوم لم يعد أحد لديه نفس الثقة التي كان يكنّها لولي العهد في بداية استلامه لهذا المنصب خاصةً أن حرب اليمن طالت مدتها دون حصاد أي نتائج مرجوة منها بل على العكس أصبح أمن السعودية مهدداً أكثر من أي وقت مضى في ظل عجز القوات السعودية عن إحراز أي نصر في تلك البلاد التي تم تجويع أهلها وتهجيرهم لا لشيء يذكر.

 

ختاماً.. إنّ كل ما يجري يفسّر تأخر ابن سلمان في إقامة مراسم استلامه مكان أبيه، ولعل خطوته الجديدة التي يعمد إليها هي “صفقة القرن” التي يسعى من خلالها لتغيير المشهد العربي، ومنه السعودي.