«التحالف» و«هادي»: من الفشل في الحرب إلى صناعة الجوع .

إب نيوز ٩ اكتوبر

 

لم تفضِ نتائج المعارك الميدانية إلى انتصار حاسم في مختلف مناطق المواجهات، بين «الجيش الوطني» الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعوم من «التحالف»، والجيش و«اللجان الشعبية» التابعين لـ«أنصار الله»، إذ ما زالت رحى المعارك تراوح مكانها، وتحديداً في المناطق المحاذية للحدود بين شطري اليمن السابقين، وعلى مشارف مدينة مأرب، التي أضحت تحت السيطرة الكاملة لحزب «الإصلاح»، منذ قرابة أربع سنوات.

 

ولم يستجد في الحرب على الأرض، سوى المحاولات المستميتة من قبل «التحالف» بقيادة الإمارات من أجل السيطرة على مدينة الحديدة، الميناء الرئيس لليمن على الساحل الغربي، إلا أنها فشلت في المواجهات التي أغلقت شهرها الرابع، حتى اليوم، دون أن تتمكن من إحراز أي تقدم، على الرغم من الحشود التي ظلت تعد لها في الجنوب، لسنوات مضت، ناهيك استخدامها لسلاح الجو والقوات البحرية بكثافة. يأتي ذلك متزامنا مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية على الساحة اليمنية، نتيجة لتدني سعر العملة الوطنية، بنسبة تجاوزت 350% مقابل العملات الأجنبية، ليجد اليمنيون أنفسهم أمام ضائقة اقتصادية كبيرة، تضاف إلى ما سبقها من إجراءات اتبعتها حكومة هادي، كانت منطلقاً لأزمة اقتصادية طالت بمخاطرها كل فئات المجتمع اليمني، وكان في مقدمتها اتخاذها القرار التعسفي بنقل البنك المركزي من صنعاء في أكتوبر 2016، ما أدى إلى حرمان أكثر من مليون موظف حكومي من رواتبهم، منذ أكثر من عامين، وتلاعبها بالاشتراك مع منظومة إدارية متخصصة من دول «التحالف» بمختلف الإيرادات المركزية للدولة، وفي مقدمتها إيرادات النفط والغاز، والايرادات الجمركية والضريبية من مختلف الموانئ والمنافذ البرية، وتعطيل الموانئ والمطارات في حضرموت وسقطرة والمهرة. إضافة إلى التلاعب بأسعار المشتقات النفطية في السوق المحلية، من خلال نافذين ومقربين من الرئيس هادي، استطاعوا تجاوز شركة النفط ودورها القانوني، وتحويل مصافي عدن الى مخازن لمستورداتهم من الوقود الى السوق المحلية، واستغراق الحكومة في طبع العملة، بدون تغطية من العملات الدولية، فيما انحصر دور الحكومة في وظيفة ناقل للأموال من اليمن إلى الخارج، وصرفها على وزرائها وموظفيها في الرياض وعواصم عربية أخرى، والذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف، دون وضع أي اعتبار لمعاناة الشعب؛ ما جعل الجميع يقفون أمام فساد الحكومة ودورها في تنفيذ سياسات «التحالف»، التي تتجاوز مزعوم ما ظل يعلن عنها من أهداف، إلى أن تتلخص بهدف واحد، وهو تجويع اليمنيين بمختلف شرائحهم، دون أي استثناءات.

 

غاز بالحاف للإمارات

 

بعد نقل البنك المركزي إلى عدن، ظلت حكومة الرئيس هادي، تبرر عدم تنفيذها لالتزاماتها أمام المجتمع الدولي بصرف رواتب جميع موظفي الدولة، بأن إيراداتها غير كافية للقيام بذلك، ونظراً لسيطرة من اسمتهم «الانقلابين» على الموارد، على الرغم من تعارض تلك المبررات مع تصريحاتها بمزعوم تحريرها ل 80% من الأراضي، في محاولة منها تضليل الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، والحيلولة دون الكشف عن حقيقة ما تتعرض له إيرادات الدولة من استنزاف غير مشروع، من قبلها وبالاشتراك مع دول في «التحالف»، خاصة إيرادات النفط والغاز، التي تشير تقارير اقتصادية، أنها ظلت تحت السيطرة الكاملة من دول «التحالف»، وتحديداً دولة الامارات، التي وجدت من ميناء بالحاف على شواطئ محافظة شبوة مرتعا خاصا بها، واستطاعت خلال العامين الماضيين احتكاره، وتوجيهه إلى أبو ظبي، لتغطية احتياجاتها من هذه السلعة التي ظلت تحصل عليها من جارتها (قطر)، لهذا ظلت تتخذ أسلوب التهريب من ميناء بالحاف إلى الامارات، دون أي اعتراض من حكومة هادي، كما أن هذه الحكومة لم تكلف نفسها حتى مجرد الرد على التقارير العالمية والصحفية عن حجم ما تنهبه الإمارات من هذه الثروة.

 

إلى ذلك، أكد المقدم سعيد باخبيرة، في حديث خاص إلى العربي، أنه «منذ حوالي عامين، كنت أنا أحد قادة الحراسة الخاصة بمنشأة بالحاف الغازية، وجئنا والميناء مغلق منذ بداية الحرب، بعد أن رحلت الشركات من اليمن كلها، إلا أنه وبعد أن تمكنت الإمارات من دخول حضرموت مباشرة، جاء ضباط إماراتيين، ويبدو أنهم معهم خبراء لزيارة المحطة، لكن منعناهم من الدخول إلا بتصريح مباشر من وزير النفط والمحافظة».

 

وأضاف «لكن سرعان ما جاءتنا اتصالات بالسماح لهم بدخول المنشأة، وما هي إلا ساعات، وبدأت المحطة تشتغل، خاصة في المساء، وكانت تدخل البواخر ليلا، وتشحن الغاز وتروح، ولما بدأنا نشتكي للمسئولين، تم تغيرنا بعدها بأسبوع، وحلت محلنا حراسة إماراتية وحضارم»، متابعاً «عرفنا حينها أن السفن إماراتية، وتأكد لنا بعد ذلك أن الحكومة موافقة، وانها لا تفضل الظهور فقط».

 

 عدم التوريد للبنك

 

ظلت التسريبات من قبل أطراف في حكومة هادي، تزعم عدم مقدرة الحكومة على تصدير النفط والغاز، نظراً لتحكم «التحالف» بمنصات الإنتاج وموانئ التصدير، إلا أن تقارير ظلت تتناقلها عديد منظمات وصحف محلية ودولية، أكدت عدم صحة تلك التصريحات، وأن هناك تلاعباً بالثروات الوطنية يدار من قبل «التحالف» والحكومة، وهو ما أكده مؤخراً الناطق الرسمي باسم «الانتقالي الجنوبي»، سالم ثابت العولقي، يوم الخميس الماضي، كشف فيه أن «الحكومة تقوم بتصدير النفط، دون أن تعلن عن ذلك، ودون أن تورد القيمة إلى البنك المركزي»، وأشار العولقي إلى أنه «تم تصدير نفط عبر ميناء الضبة (في الشحر)، بقيمة مليار ومئتي مليون دولار»، مضيفاً «وما قيمته 33 مليون دولار من ميناء النشمة».

 

 صناعة الجوع

 

ويؤكد متابعون لمسار الحرب في اليمن، أن «التحالف»، وبعد فشله في الحرب ميدانيا، استطاع الانتقال إلى حرب التجويع الجماعي لليمنيين، خاصة بعد تحقيقه النفوذ الكامل على مختلف الموانئ والمطارات في المناطق التي يفترض وقوعها تحت سيطرة حكومة الرئيس هادي، فهو المتحكم بموانئ عدن، التي أضحت تعمل دون ربع طاقتها الإنتاجية، ناهيك عن اشتراطاته على أنواع البضائع المسموح دخولها السوق اليمنية، مما أضر بالحركة التجارية فيها، إضافة إلى تحويله لموانئ ومطارات حضرموت إلى معسكرات سعودية، والمهرة وسقطرة إلى معسكرات تابعة للقوات الإماراتية. لتكون تلك الإجراءات في مجملها من الأسباب التي أدت الى ثورة الشارع اليمني في الأيام الأخيرة، والتي طالبت برحيل «التحالف» وتحميلة مسئولية تجويع الشعب اليمني، وفي مقدمتها مديني تعز وعدن.

 

وفي تعليقات لناشطين يمنيين وعرب حول تردي الوضع الاقتصادي في اليمن، تأكد جلياً أن «التحالف» يعمد الى صناعة الجوع في اليمن، أبرزها ما جاء في وصف الدكتور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، في ختام مقال له، على صفحته في «فيسبوك»، قال فيه «لا ينبغي أن يفهم ما يجري إلا باعتباره صناعة سياسية للجوع بامتياز، وأن ما عجز عنه الإخوة الأعداء في الداخل والخارج عن تحقيقه بقوة الحرب، يريدون تحقيقه بقوة ورهبة التجويع ومذلة المنّة»، في إشارة منه إلى ما تدعيه كل من السعودية والإمارات من دعم إغاثي لليمنيين، عن طريق مركز الملك سلمان، والهلال الأحمر الإماراتي.

 

*العربي| إسماعيل أبو جلال

You might also like