واشنطن بوست: لماذا سيلاحق شبح خاشقجي محمد بن سلمان؟

إب نيوز 11 أكتوبر

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إليوت أبرامز، الذي عمل نائبا لمستشار الأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش، يقول فيه إن اختفاء الصحافي جمال خاشقجي وقتله، بحسب التقارير، سيخلف ضحايا بدءا من عائلته وخطيبته، مستدركا بأن الحكومة السعودية ستعاني من ضرر كبير لسمعتها، إلا في حال قررت الحديث والكشف عن تفاصيل هذا الحادث المرعب.

ويقول أبرامز في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، إنه “منذ ظهور الحكومة الحالية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، فإن النقاد، بمن فيهم خاشقجي، قالوا إن المميز العظيم لها والعيب الرئيسي هو الطغيان، وحكم الرجل الواحد في ظل ولي العهد، وأضيف إلى هذه الأوصاف تهوره وقلة خبرته وقمعه لأي نقد يتعلق بنهجه للتحديث”.

ويشير الكاتب إلى أن “المدافعين عن النظام الجديد، وأنا واحد منهم، قالوا إن ابن سلمان في الجوهر وفي المعنى التقليدي للمصطلح هو (الديكتاتور المتنور)، وبهذا الحس فإن ابن سلمان استخدم، رغم حكمه المطلق، سلطته لتحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية، وتحديث بلاده، ومعالجة الكثير من مشكلات التنمية التي عرقلت السعودية رغم ثروتها، وعلى ما يبدو فإنه قد حد من سلطة رجال الدين، وحسّن من وضع المرأة ودورها، وتبنى خططا لخلق اقتصاد منتج لا معتمد على إنتاج النفط”.

وينوه أبرامز إلى أن “إصلاحاته لم تشمل على إصلاحات سياسية، فقمع نقاده وبقسوة، بمن فيهم النساء اللاتي طالبن بوتيرة سريعة للإصلاح، وهذه الإجراءات يمكن الدفاع عنها ضمن نموذج المستبد المتنور، فالخطوات التي بادر ابن سلمان باتخاذها راديكالية، وتواجه أعداء كثرا في الداخل، ولهذا فالحفاظ على وتيرة الإصلاح قرار محفوف بالمخاطر، ويجب أن يحتفظ بزمام المبادرة في يده، وألا يستسلم للضغط العام ليسرع أو يبطئ مسار الإصلاح، واحتجازه عددا من الأثرياء السعوديين في فندق ريتز كارلتون حتى يدفعوا الفدية كان خطوة شعبية بين السعوديين؛ لاعتقادهم أن قلة من المحتجزين بنوا ثرواتهم بطرق شرعية، والفدية التي دفعوها هي مقابل الضرائب التي تهربوا من دفعها”.

ويرى الكاتب أن “هذا هو الدفاع عن مبادرات الإصلاح التي رافقها القمع، لكن اتهامه بالتهور لا يوجد دليل يدعمه، ويمكن من خلاله الدفاع عن ولي العهد، ففي العام الماضي كان النقاش الدائر بين الخبراء والمراقبين، الذي شاركت فيه، يدور حول نجاح التجربة، وزادت زيارته التي استمرت أسبوعين للولايات المتحدة من الحماس لمشاريعه”.

ويجد أبرامز أن “مقتل خاشقجي إن ثبت سيكون ضربة لهذه التوقعات والآمال كلها، إلا إذا قدم السعوديون توضيحات وتحملوا المسؤولية، فهذا الحادث ليس الأول الذي يثير أسئلة حول طريقة صناعة القرار في السعودية، فالخطة لعرض أسهم شركة (أرامكو) في البورصة ظهرت واختفت مثل سراب الصحراء، ما يشير إلى أن خطة ولي العهد الاقتصادية لم تكن واقعية”.

ويلفت الكاتب إلى أن “الأمر الثاني هو أن قتل خاشقجي يأتي بعد أسابيع من رد الفعل السعودي المفرط على تغريدة واحدة لحكومة كندا انتقدت فيها سجل حقوق الإنسان في المملكة، وطالبت بالإفراج عن ناشطات، واستدعت الرياض سفيرها من أوتاوا، وطردت السفير الكندي، وعلقت التبادل التجاري، وطلبت من المبتعثين السعوديين العودة من الجامعات الكندية، وهذا كله ردا على تغريدة”.

ويقول أبرامز: “الآن جاء ما يبدو أنه عملية قتل في الخارج لناقد قضى وقتا طويلا في المؤسسة السعودية، ولم يكن ثوريا، ولا متطرفا إسلاميا، ولا داعية للعنف، ولا أعرف جمال خاشقجي جيدا، لكننا التقينا وتحدثنا عن المملكة في أكثر من مناسبة، فأي دولة لا تنجو من نقده الهادئ المدروس فإنها ترسل رسالة للعالم بأنها تعتقد أنها مهتزة بالتأكيد”.

وينوه الكاتب إلى أنه “عندما أعدم النظام الثوري في فرنسا عام 1804 دوق إنجين، فإن معلقا كتب: (إنها أسوأ من جريمة، إنه خطأ)، وكذلك قتل جمال خاشقجي هو جريمة عظيمة وخطأ فادح، إنه يظهر نظاما يعاني إما من غياب الإجراءات والسيطرة، أو أن قرارا متهورا لقتل ناقد يعيش في واشنطن لا يمكن مناقضته أو مساءلته، وربما لم تعرف الحكومة السعودية أثر ونتيجة هذا على الحكومات والاستثمار، لكنه سيكون عميقا، وستصبح قرارات الحكومة كلها محلا للتساؤل، ولن يتم الاعتراف بمصداقية الحكومة بصفتها حليفا”.

ويرى أبرامز أن “ابن سلمان قد يقوم بإصلاح بعض الضرر لو اعترف بالخطأ الذي ارتكبه، وبالتأكيد لن يصلح الضرر لمحبي خاشقجي، وستظل السعودية ملكية مطلقة ولمدة طويلة، لكن ما يجب على الأمير فهمه أن مشروعه التحديثي كله، وبالتأكيد الدفاع عن سلطته الشخصية، يقوض من خلال ما تشير إليه الأدلة كلها من عملية قتل مدبرة”.

ويختم الكاتب مقاله بالقول: “خسر خاشقجي السيطرة على مصيره عندما دخل القنصلية في اسطنبول، وعلى محمد بن سلمان التحرك واستعادة السيطرة على مصيره”.

You might also like