عبدالباري عطوان : هل ستسمح السعودية للسيدة كالامارد المحققة الدولية المكلفة بقضية اغتيال خاشقجي بزيارتها والالتقاء بالمتهمين الـ21؟

إب نيوز ٢٧ يناير

هل ستسمح السعودية للسيدة كالامارد المحققة الدولية المكلفة بقضية اغتيال خاشقجي بزيارتها والالتقاء بالمتهمين الـ21؟وهل “سيستقبلها” الأمير محمد بن سلمان؟ وماذا لو رفضت التعاون معها وفريقها الذي يضم ثلاثة خبراء في الطب الشرعي؟ وكيف نجح خصمها اردوغان في تدويل القضية؟

يبدو ان تهديدات السلطات التركية، والرئيس رجب طيب اردوغان شخصيا، بتدويل قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي تنتقل بسرعة الى مرحلة التطبيق العملي، وان الحكومة السعودية تقف على اعتاب “صداع قانوني” خطير جدا، بالنظر الى تشكيل الأمم المتحدة فريق تحقيق دولي برئاسة لسيدة اغنيس كالامارد التي بدأت فعليا مهمة التحقيقات في هذه الجريمة مع كل الجهات والأشخاص والجهات المختصة انطلاقا من تركيا، على ان تقدم تقريرها النهائي في حزيران (يونيو) المقبل.

السيدة كالامارد وصلت الى انقرة، وتقدمت بطلبات رسمية الى الحكومة السعودية لزيارة مسرح الجريمة، أي القنصلية السعودية في إسطنبول، واللقاء بالسفير السعودي في انقرة، وزيارة المملكة مع فريقها الذي يضم ثلاثة خبراء في الطب الشرعي، ولكنها لم تتلق أي رد إيجابي فيما يتعلق بهذه المطالب حتى كتابة هذه السطور.

الامر المؤكد ان السلطات التركية التي لا تكن أي ود لنظيرتها السعودية، وتضعها على قمة لائحة خصومها، ستقدم الكثير، ان لم يكن، كل الأدلة التي في حوزتها عن تفاصيل تنفيذ هذه الجريمة داخل القنصلية السعودية، مدعمة بالتسجيلات والصور والبصمات والتحليلات العلمية الجنائية، ولكن الخطوة التي لا تقل أهمية، طلب السيدة كالامارد لقاء مسؤولين في أجهزة المخابرات المركزية الامريكية للتعرف على المعلومات المتوفرة لديها، وخاصة السيدة جينا هاسبل، رئيسة جهاز “سي أي ايه”، التي اكدت ان لديها قناعة بأن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، هو الذي اصدر الأوامر بقتل الخاشقجي، وكان لشهادتها امام مجلس الشيوخ الدور الأكبر في إصدار المجلس، قرارا اجماعيا بتحميل الأمير بن سلمان المسؤولية عن هذه الجريمة، وهو اجماع غير مسبوق في تاريخ المجلس.

السلطات السعودية اعترفت رسميا بالمسؤولية عن تنفيذ جريمة الاغتيال هذه، وقالت في بيانات رسمية انه جرى تقطيع جثمان الصحافي الراحل بمنشار، وتسليم القطع الى عميل تركي محلي، وأصدر النائب العام السعودي قرارا باعتقال 21 شخصا تورطوا في هذه الجريمة وطالب بإعدام خمسة منهم دون تسمية أي من هؤلاء.

السؤال الذي يطرح نفسه هو عما اذا كانت السلطات السعودية ستسمح لفريق التحقيق هذا بزيارة المملكة، واذا لبت هذا الطلب فعلا، هل ستسمح له باللقاء مع المتهمين جميعا واخذ شهادتهم بحرية كاملة؟ والسؤال الأهم هو هل سيتم تلبية طلب آخر أكثر ازعاجا وهو اللقاء مع الأمير محمد بن سلمان؟

السلطات السعودية ترفض دائما التحقيق مع أي من رعاياها او المسؤولين فيها في أي قضايا جنائية، وتعتبر هذا التحقيق خرقا لثوابتها السيادية والقانونية، ولهذا رفضت رفضا مطلقا السماح لمحققي مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي باللقاء مع أربعة من المتهمين في تفجيرات الخبر عام 1996 التي استهدفت مقرا للقوات الامريكية وأدت الى مقتل 19 جنديا أمريكا، وقالت ان محققيها وحدهم هم المكلفون بهذه المهمة، ونفذت الإعدام لاحقا بالمتهمين الأربعة الذين تعاونوا مع قائد الشاحنة المفخخة، وكانوا جميعا من المواطنين السعوديين.

اغتيال الخاشقجي وتنفيذ الهجوم الانتحاري على مقر القوات الامريكية في مدينة الخبر امران مختلفان، فالمحققون في الأولى يتمتعون بالصفة الدولية، الامر الذي يحتم التعاون مع تحقيقاتهم، وتقديم كل المعلومات المطلوبة لهم بكل شفافية، والا سيؤدي الامر الى مساءلة دولية في مجلس الامن، وربما تشكيل محكمة دولية على غرار محكمة الحريري، وبدعم امريكي أوروبي.

التحقيقات الدولية في هذه الجريمة البشعة ما زالت في بدايتها، ولكنها بداية محفوفة بالمخاطر للمملكة والمسؤولين فيها، والامر المؤكد ان قضية اغتيال خاشقجي لن تموت بحكم عامل الزمن، والنسيان بالتالي، وهذا ما تريده جهات عديدة ونافذة على رأسها الدولة الامريكية العميقة.. ما علينا الا الانتظار ومتابعة تفاصيل التحقيقات في هذه الجريمة التي ستكون حافلة بالمفاجآت حتما على الصعد كافة.

“راي اليوم”

You might also like