المملكة العربية السعودية والإمارات وتوافقهما عن ما يجري في جنوب اليمن.

 

 

 

إب نيوز ١٣ اغسطس

الغموض في المواقف السياسية و التوجهّات الإقليمية و الدولية ( غموض بنّاء للبعض، وللبعض الآخر، هو غموض مُريبْ و مصدر قلق وعدم اطمئنان )، و كذلك التحديات الاستراتيجية، تفرضُ على دول الخليج وعلى دول المنطقة وضع أولويات في مواجهة و معالجة ملفّاتها، وما أكثرُها و ما أعقدُها : فقط لإيران اكثرُ من ملف /ملف نووي، ملف أمن الخليج و مضيق هرمز / ملف النفوذ / ملف علاقات إيران الخارجية مع امريكا، مع الصين، مع روسيا، مع الاتحاد الأوربي، مع الدول الأوربية، نُشير هنا، كمثال على هذه العلاقات، إلى تبادل التصريحات غير الودّية بين فرنسا و امريكا بسبب تبايّن موقفهما تجاه إيران، و نيّة الرئيس الفرنسي إلى دعوة الرئيس روحاني للحضور إلى قمة الدول الكبرى، المزمع عقده الشهر الجاري، في مدينة بياريست في جنوب فرنسا. كذلك ملف اليمن، فهو ليس اقّلُ تعقيداً عن ملف إيران، والحديث عن ملف اليمن يعني عن ملف اليمن الداخلي وعن ملف اليمن الخارجي.
توجهّات المملكة والإمارات، في الوقت الحاضر، هي نحو ملف اليمن الداخلي، ايّ نحو إدارة وضبط الخلافات والاقتتال بين الفصائل التي تتقاسم الميدان: المجلس الانتقالي المحسوب على الإمارات والذي بسطت قواته مؤخراً السيطرة على عدن، وعلى القصر الرئاسي، من جهة، وقوات عبد ربّه منصور هادي، وما تُسمى بقوات الحكومة الشرعية و المدعومة من المملكة و المعترف بها عربياً، و دولياً. هذه الفصائل تتقاسم جنوب اليمن مع وجود لها في بعض المدن والأقاليم اليمنّية. شمال اليمن والعاصمة صنعاء، كما هو معلوم، تحت سيطرة الحوثيين، أنصار الله، والجيش اليمني واللجان، مع تواجد لهم أيضاً في بعض مدن وسواحل الجنوب.
المملكة والإمارات متفقتان، في الوقت الحاضر، على أولويات تخصُ الشأن اليمني. ما هي تلك الأولويات؟
متفقتان على فشل قوات عبد ربه منصور هادي وهزيمتها أمام الحوثيين والجيش اليمني واللجان، خرجَ الرئيس هادي وحكومته هاربين من صنعاء، قبل أربعة أعوام، وهم يخرجون الآن من عاصمتهم الثانية عدن، فشلوا قبل أربعة أعوام أمام الحوثيين، المحسوبين او المدعومين من إيران او من الجيش اليمني، ويفشلون اليوم أمام فصائل او قوات المجلس الانتقالي، المدعومة او المحسوبة على الإمارات.
لم تَعُدْ للملكة ولا للإمارات أية ثقة بقوات هادي، هزائمها نقلت المعارك على حدود المملكة العربية السعودية، ان لم نقلْ داخل بعض المدن الحدودية. ميدانياً، انتهى مُدة صلاحية استخدام قوات ” الرئيس ” هادي.
البلدان (المملكة والإمارات) متفقتان الآن في تمسكهما وتسويقهما لشرعية الرئيس هادي و حكومته، ليس لديهما خيار آخر، فائدة السيد هادي و حكومته تُختزلْ الآن فقط في البعد السياسي الدولي، لا بُدً من خيمة سياسية مُتفق عليها دولياً و امُمياً لبناء التسوية السياسية في اليمن، حتى و إنْ كانت هذه الخيمة مُتهرأة، و في مهب الرياح.
لا ننسى أيضاً بانَّ هدف الحرب على اليمن وهدف التحالف العربي بقيادة المملكة هو اعادة وفرض الحكم الشرعي في اليمن، ايّ فرض حكومة الرئيس هادي، لذا فأنَّ اختفاء الرئيس هادي سياسياً يعني زوال أسباب وأهداف الحرب.
جهود المملكة والإمارات الآن هو ترميم الحالة السياسية للرئيس هادي وحكومته، كي تكون له، على الأقل، شرعية عربية وأُمميّة للاستمرار في التفاوض لأجل حل سياسي.
المملكة والإمارات متفقتان تماماً بضرورة الإسراع للوصول إلى حل سياسي في اليمن يحفظ مصالح الجميع وبضمنهم الحوثيين. كلاهما في عُجالة من اجل التفرّغ لمشكلة اليمن من الخارج، ايّ، ان لا يشكّل اليمن تهديد للأمن السعودي والإماراتي، وضمان ذلك يمّرُ من خلال أيران. المملكة والإمارات أدركتا بأنَّ التفاهم مع أيران سيساهم ويسّرع في الحل السياسي في اليمن، ولكن قبل هذا التفاهم (العلني او السري) المُرتقبْ، من الضروري لهما ترتيب وضع ومصالح حلفائهما في داخل اليمن، وهذا ما يجري الآن.
المتحاربون داخل اليمن بيدهم السلاح، والداعمون للمتحاربين، مِنْ خارج حدود اليمن، بيدهم الحل السياسي.

*د. جواد الهنداوي
سفير عراقي سابق
Dr.kadhim@hotmail.com

“رأي اليوم”

You might also like