عبدالباري عطوان: ترامب يتراجع عن فرض الضّرائب على الواردات الصينيّة والذرائع غير مُقنعة.. هل بدأت إدارته تعترِف بفشل الحرب التجاريّة؟

 

 

إب نيوز ١٤ اغسطس

عبدالباري عطوان:

ترامب يتراجع عن فرض الضّرائب على الواردات الصينيّة والذرائع غير مُقنعة.. هل بدأت إدارته تعترِف بفشل الحرب التجاريّة؟ وما دور إشعال الصين لحرب العُملات كهُجومٍ مُضادٍّ؟ وهل تقِف أمريكا خلف اضطرابات هونغ كونغ؟

أن يتراجع الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب عن تنفيذ تهديداته ببدء تطبيق عُقوبات تجاريّة على الصين من ضِمنها فرض ضرائب بنسبة 10 بالمئة على ما قيمته 300 مليار دولار من الواردات منها، فهذا ليس بجديدٍ، لأنّ قراره في هذا الصّدد بدأ ينعكِس سلبًا على الاقتصاد الأمريكيّ الذي بَدأ الخبراء يلمِسون بعض مؤشّرات انكماشه.
الرئيس ترامب برّر هذه الخطوة بأنّها تعود أوّلًا إلى اتّصالات جيّدة مع الجانب الثُاني، وإلى رغبته في عدم تحميل المُتسوّقين بمُناسبة أعياد الميلاد لأعباء إضافيّة من جرّاء احتمالات رفع أسعار السّلع، وخاصّةً الهواتف وألعاب الكمبيوتر المُستوردة من الصين.
الحقيقة مُغايرةٌ تمامًا لهذه التّبريرات غير المُقنعة، ويُمكن تلخيصها بالآثار السلبيُة لقرار ترامب وحربِه التجاريّة على الصين، والرّد الصيني الحاد بإعلان حرب العُملات، وتخفيض قيمة اليوان الصيني لزيادة الصّادرات، وكذلك بيع المزيد من السّندات الأمريكيّة واستخدام عوائِدها في شِراء الذهب والعُملات النّفيسة لتعزيز قيمة اليوان الذهبي على حِساب الدولار.
القيادة الصينيّة قرّرت تشكيل تحالف يضُم العديد من الدول على رأسها روسيا وتركيا والهند وباكستان، وبدرجةٍ أقل اليابان ودول إفريقيّة وآسيويّة أُخرى، للتخلّي تدريجيًّا عن استخدام الدولار، والتّعامل بالعُملات المحليّة في التّعاملات التجاريّة.
ترامب يتخبّط من جديدٍ مع اقتراب انطلاق الحمَلات الانتخابيّة الرئاسيّة، وشُعوره أنّ حُروبه التجاريّة، والعُقوبات التي يُبالغ في فرضِها ضِد دول عديدة مثل الصين وروسيا وإيران وفنزويلا باتت تُعطي نتائج عكسيّة.
بمُجرّد إعلان ترامب عن تأجيله تطبيق العُقوبات التجاريّة، وفرض الضرائب على الصين قفَزت أسعار الأسهم في البورصات الغربيّة، وكذلك أسعار النفط، بسبب تمدّد المخاوف، ولو مُؤقّتًا، من حُصول ركود عالميّ وتراجع في معدّلات النمو.
من الطّبيعي أن تُعارض الصين هذه الحرب التجاريّة، وأن تسعى للتوصّل إلى حُلولٍ تُخفّف من حدّتها، وآثارها السلبيّة على اقتصادها، وتنخرِط في مُفاوضاتٍ مع واشنطن، ولكنّ هذا لا يعني، وحسب آراء بعض الخُبراء المُتخصّصين في الاقتصاد الصيني، أن تتخلّى عن استراتيجيّتها في إنهاء هيمنة الدولار، والحِفاظ على نسبة النمو التي تتراوح بين 5.5 ـ 6 بالمِئة الحاليّة، وتحقيق هدفها في التربّع على المركز الأوّل كأقوى اقتصاد في العالم، وإطاحة الاقتصاد الأمريكي من هذا المركز في غُضون 10 سنوات.
الاضطرابات التي تقع حاليًّا في هونغ كونغ ودخلت أُسبوعها العاشر، لا يُمكن فصلها عن الحرب التجاريّة، وهُناك من يتّهم الولايات المتحدة بالوقوف خلفها من خلال وضع حليفتها تايوان في الواجهة، ولكنّ الحِكمة الصينيّة التي تمثّلت في تجميد القانون المُسبّب لها، والذي ينُص على تسليم المَطلوبين للحُكومة المركزيّة ومُحاكمتهم في بكين، ربّما تسحَب البِساط من تحت أقدام الرئيس ترامب في نهاية المَطاف.
الاقتصاد الأمريكيّ سيكون الخاسِر الأكبر من الحرب الاقتصاديّة التي أشعل فتيلها الرئيس ترامب، ولعلّ تراجعه، وأيًّا كانت الذرائع، أحد المُؤشّرات الأوّليّة في هذا الصّدد.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”

You might also like