اليمنُ 2020.. لاعبٌ إقليمي جديد !!

 

إب نيوز ٢ يناير

محمد الحاضري

بالقُرب من اليمنِ أجرت روسيا والصين وإيران مناوراتٍ بحريةً مشتركةً، أحدُ أهدافها المعلَنةِ هو إرساءُ الأمن في المحيطِ الهنديِّ والحفاظُ على المصالحِ الاقتصاديةِ على الصعيدِ العالمي، وهي أَيْـضاً لا تُخفي الصراعَ مع أمريكا للسيطرة على البحار والمحيطات وممرات الملاحة المائية الهامة.

استراتيجيّةُ الهيمنة الأمريكيّة على العالم تقضي بالسيطرةِ على البحار والمضائق البحرية عن طريقِ بسطِ النفوذِ على المسالكِ والممراتِ البحريةِ الاستراتيجيّةِ والقاريةِ الهامةِ، فالنظريةُ العسكريّةُ الأمريكيّةُ تقومُ على السيطرةِ والتحكمِ على ما يُعرَفُ في الفكرِ العسكريِّ برؤوس الجسور”Beachheads” وهذه النظريةُ لم تكُنْ لتتحقّقَ بدون وجود قواعدَ أرضيةٍ تكون منطلقًا لعملياتها، وعليه فقد كرست قدراً كَبيراً من سياساتها لتوسعة قواعدها البحرية والجوية طوالَ قرنٍ من الزمان.

لا تغيب الخططُ الأمريكيّة عن القوى العالمية الأُخرى، وعلى ضوء ذلك جرت هذه المناوراتُ شمالَ المحيط الهندي لحماية “المثلث الذهبي” الذي يشمل ثلاثةَ مضائقَ عالميةٍ هامة هي أوّلاً مضيق باب المندب، همزة الوصل بين الشمال والجنوب، ومضيق ملقا بماليزيا، حَيْــثُ تعبر البضائع الصينية، ومضيق هرمز الذي يمر منه أكثر من 18 مليون برميل نفط يومياً لتغذية مراكز الإنتاج الصناعية في الشرق والغرب.

هذه المناورةُ البحريةُ المشتركةُ بين الدول الثلاث هي ردُّ فعل على سياسة واشنطن، وأكّـد قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني الأدميرال حسين خانزادي أن كلاً من إيران وروسيا والصين والتي تعد من القوى البحرية الكبرى تتعرضُ لتهديدات وتواجهُ أعداءً مشتركين وعلى رأسِهم التهديدُ الأمريكيّ، حَيْــثُ سيتمُّ إنهاءُ هذه التهديدات في مختلفِ المناطق البحرية في العالم.

المناوراتُ الروسية والصينية والإيرانية التي أحد أهمّ مراكزها هو مضيق باب المندب تشير إلى أن هذه الدول مدركة تماماً لحقيقة ما يجري في اليمن من عدوان تقوده أمريكا الساعية لإيجاد قاعدة بحرية جوية وبرية بالقرب من المضيق، وإن كانت هذه الدول في ظاهرها تديرُ ظهرَها للحرب الأمريكيّة التي يتعرض لها اليمن بانتظار لما ستؤول إليه الأمور ونتائج الحرب، باستثناء إيران التي حسمت أمرها وأقامت علاقاتٍ دبلوماسيةً مع صنعاءَ، مدركة أن مسألة انتصار اليمن على التحالف الأمريكيّ ليست سوى مسألة وقت لن يطولَ انتظاره.

بالعودةِ إلى صنعاءَ لا تغيبُ المطامعُ الأمريكيّة عن قيادة الثورة اليمنيّة، فعلى الرغم من دخول العدوان عامه الخمس إلا أن الثوارَ منهمكون ببناءِ قوةٍ صاروخية وبحرية وجوية فائقة التطور قادرة على قلب موازين القوى الإقليمية رأساً على عقب، القوة الاستراتيجيّة اليمنيّة الصاروخية والطيران المسير أثبتت فعاليتها من خلال العام 2019، بضرب منشآت نفطية وعسكريّة حيوية في العمق السعوديّ متفادية التكنولوجيا الأمريكيّة المتطورة التي تمتلكها السعوديّة، وأبعد من ذلك أطلق قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي تهديده الأول لـ”إسرائيل” في المولد النبوي الشريف في التاسع من نوفمبر الفائت بضربات تستهدف أهدافاً حسّاسة للكيان إن هو تجرأ بشن هجمات على اليمن، هذه التهديدات لاقت صدىً واسعاً إقليمياً وعالمياً، فالتجربة تؤكّـد أن قائد الثورة يفعل ما يقول.

انتهى العام 2019 بمناوراتٍ بحريةٍ في أهمِّ مناطقِ العالَمِ البحريةِ واستعراضٍ للصين وروسيا لقوتها أمام الولايات المتحدة التي بدأت خيوطُ اللعبة تنفرطُ من بين يديها، لكن العام الجديد سيشهدُ ميلادَ اليمن كقوة إقليمية مهابة قادرةٍ على وضع معادلاتها لمصلحة شعوبِ المنطقة، ما سيدفعُ هذه القوتين العالميتين للتعاطي معه والعملِ معه؛ مِن أجلِ حمايةِ المسالك البحرية في المنطقة.

You might also like