ماذا صنعتَ -أيها- الطوفان العظيم..؟
إب نيوز 7 أكتوبر
بقلم الشيخ /عبدالمنان السنبلي
بعد عامين على عملية طوفان الأقصى، أستطيع أن أقول اليوم إنه لولا هذه العملية، لكانت جريمة اغتصاب فلسطين قد تم إغلاق مِلفها، وقُيِّدت ضد مجهول.
ولكانت القضية الفلسطينية قد تم تصفيتها نهائيًّا، وإغلاق جميع أبواب الترافع عنها إلى الأبد.
ولكانت “العربية” السعوديّة قد أكملت أَو استكملت فصول وحلقات تطبيعها وخضوعها الكامل والمعلن مع الكيان.
ولكان علم هذا الكيان الغاصب المجرم الآن يرفرفُ عاليًا وخفاقًا في سماء معظم العواصم العربية.
أو هذا أقل ما كنا سنشهده..!
ثم بعد ذلك، ورغم هذا كله، يأتي واحد أحمق أَو معتوه أَو منبطح أَو مأجور يجرّم هذه العملية المباركة، مستشهدًا بما جرّته على غـزة من تداعيات خطيرة..!
يتحدث وكأن عملية طوفان الأقصى قد جاءت وقطعت الطريق عليه لتحرير المسجد الأقصى، وكأنه لولا هذه العملية لكان قد جاء بالذيب من ذيله..!
أو كما يقولون..
لكن الحمد لله على نعمة الطوفان الذي كشف كُـلّ الأقنعة، وفرز جميع الألوان، حتى تبيّن الغث من السمين، والحق من الباطل..
فلولا هذا الطوفان المبارك -بصراحة- لما عادت الحياة إلى فلسطين والقضية الفلسطينية من جديد، من بعد أن كانت تمرّ في حالة موت سريري.
ولولاه لما عرفنا أن هنالك شعوبًا عربية لا تتحدث العربية، وشعوبًا عبرية تتحدث العربية.
ولولاه أَيْـضًا لما كان العالم ليدرك هذه التوأمة بين اليمن وغـزة، وبين حـماس وحركات المقاومة في فلسـطين ولبنان والعراق واليمن.
ولولاه لما كان أحد في العالم كله ليتخيّل أَو يتصوّر يومًا أن مضيق باب المندب يمكن أن يُغلق في وجه الملاحة الأمريكية والإسرائيلية، أَو أن أحدًا يجرؤ على استهداف حاملات الطائرات والبوارج الأمريكية والبريطانية،
ولولاه لما شهدت الدنيا بأسرها اتّحاد الإسلام بجناحَيْه السُّني والشيعي في جبهة واحدة، والنفاق والكفر في جبهة مقابلة أُخرى، من بعد أن ظل الشيطان زمنًا يخلط هذه الأوراق ويعيد تصنيفها وتعريفها وفق مفاهيمَ تتناسبُ وأهدافَه وتخدُمُ سياساتِه وأجنداتَه.
فماذا صنعت أيها الطوفان..؟
ماذا صنعت حتى أفشلت المؤامرة وأعدت برمجة وصياغة الأحداث وفق معايير فاضحة وكاشفة لكل شيء، فارتفع الغطاء وانكشف المستور عن كثير من الملابسات والتفاصيل التي كانت تُقدَّم وتُسوَّق لنا، فتأخذنا إلى عوالم من التيه والضياع والابتعاد عن المسار الصحيح..!
ماذا صنعت حتى جعلت شعوب العالم كلها تقف احترامًا وإجلالًا لشعب تصالح مع الموت على أن لا يموت إلا واقفًا وشامخًا ومنتصرًا..!
ماذا صنعت -أيها- الطوفان العظيم، حتى أعدت شيئًا من اعتبار وكرامة أُمَّـة تمرّغت أنوفها وجباهها في وحول الخزي والعار زمنًا طويلًا..!
فهنيئًا لأحرار أمتنا العربية والإسلامية، وللعالم كله، هذه الذكرى وهذه المناسبة العظيمة.
ولا نامت أعين الجبناء..
#جبهة_القواصم