لاتُذِّلوهم بمساعداتِكُم .

 

إب نيوز ٣٠ إبريل

رقية المعافا

لطالما كانت «الكاميرا» أداةَ تقريب البعيد ورصد مالايُمكن مشاهدتهُ بالعين المُجرّدة فهي العدسة التي تفضحَ انتهاكات المُجرمين وجرائمَ المُعتدين وهي نفسُها التي تُمتّع الأنظار بأبهى صورِ الطبيعة ورياضها ، لكنّها أيضاً العدوّ القاتل لمشاعر عزيزي النفوس وأصحاب الحاجة .

في شهر رمضان من كُلّ عام تتسابقُ عدسات التصوير في التنقيب والبحث عن الأُسر الأشدّ فقراً وماأكثرهم في وطننا فتكثُر البرامج ويتسابق الداعمون والرُعاة بأموالهم وسخائهم غير المُتوّقع أو لنُقل المقصود بنيّة الترويج لشركاتهم ومؤسساتِهم ومتاجرهم .

عيونٌ تدمع حرجاً وخجلاً وتعففاً فمُعظم هذه الأُسر لم تمدّ يدها يوماً ولم يخرج سرّها خارج أسوارِ منزلها الفقير المُعدَم لكنّ هذه البرامج جعلتهم فُرجةً للعالم ،فظاهِرُها مساعدة ورأفة وشفقة بحالِ الفقراء المُتعفّفين لكنّ باطنها إذلالاً لكرامتهم وسحقا لمشاعرهم وكبريائهم وإهداراً لماء وجههم ، فهل ياتُرى أوصى ديننا الإسلامي الحنيف بهكذا مُساعدات وصدقات وزكاة ؟؟!!
ألم يُنبّهنا مراراً وتكراراً بأن نُخفي صدقاتنا عن شمالنا حتى لاتعلم ماأنفقتهُ يُمنانا !!

أين نحن من قول الرحمن الرحيم ( لاتُبطلوا صدقاتِكُم بالمنّ والأذى ) فماأعظمها من أذيّة تُلحق بتلك القلوب وماأقسى تلك النظرات المُصاحبة «للقطة الكاميرا» نظرات خجل وتعفف وألم ؛ ألمٌ من الواقع المُعاش وكربةٌ من الفقرِ وحياءٌ ممن سيلتقونَ بهم بعد تصويرهم وهم يتلقون المساعدة ويبثون شكواهم ودموعهم تتقاطرُ قهرا ووجع .

غربةٌ يُقاسيها المحتاج فمُعناتهُ لاتُحتمل ،يُكابدُ شظف العيش ويأمُل بفرصة عمل قد تُنقذهُ من وحلِ الفقر والانتظارِ لصدقاتِ الآخرين .

علّمنا الإسلام العطاء بدون جرح كبرياء المُحتاج ، بل علمنا ألا ننظر في أعينهم لكي لانرى الخجل ، علّمنا أن نسترهم ونكون عوناً لهم في سرّائهم وضرّائهم ، فلِمَ يتمّ إستغلال حاجتهم ومرضهم وفقرهم ، لم لانُعطي بدون «كاميرات» لم ننتظر ونسعى أن يرى الآخرون ماقدمنا !! ألا يكفي إطلاع خير شاهد ورقيب ألا يكفي شهادة السميع البصير !!

#اتحاد_كاتبات_اليمن

You might also like