محمد أنار مسارات الكون المظلمة

إب نيوز ٣١ أكتوبر
———————
عفاف البعداني

ياحبيب الله، في يوم طلعتك على مشارف الدنيا ابتسمت الشمس وكادت أن تسدل وشاحها الكسوفي تأدبا، فحد قولها ضياءك يكفي مجرات الفضاء الشاسعة بحدودها اللا محددوة، بل ازدانت الطيور وانتعشت من بكورها وحلقت بميلادك الرحب، تواصل الصبح مع المساء وترقرقت نجوم السماء ساجدة لحضورك البهي وأحمر جبين القمر معلنين لك الولاء والطاعة من اللحظة وحتى الفناء، بكت السحاب لهذا النداء وتعطر بدمعها الكون متأهبا بنسائم الهواء الرفيعة، تألقت الأرض وأدلت بدلوها من تأريخ الورى و مجد مغطى بإكليل الثرى.

هذه مدائن الطبيعة تجلت بميلادك، فمابالك بأمتك التي انتظرتك من سباق العصور، عشت فيها فعاش الأحياء معك، تنفست هواءنا فتنفس الموحدين معك، كنا قوم جاهلية، نعيش كالأنعام، ونعبد الأصنام، نمضي على مركب الضلال، ونقدس هذه الرحلة أكثر من أي طقوسات آخرى فعلمتنا وأخرجتنا من رق الطقوس إلى واحد أحد، بلغت الرسالة وأديت الأمانة وأنصفت الجموع، فكان حقا مفروضا علينا أن نحبك حبا، يفوق الأم لطفلها المولود.

مضى زمنك وعصرك، وتركت الدنيا وصعدت إلى السماء، وأبقيت لنا سيرة عطرة، هي رسالة عابقة الود محتواها، أنتم أحبتي، وأهل كرامتي، وها نحن نحييها في شوارعنا وجوارحنا، ومدننا في يوم ميلادك العطر، رغم كل الجراحات المستعصية، والصهاريج الشرسة التي ألحقت باليمن أشد النكبات، إلا أننا نسينا الملمات، ومضينا في ذكرك مستلهمين كل آيات الثبات والعزة والنصر، نقف في مشهد مهيب من الاحتفاء متفردين عن كل خزعبلات العالم الأرعن ، نقف بكلنا وجلنا وصغارنا وشبابنا وشيبنا نبتهل بذكرك ونستلهم منك كل أطوار الأخلاق المحمدية، كنا أنصارا وسنظل أنصارا على أمد الآبدين.

برحنا حبا لك، ولن نحيل ولن نميل رفعنا الرايات، وحشدنا الجموع الغفيرة وليقل العالم ما شاء، فنحن شعب أبى أن يستظل بمظلة التطبيع والدندنة مع أعداء الدين، وأعداء الحرية.

وليس لدي خلجات كافية، لأصف مناقبك أيها الجليل، فمناقب خاتم الأنبياء تفوق عترتي، وتتجاوز فنون سطوتي على ترتيب الحروف بهذا اليوم، بل إنني سأكتب لك شعوري المتخم المعنى من زمني المغلوب، سأصلي عليك حتى ارتوي من رحمات السماء، سأصلي عليك حتى يشرق فجري المنتظر، وأروم بشمس دافئة تنير لي مسارات الكون المظلمة.

#اتحاد _ كاتبات_ اليمن.