حديقة الملاهي والسيرك !

إب نيوز ٥ سبتمبر

عبدالملك سام

يؤسفني أن اخبركم بأن العنوان لا يمت للمقال بصلة ، بل أنه مقال كله غم وأحزان ومصائب ، ولأن المزاج سيء ، فأرجو من الأشخاص الذين يعيشون بسعادة وأنبساط نفسي ان يتركونا في حالنا ويواصلوا يومهم غير ملومين ، أما اولئك التعساء أو من يملكون رصيد إحساس زائد عن اللزوم فليبقوا ، فمن الجيد أن نجتمع مع بعضنا لنشكوا لبعضنا ونتآزر معا ..

تعالوا أيها الأعزاء لنجتمع ، قولوا ما تشاؤون فكلنا في مزاج سيء اليوم .. تحدثوا بلا تحرج فكلنا اخوة الهموم ! والسبب غالبا لهذا الشعور مرتبط بأماكن معينة ، ولو بدأنا نتحدث فسنجد أن 80% من أسباب تعاستنا مرتبطة بمكانين على وجه التحديد ، ألا وهما المحاكم والمستشفيات ! وربما حتى المستشفيات مرتبطة بالمحاكم أيضا !!

البعض سيسألني مستغربا لماذا تركت العدوان والحصار والاقتصاد وغيرها من المشاكل ، وركزت كلامي على هذين المكانين ؟! وبصراحة مطلقة أقول لكم أنه من المؤسف والمؤلم أن أجد شعبنا العزيز يواجه ويقارع الأعداء ببسالة ، لكنه على الأقل يعرف ماذا يريد الأعداء بالضبط ، ولذلك هو صامد ولا يمكن أن يترك أولاد الحرام ينالون ما يتمنون . ومن جهة أخرى – وياللعجب – هو يجهل ماذا يريد القضاة وأصحاب المستشفيات الخاصة منه بالضبط !!

تذهب للمحكمة بحثا عن العدل وإعادة الحقوق ، ومن أول يوم تصطدم بنوع غريب من البيروقراطية المتعبة والمنحنيات والحواجز والعراقيل ، فتشعر بانك دخلت حديقة ألعاب مليئة بالأفعوانيات والزحاليق والمتاهات التي تجعلك تشعر بالدوار ! وفي حضرة كل موظف عتيد تشعر بأنك تقابل حاوي في السيرك يمارس العابا تجعلك تدوخ ، ومع مرور الأيام والتسويف ينتهي بك الأمر بأن تفقد عقلك ، او لو كنت محظوظا تجد نفسك مرميا في المستشفى ! هذا طبعا لولم ينتهي بك الأمر بأن تصبح متهما ويرمى بك في السجن بعد أن يقلبوا الطاولة على رأسك !!

في المستشفى الحكومي لن تجد موظف الإستقبال ، وبعد بحث طويل يأتي ، ولكنك لا تجد الموظف ، وبعد أن يأتي لا تجد الطبيب ، وبعد أن يأتي مع أقتراب نهاية الدوام لن تجد اخصائي المختبر ، وهكذا دواليك ، وفجأة بعد أن تقابل كل هؤلاء بالمصادفة لا تجد المريض ! فهو إما قد انتقل إلى رحمة الله ، أو أنه فر بجلده إلى مستشفى خاص !! وهناك تبدأ مرحلة أخرى من ألعاب السيرك تنتهي بأن تفقد صحتك ومالك معا ، وفي الأخير تقنع نفسك بأنك بخير وتذهب للصيدلي ليعطيك حقنة (فولتارين) فاسدة لتذهب بعدها للبيت وتنام قبل أن يرحلك هؤلاء المجانين إلى العالم الآخر !!

البعض هنا سينتقدني ويدعي أنني أشوه صورة الجميع بما يفعله البعض ! حسنا ، يكفيني أن الأغلبية يقفون في صفي ، وأنا مستعد أن أجري إستفتاء شعبي عن المحاكم والمستشفيات في بلدنا ، ومتأكد بأني سأحصد 90% من الأصوات المؤيدة لكلامي ، وعلى الأقل فلنجرب أن نصلح واحد منهما ، وأنا متأكد أن الجانب الآخر سينصلح ! بل أننا لو تمكنا من إصلاح القضاء فقط ، وأقسم لكم على ذلك ، لأنتهت كل مشاكلنا الداخلية وجزء كبير من مشاكلنا الخارجية ! فبالقضاء الحقيقي نقضي على الفساد والجشع والعمالة والإهمال والأحقاد والفقر وغيرها من المشاكل الإجتماعية التي نعاني منها .

في الأخير ، هناك تجارب عالمية تم إستخدامها في مراحل معينة من تاريخ الأمم ساهمت في حل مشاكل عصيبة ، كمحاكم التفتيش والمحاكم الثورية والشعبية والعسكرية التي تمتاز بالسرعة في إجراءاتها وتنفيذ أحكامها ، ورغم أن بعضها كان سيء السمعة لقسوتها ، إلا أن هناك شبه إجماع بأنها كانت فاعلة ومفيدة في إستباب الأوضاع في المراحل الحرجة من حياة الأمم ، ونحن نمتلك ميزة التجربة لنعرف ماذا ينفعنا ، فما رأيكم ؟!

 

You might also like