امير قطر يطالب بحل الخلاف مع ايران بالحوار..هل هي مبادرة خليجية ام اجتهاد شخصي؟ وهل هي مقدمة لتغيير قطري بسورية؟ (التفاصيل)

إب نيوز 13 سبتمبر

 

امير قطر يطالب بحل الخلافات الخليجية الايرانية على مبدأ الحوار وحسن الجوار والاحترام المتبادل.. هل هي مبادرة موحى بها خليجيا ام اجتهاد شخصي؟ ولماذا جاءت الآن؟ وهل لها علاقة “بحرب الحج” السعودية الايرانية ومقدمة لتغيير قطري في الازمة السورية؟

غابت دولة قطر عن العناوين الرئيسية للصحف ومحطات التلفزة العربية والعالمية في الفترة الاخيرة، بالمقارنة لما كان عليه الحال قبل خمس سنوات، وبالتحديد منذ بدء ثورات الربيع العربي في اكثر من بلد، وربما يعود ذلك الى تراجع دورها الى المقاعد الخلفية، مثلما قال رئيس وزرائها الاسبق الشيخ حمد بن جاسم لصحيفة “الفايننشال تايمز″ قبل ثلاثة اشهر، وميل اميرها الحالي الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى سياسية اقل تصادمية، واميل الى التهدئة في المنطقة الملتهبة بالحروب والفوضى والفتن الطائفية هذه الايام.
حدثان رئيسيان لهما علاقة بدولة قطر يؤشران الى تطورات مهمة بعضها يتعلق بالمنطقة، والشأن السياسي القطري بطريقة او بأخرى:
الاول: مقتل ثلاثة جنود قطريين في المعارك المحتدمة في اليمن، حيث يوجد حوالي الفي جندي قطري يقاتلون في صفوف التحالف العربي بزعامة السعودية، وهذا رقم كبير بالقياس الى عدد سكان قطر الذي لا يزيد عن 300 الف مواطن، اي ما يعادل مقتل 3000 امريكي، وهو العدد نفسه الذي قتل في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، على مركز التجارة العالمي، ومقتل هؤلاء الجنود خسارة كبيرة اولا، ويؤكد ان القوات القطرية تقاتل في الصفوف الاولى في جبهات القتال في اليمن، ثانيا، رغم ان البيان القطري الرسمي لم يعط اي تفاصيل حول مكان، او كيفية القتل.
الثاني: دعوة امير قطر الشيخ تميم بن حمد لعلاقات تتميز مع حسن الجوار بين دول الخليج العربية وايران، اثناء اتصال هاتفي مع الرئيس الايراني حسن روحاني، وان تتم تسوية اي خلافات خليجية ايرانية عن طريق التفاوض والحوار.
لندع النقطة الاولى المتعلقة بالقتلى القطريين جانبا رغم اهميتها، ونركز على النقطة الثانية الاكثر اهمية في نظرنا لشموليتها، وهي هذه التصريحات المفاجئة لامير قطر وتوقيتها، في ظل التوتر في العلاقات السعودية الايرانية، وحرب التصريحات بين الجانبين، على ارضية الاتهامات بالتكفير التي اطلقها قبل ايام للايرانيين بشكل خاص، والشيعة بشكل عام، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية، ورد السيد علي خامنئي المرشد الاعلى في ايران عليها بوصف السعودية بـ”الشجرة الملعونة”، ومسؤولين ايرانيين آخرين بالقول للسعوديين “تتهموننا بأننا مجوس نعبد النار قبل الاسلام، ونحن نذكركم بأنكم كنتم تعبدون الاوثان”.
الامير القطري عندما يتصل بالرئيس الايراني ويطالب بالحوار لحل الخلافات، اما انه يريد ان يميز موقف بلاده ويقف على الحياد في الصراع السعودي الايراني، او انه يمهد للقيام بدور وساطة، ولا نستبعد في هذه الصحيفة اي من الخيارين.
الدعوة القطرية الى الحوار ايضا، ربما تنطبق على الصراع في سورية وعليها، لان ايران تقف في الخندق الروسي السوري، وربما ادرك امير قطر ان الحل العسكري في الازمة السورية لم يعد واردا في ظل التفاهمات الروسية الامريكية الاخيرة التي ادت الى اتفاق الهدنة الحالي، واكدت على عزم القوتين العظميين تصفية الفصائل الاسلامية المتشددة التي تحظى بدعم خليجي، ومن بينها “النصرة” و”الدولة الاسلامية”.
ما يجعلنا نتنبأ بحدوث تغيير بدأ يتبلور في الموقف القطري، هو التقارب التركي الروسي، وتزايد الانباء عن حوار سري متصاعد بين الجانبين التركي والسوري، برعاية ايرانية ودعم روسي، وتصريحات مسؤولين اتراك على رأسهم بن علي يلدريم، رئيس الوزراء يتحدث عن حتمية تطبيع العلاقات بين دمشق وانقرة في الاسابيع المقبلة.
قطر وتركيا ينخرطان في تحالف استراتيجي، ووقف هذا التحالف حتى الى ما قبل بضعة اشهر، خلف السياسة المعادية للتدخل العسكري الروسي في سورية، والعمل من اجل اسقاط الرئيس بشار الاسد، ولا نعتقد ان امير قطر وهو يراقب هذا التقارب التركي الروسي، والتركي الايراني، والتركي السوري، سيظل متمسكا بالموقف نفسه، اي دعم الجماعات الاسلامية المتشددة الموضوعة امريكيا وروسيا على مذبح التصفية، والمطالبة بإسقاط الرئيس السوري، فقطر تظل دولة صغيرة في نهاية المطاف.
امير دولة قطر استغل مناسبة عيد الاضحى المبارك لمهاتفة الرئيس الايراني لبدء عملية التقارب، والتأكيد على مبدأ الحوار لحل الخلافات، وابرز الاعلام القطري الرسمي لهذه الخطوة، يوحي بأنه لم يكن اتصال “مجاملة”، وانما توجيه رسالة مهمة اقليميا ودوليا توحي بعملية تغيير زاحفة وسريعة.
السؤال الذي يحتاج الى اجابة هو: هل يقوم امير قطر بهذه الخطوة، او المبادرة، بالتنسيق مع دول الخليج التي انحازت الى السعودية ودعمتها في حربها الكلامية ضد ايران، ام انها مبادرة قطرية بحته تعكس توجها قطريا بالنأي بالنفس عن هذا الخلاف السعودي الايراني، لما يمكن ان يتريث عليه من تبعات خطيرة، والاهتمام بمصلحة دولة قطر.
طرحنا لهذا السؤال لا يعني اننا نملك الاجابة، فالمعلومات شحيحة، ودول الخليج تعيش عطلة عيد الاضحى التي تزيد عن عشرة ايام، تتجمد فيها كل اوجه الحياة، ويصوم خلالها المسؤولون عن الكلام فقط.. ولا نملك الا خيار الانتظار.
“راي اليوم”

You might also like