بعد جمود دام عدّة أشهر، تنتظر صنعاء وصول وفد عُماني خلال الأيام القادمة لإحياء عملية السلام، والحفاظ على حالة خفض التصعيد الذي تشهده البلاد منذ انتهاء الهدنة الإنسانية، من دون تجديد مطلع تشرين الأول الفائت. وبحسب مصدر مطّلع في حركة «أنصار الله»، فإنّ التحرّك العُماني يؤكد أن «رسائل صنعاء العسكرية التي وَجّهتها القيادة الثورية والسياسية الأسبوع الماضي قد وصلت». وإذ نفى المصدر ما روّجته مصادر ديبلوماسية موالية للتحالف السعودي من أن زيارة الوفد العُماني تأتي بطلب من الحركة، فقد أشار إلى أن «الرياض دائماً ما تلجأ إلى مسقط لوقف أي تصعيد محتمل تجاه أراضيها». وكان عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله»، على القحوم، قد أكد، في تصريح الأسبوع الماضي، استمرار الدور العُماني في شأن تيسير معالجة الملف الإنساني، وتحديداً ما يخص ملفّ صرف المرتّبات.

واستباقاً لزيارة الوفد العُماني، استبعد المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، نجاح أيّ مساع جديدة في إحداث اختراق في هذا الملفّ. وخلال لقاء أجراه معه موقع «المونتيور»، أواخر الأسبوع الماضي، أعاد المبعوث طرح شرط بلاده المتمثّل في ربط صرف المرتّبات بموافقة «أنصار الله» على عقد مفاوضات يمنية – يمنية. وقبل ذلك، سرّبت حكومة عدن معلومات عن تلقّي الوسيط العُماني إشارات إيجابية من صنعاء بشأن قبولها ببعض المقترحات المتّصلة بإنهاء معاناة الموظفين، وهو ما قوبل بردّ على لسان وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ، اللواء محمد ناصر العاطفي، الذي أكد أن حكومته «لا يمكن أن تقبل أيّ مراوغة أو تلكؤ في تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه»، مشيراً إلى «التدخّل الأميركي والبريطاني بشكل فاضح وواضح لإعاقة الجهود المبذولة لتحقيق السلام»، مؤكداً أن اليمن «لا يزال قادراً على فرض قواعد اشتباك جديدة». كما جدّد دعوته «دول العدوان إلى سرعة الانحراط في سلام عادل وشامل»، محذّراً الرياض وأبو ظبي من تداعيات «الاتكاء على جدار أميركا وبريطانيا كون ذلك مصيره الانهيار».

وجاءت تصريحات العاطفي خلال مناورة عسكرية نظّمتها قيادة المنطقة العسكرية المركزية التابعة لصنعاء، بالقرب من مدينة مأرب شرقي العاصمة، حملت رسائل متعدّدة، وأظهرت استعداداً قتالياً عالياً. وفي خلال المناورة العسكرية التي خرّجت أيضاً دفعات قتالية جديدة، كشفت قوات صنعاء عن امتلاكها عدداً من وحدات الإنزال المظلّي، لأوّل مرّة منذ بدء العدوان مطلع عام 2015. ووفقاً لمراقبين عسكريّين، فإنّ التطوّر في إمكانات تلك القوات، والذي أظهرته الأشهر الماضية، ينبئ بأنها استغلّت فترة الهدنة في بناء قدرات كفيلة بفرض واقع عسكري أكثر تقدّماً لمصلحتها في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار.

صنعاء اشتغلت خلال الهدنة في بناء قدرات كفيلة بتغيير الحسابات

في هذا الوقت، وبينما ترى الأمم المتحدة في وقف إطلاق النار المؤقت الإنجاز الأهمّ لها، فهي دفعت بالمستشار العسكري للمبعوث الأممي، الجنرال أنتوني هايورد، إلى صنعاء في محاولة منها لمنع انهيار الهدنة. والتقى هايورد، الذي وصل الأحد إلى العاصمة، عدداً من القيادات السياسية والعسكرية، وناقش معهم سبل الحفاظ على خفض التصعيد، فيما أبدى الأخيرون استعدادهم «للتعاطي بشكل إيجابي وفعّال»، و«تثبيت وقف إطلاق النار في حال أثبتت دول التحالف جدّيتها في إحلال السلام». وقال نائب رئيس اللجنة العسكرية التابعة لصنعاء، العميد حسين الضيف، خلال لقائه هايورد، إن «الملفّ الإنساني لم يشهد أيّ خطوات ملموسة، ولا يزال الشعب اليمني يعاني من الحصار بكل أشكاله»، مؤكداً أن «الوقت يمرّ وليس في مصلحة الجميع»، واعتبر أن «التقدّم في حلّ الملفّ الإنساني والمتمثّل في صرف المرتّبات من الإيرادات النفطية والغازية وفتح المطارات والموانئ من دون قيود، سيساهم في التقدّم في الملفّ العسكري».

وتزامناً مع ذلك، عاد الحديث عن فتح وجهة جديدة بين مطارَي صنعاء والقاهرة. ووفقاً لمصدَرين مطّلعَين، فإنّ ترتيبات تجرى لتدشين رحلات جوية مباشرة بين العاصمتَين. وأشار المصدران إلى أن «شركة الطيران بلقيس بصدد استكمال الإجراءات لتدشين الرحلات الجوية»، معتبرةً أن هذا التطوّر سيمثّل في حال تحقّقه «انفراجة جزئية لخدمة المسافرين من المرضى».

* الأخبار اللبنانية