عبدالباري عطوان: نحذر قادة المقاومة من تكرار خطيئة عرفات في لبنان

 

إب نيوز ٢٧ ربيع الثاني

“زعماء” لم يتحركوا لوقف مجزرة الأطفال والمستشفيات في غزة لا يستحقون تمثيل الامتين العربية والإسلامية.. لماذا نحذر قادة المقاومة من تكرار خطيئة عرفات في لبنان ومن وسطاء عرب بعباءات صهيونية وسرقة الانتصار الوشيك؟

عبد الباري عطوان

لن نكتب عن القمة الاستثنائية العربية والإسلامية التي انعقدت في مدينة الرياض اليوم، فقمة تنعقد بعد 36 يوما من حرب الإبادة والتطهير العرقي الصهيونية في قطاع غزة ولم توقف هذه الحرب، او تفتح معبرا، او تحقن دماء طفل، ليست عربية ولا إسلامية، ولا حتى إنسانية.
رجال المقاومة البواسل الذين يتصدون للعدوان الإسرائيلي هم صانعوا المجد، وهم الذين يمثلون الامتين العربية والإسلامية، والناطقون باسميهما، والذين سيقررون مصيرها وهويتها، ويعيدون رسم خريطة المنطقة بالتضحية والدماء، على أسس جديدة عنوانها الكرامة والعدالة وعودة الحق لأصحابه.
فعندما نشاهد عبر شاشات التلفزة الطائرات والصواريخ الإسرائيلية تقصف المستشفيات، وتقتل المرضى في اسرتهم، والأطباء الذين يعالجونهم بالحد الأدنى من الادوية، والأجهزة، ووسط ظلام دامس لانقطاع الكهرباء، ويجرون العمليات الجراحية للأطفال، وذويهم المصابين دون مخدر، ويقف 2 مليار عربي ومسلم، وأكثر من 55 جيشا تزدحم صدور واكتاف قادتهم، وجنرالاتهم، بالنياشين والأوسمة، موقف المتفرج، فهذا قمة العار والخذلان، وانعدام الحد الأدنى من الإنسانية ولوطنية.
فصائل المقاومة ترتكب خطأ كبيرا عندما تناشد “الزعماء” المجتمعين في القمتين المندمجتين في قمة واحدة بالرياض بوقف الحرب، لانها، وهي التي تقاوم العدوان ببسالة ورجولة، وتذّل دبابة الميركافا، وناقلة “النمر” الأسطورية، وترسل صواريخها ملايين المستوطنين الى الملاجئ، وتصمد طوال هذه المدة، بعد ان حققت أهم انتصار في تاريخ الامة المتمثل في هجوم السابع من تشرين اول (أكتوبر)، فانها بهذه المناشدة تعطي هؤلاء شرفا لا يستحقه معظم “الزعماء” المشاركين، وترفع من قيمتهم.
في غزة هناك صمود اعجازي أسطوري، والتفاف غير مسبوق حول المقاومة وقيادتها، ومنسوب ضخم من الاستعداد للشهادة والتضحية حتى تحقيق النصر، ودحر العدوان، وإجتثاث المشروع الصهيوني الفاشي من جذوره، وعودة فلسطين، كل فلسطين لأهلها.
لا نعتقد ان المجتمعين في جدة، عربا كانوا او مسلمين، سيستمعون الى صرخة الدكتور محمد ابو سلمية مدير مستشفى الشفاء بغزة، التي أطلقها والصواريخ تنهال على رأسه وزملائه، ومرضاه، والآلاف الذين إحتموا بهذا الصرح الطبي، تلك الصرخة التي قال فيها “ان جثث الشهداء متكدسة، وسنحاول دفنهم داخل المستشفى، الذي يتعرض، ومحيطه لقصف مستمر من الجيش الإسرائيلي، ان ساعات فقط تفصلنا عن الموت، والعالم يتفرج، نحن لسنا أرقاما”.
قام العالم ولم يقعد لأن الطائرات الامريكية قتلت 100 طفل صربي اثناء قصفها لبلغراد اثناء الحرب البوسنية، ولكن، هذا العالم لم يحرك ساكنا لاستشهاد خمسة آلاف طفل فلسطيني في أقل من أسبوعين في قطاع غزة، لسبب بسيط وهو ان القاتل صهيوني، وان الداعم امريكي أوروبي يتباهى ويحاضر بجرأة وبجاحه في ميدان قيم حقوق الانسان، ولأن هؤلاء الأطفال من العرب ويعتنقون في معظمهم الديانة الإسلامية ومعظم زعمائهم الذين يدعون تمثيلهم عبيد لامريكا ويسوقهم رئيسها جو بايدن ووزيره بلينكن مثل القطيع، ويملي عليهم ما يقولون ويفعلون.
نحذر قيادة حركة “حماس” وفصائل المقاومة الأخرى من الاستماع الى السماسرة العرب الذين يتخفون في زي الوسطاء، فهؤلاء أخطر على الشعب الفلسطيني من معلميهم الإسرائيليين الامريكان، ويعملون لمصلحة هؤلاء، وآخر همهم هو إنقاذ الشعب الفلسطيني، بل الاسرى الإسرائيليين والعالقين الأمريكيين والغربيين، وآخر همهم هو الشعب الفلسطيني.
ندرك جيدا حجم الخسائر في صفوف المدنيين والنساء والأطفال، فالعشرات من بينهم أهلنا في القطاع واشقائنا واحفادنا وأبناء عمومتنا، وكل الشهداء والاحياء أهلنا، ولكن لا نبالغ عندما نقول بأن المقاومة انتصرت في هذه المعركة التاريخية، وهزمت المشروع الصهيوني، ودمرت الأسس التي قام عليها وأهمها: الردع، الهيبة، الأمن، الاستقرار، والرخاء الاقتصادي، فالإنجاز التاريخي الكبير لا يمكن ان يتحقق الا بتضحيات كبيرة، وهذا ما يفعله الشعب الفلسطيني الآن، في الضفة والقطاع، وكتائب مقاومته.
قطاع غزة، او اسبارطة القرن الواحد والعشرين (العبرة بالإرادة وليس بالمساحة) مجرد البداية ونقطة الانطلاق الى الانتصار الكبير والنهائي، ولن يحكمه قائد يأتي على دبابة أمريكية او إسرائيلية، ولن يسمح بحماة المستوطنين ويعمل تحت مظلة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وتعليماتها، ويتعيش على أموالها المسمومة بالعودة الى القطاع، بل سيحكمه من تصدى للعدوان عليه اليوم وطوال الاعوام الماضية، أي كتائب المقاومة، ورجالها البواسل، وهذا ما يجمع عليه أبناء القطاع واشقاؤهم في الضفة.
ختاما نقول لقيادات المقاومة في القطاع لا تكرروا خطأ منظمة التحرير، وتجربتها عام 1982، وتقعوا في مصيدة فيليب حبيب آخر بأقنعة عربية، ونحن نعلم جيدا ان هناك عروضا حملها الوسطاء بهذه الأقنعة تقول بنودها بخروج يحيى السنوار والجنرال محمد الضيف من القطاع الى مكان آمن مقابل وقف اطلاق النار، لإنقاذ ما تبقى من ماء وجه لنتنياهو وجنرالاته المهزومين.
قد يكون نتنياهو نجح في قتل 11 الف شهيد نصفهم من الأطفال، ولكنه لم يدمر نفقا واحدا، ولم يأسر قائدا واحدا من قادة المقاومة، وتحول القطاع الى مقبرة لدباباته وعرباته المدرعة، علاوة على مقتل العشرات، وربما المئات من جنوده وضباطه، والقادم أعظم بإذن الله

You might also like