كاتب فلسطيني : عشر حقائق تحتاج تحديثا في المعركة.. وثيقة نتانياهو التي مزقتها جنين قبل صدورها وبطولات اليمن الذي غير مسار العدوان!

إب نيوز ١٤ شعبان

ماذا تفعلون بغزة يا أهل المؤتفكات ؟ ما الذي تريدون إثباته  من خلال صور الجوعى والذين يركضون بلا أحذية خلف شاحنة تحمل بعض الفتات يا مجتمع كاخ ؟ ماذا تريدون من صور الجوعى والمنكمشين من البرد يا أبناء  كاهانا ؟ ماذا تريدون من صور الأطفال الباكين والأمهات الباكيات أيها المجرمون الشارونيون ؟ ماذا تريدون من سرقة البنوك وتعرية المعتقلين واغتصاب بعض النساء والتسلية بإعدام البعض ؟  هل من المعقول أن هنالك شعبٌ بأكمله يموت من الجوع في مطلع القرن الحادي والعشرين على مرأى الحضارة ؟ أي نوع من الزمان نعيش وأي نوع من البشر نحن نواجه ؟  ما هو دين هذه الدولة العظمى الرخيصة التي تفعل هذه الآثام في وجه التاريخ وبماذا تفكر ؟  ما نوع هؤلاء الوحوش الذين يكللون المرحلة والسنوات بالعار ويصبغون أيامنا بالسـواد ؟ .

 لم نشهد في كل التاريخ البشري حالة (استكلاب ) كما نرى فيما يفعله الفريق الأمريكي – الصهيوني المستكلب في القتل والانحطاط والتجويع واللؤم العسكري والسياسي والإجرامي ، قتل في غزة والضفة وقصف في اليمن وسوريا وقتل في لبنان واستعراضات جبانة في كل المحافل ، إنهم لا يتوقفون عن إدهاشنا في الانحطاط والحقارة والسفالة كل مرة ، إنهم يبحثون عن أكثر الأفعال استفزازا لكل البشر لكي يقترفوها ، ويبحثون عن أكثر الأعمال عدائية وتحديا للقوانين الدولية لكي يفعلوها ، إنهم يبحثون عما هو أكثر خسة ونذالة وحقارة وخيانة من الأفعال ليرتكبوها في الوقت الذي تمارس فيه المقاومة الفلسطينية والعربية أكثر الأفعال نبلا وإنسانية وخُلقا .

نحن نقترب من إكتمال الشهر الخامس من العدوان ، لقد تغير القاموس الجيوسياسي والديموغرافي بناءا على  خارطة انتشار الفيروس الصهيوني  في المنطقة وأعادت عملية طوفان الأقصى إضاءة التوزيع الحقيقي لهذا العالم ، الجريمة في غزة بالشراكة بالمناصفة والخسارة بالمناصفة بين القيادة الأمريكية -والصهيونية تتم ترجمتها إلى نسخ من الانتقام بكل أشكاله والتمديد والمراوغة بكل أشكالها ، بعد مضي هذه الأيام العصيبة من العدوان الإرهابي أصبح من المحتوم تجديد الفهم لكثير من الحقائق التي يتوجب إجراء التحديث عليها وإعادة تشكيل النموذج السابق منها :

1-إن العدوان على غزة ليس عملا عقابيا ولا هو رد فعل على طوفان الأقصى إنه التصحيح الأول الذي يجب أن نفهمه تماما ، إنه الفرصة المنتظرة للقيام بعملية ضخمة في الضمير الأمريكي ، إنها محاكاة لنسخة مصغرة عن أحداث 11 أيلول في نفس السيناريو تماما من أجل تفريغ خزان الغايات السوداء المبيتة في الامبريالية الأمريكية والدموية الصهيونية ، نعم هنالك رغبة في الانتقام ولكن نحن أمام مخطط ضخم جدا اولى مراحله هي تصفية قطاع غزة ، ليس من المقاومة فحسب بل من كل ما فيها من حجر وإنسان واستلامها فارغة لتكون الممر المحتوم نحو الجنوب حيث مصر ثم تبعيات أخرى لا أحد يعرف حدودها ، ولا يؤخر هذا الخطر إلا صمود المقاومة .

2- لقد صار واضحا الان أننا أمام فكرة جديدة مغايرة تماما عما كنا نردد ونعتقد ونُساق إليه ، ليس التهجير هو الهدف المعلن ، من يرغب في التهجير لكان قد فعل ولا حاجة له بالتجويع ولا استمرار القتل فكل شروط التهجير مجهزة وجاهزة ومتفق عليها قبل العدوان ومن اقترف كل هذه الجرائم كان أسهل عليه عمل التهجير ، الإبادة والإزالة هي الهدف و الغاية وهي الأولوية والاكثر لباقة في كتيب الارشادات اليهودي ، سيتكفل القصف والتجويع والمرض والالتهاب بوفاة الالاف ومن يتبقى يمكن تهجيره ، كل كائن حي في غزة هو عدو ، استخدام السنوار وقادة المقاومة والانفاق كأيقونات دعائية للعدوان ليس إلا قشرة يُستَهدف تحتها قتل أكبر عدد ممكن ضمن مطاردة هذا العدو الذي يجري تهويل وتضخيم خطره على (اسرائيل ).

3-من الواضح أن خطة العدو تعرضت للتبديل والتحديث عدة مرات ولم تكن نسخة واحدة منذ البداية وإلا كنا جميعا شعرنا بالنتائج والتنبؤات المتعلقة بها ، لقد كانت هنالك متغيرات تفرض هذه التحديثات بين مد وجزر ، أولها هو حجم صمود السكان وثانيها هي المقاومة المؤمنة وثالثها تدخل اليمن البطولي وموقف قيادته المشرف بشكل أساسي ، إن حلقات التمديد الزمني شهرا تلو الآخر تستهدف نفاذ ذخيرة وصمود المقاومة واستنزاف معنويات المقاتلين بعد تعثر الحصول على نتائج.

4-إن العمود الفقري الأساسي الخلفي في لعبة العداون على غزة كما هي العادة هو الدولار ! وما دام الدولار بخير ضمن الدورة الاقتصادية العالمية فلا مشكلة في استمرار العدوان الإرهابي لمدة مفتوحة ، وما دام الدولار بخير فلا خوف على الشيكل و لا يحزنون وبالتالي فلا خوف على الاقتصاد الصهيوني ولا يزعلون ، التحديث الأساسي هنا هو أن خدعة تضرر الاقتصاد الصهيوني هي خدعة شكلية ظرفية قابلة للتبدل بين الليل والنهار بوجود الرعاة والداعمين والسخاء النفطي المكدس في خزائن عربون ، كل الأزمة المالية التي يغرق فيها العدو الصهيوني هي مجرد أزمة عابرة ولو كانت تشكل أي متغير لكانت هذه الحرب اتخذت منحنى مختلفا .

5-إن الظاهرة الاستعمارية القديمة التي أعقبت الحربين العالميتين تعود مجددا إلى المنطقة العربية وربما الشرق الأوسط ، الاستخدام غير الحكيم للقوة من قبل الولايات المتحدة وتضافر الغرب معها بصعود اليمين المتطرف يؤكد أن هذا الجسد الاستعماري يترنح ويعاني من عسرة اقتصادية ووجودية ويؤمن بأن علاج هذه المصائب الضخمة والاستعداد للمواجهات القادمة يتطلب إعادة احتلال الشرق الأوسط والاستيلاء المباشر على أرض وثروات المنطقة خاصة عقب الفشل الكبير في الحوض النورماندي الأوكراني ، إن الاستيلاء على المنطقة العربية مكون أساسي في الضربة الآتية على ايران ثم باقي الأجندات الأبعد ، إن هذا يعني أن مزيدا من سنوات العسرة والدم في طريقها إلى المنطقة وما عدوان غزة إلا العبرة والصعقة الأولى لإفهام الرسالة.

6-من لم يفهم كيف حدثت النكبة الفلسطينية في الماضي يمكنه الان أن يفهمها بالنسخة الأحدث من التخاذل والخيانة العربية النظامية ، نفس السيناريو يتكرر تماما لأن الحرس الجديد توارث مهمة الحرس القديم ولكن على المكشوف ، نحن لم نغادر سايكس -بيكو إطلاقا ، وهذا التحديث لمن كان يعتقد بأن سايكس -بيكو أسطورة قد انتهت ، نفس هذا السيناريو سيجري تطبيقه على عدد غير قليل من الدول العربية المضمنة في جدول التفريغ والإبادة .

7-إن مواطني الكيان المجرمين هم مجرد حجارة شطرنج ولكن بنسخة محدثة أكثر من مستوى المواطن العربي ، فإذا اعتبرنا المواطن العربي حسب تصنيفهم مستوى خامسا ومواطني غزة مستوى عاشرا فالمواطن الصهيوني يعتبر مستوى ثالثا وهو شيء قابل للاستهلاك والركوب والقتل والتضحية به ، إنه مجرد كائن طفيلي مغرر به ليكون ضحية في الزمان والمكان المناسبين للاستثمار في قتله أو عذابه أو استنزافه لخدمة الصهيونية العالمية والرؤية التلمودية ، إنه مجرد شيء لا قيمة له ضمن القرار الاعمق .

8-عندما يقف مسؤول أمريكي ، سيناتور ، أو وزير أو ناطق رسمي بالأمن القومي أو الأمن الانتهازي أو الأمن النهبي أو غيره من أشكال الأمن الأمريكي ويصرح مباشرة بأنه يجب إبادة قطاع غزة أو يعلق بأنه يجب قتل الأطفال في غزة فما الذي تفهمونه ؟ الذي يجب أن نفهمه جميعا هو إباحة الدم العربي بالمطلق ، الدم اليمني واللبناني والعراقي والمصري والأردني وغيره ، صنبور الدم المهدور باليد الأمريكية على وشك الفتح وهو بانتظار الإجهاز على غزة التي وقفت في حلوقهم جميعا ، استعدوا جيدا وتذكروا تماما هذه النقطة لأن الدور التالي محضر.

9-لا يوجد شيء اسمه اليوم التالي في غزة أو ما بعد انتهاء العدوان على غزة ، يجب التوقف حالا عن التخدير بهذه الإبرة ، ما يوجد في ضميرهم بعد غزة هو لا شيء ولا أحد وقد أعلن ذلك المجرم نتانياهو بالأمس في وثيقته !

10-حيال فداحة الجريمة وانحطاط المؤامرة لا بد لميزان الكون الرباني أن يمنح شيئا للمستضعفين ، ومن هنا نقول بأن الأحداث لا يمكن أن تجري حبكا كما يرسم حلف الشيطان لأن لله عبادا في أرضه ، إن إرادة المقاومة الفلسطينية الحرة وتشاركها إرادة محور المقاومة العربي تمكنت من الوقوف في وجه هذا الجبروت وهذه النذالة دون أن تخضع أوتعلن استسلامها كما ظن الطغاة على الرغم من الضربات المميتة ، لقد تمكنت المقاومة بكل أطيافها من إلحاق خسائر كبيرة بجيش الشيطان وعتاده وخططه وأرصدته وحلفائه وأربكت استكباره وجعلته يعيد النظر في كثير من أفعاله.

إن الكيان الصهيوني وما يمثله واقع في ورطة كبيرة أكبر بكثير من حجمه ، الورطة ليست ناجمة عن اصطدامه وخساراته نتيجة التماس مع المقاومة ، بل هي ناجمة عن كشفه عن حقيقته الهمجية الوحشية أمام كل العالم ، لقد وضع نفسه كعدو للإنسانية والحياة والتحضر وبالتالي فهذا الكيان ومعه الولايات المتحدة فقدا العنصر الأهم في مبررات الاستمرار والوجود لأن الكون يقول بأن كل الأشياء المحكومة بالرفض تؤول إلى الزوال ، إن التاريخ لا يكتبه الغشاشون ولا قتلة الأطفال ولا لصوص الأرض ، يكتب التاريخ الثائرون الفقراء الذين أحاطتهم المكيدة الكونية بكل ظروف اليأس والعجز والهوان ولكنهم صنعوا من كل ذلك حربة صوانية لحفر الجدار والصعود نحو الهواء ، التاريخ الحقيقي المصنوع من ورق البردى لا يكتبه لصوص العساكر الذي انقلبوا على الشرف مقابل القصور والنعيم الزائل ، التاريخ يكتبه الذين انقلبوا من طلاب وعمال واطباء ومزارعين إلى مقاتلين يدفعون حياتهم دفاعا عن اهليهم وأرضهم وشرفهم وقرآنهم ، التاريخ لا تكتبه محكمة عدل ولا جنايات ولا يكتبه سيناتور يمارس الكذب والجنس والرذيلة مع الخنازير ، التاريخ يكتبه الصابرون فوق النار وتحت القصف والمتمسكون بشروطهم العادلة والمحقة والمنصفة .

على الرغم من كثرة الرسائل الموحية بالخطر والمؤامرة لكن بالمقابل هنالك مؤشرات وشرارات مضيئة تندلع من كل مكان لتؤكد لكم بأن النصر قادم وعدو البشرية إلى هزيمة ،

ثمة رسائل إضاءة كثيرة سأختار منها أربعا ضمن متابعتي لقناة الميادين في المساء ، الأولى حيث قال المحلل اليمني محمد منصور في حديثه مع كمال خلف عبارة أكثر من رائعة بأن الثمن الذي دفعه اليمن بوقوفه ضد العدوان كان سيكون أكثر لو أنه لم يفعل ، الثانية هي صوت الآذان يملأ جباليا من بين القصف والدمار ، الله أكبر الخالدة لا تزال حية وستبقى حية وتنعش الروح والصمود ، الرسالة الثالثة قالتها سيدة فلسطينية نازحة : حتى لوقصفوا السور فلن نهرب إلى سيناء بل سنعود الى الشمال ثانية ، سيكبر أولادنا ليكونوا مقاتلين ليس ليرجعونا إلى الشمال فقط بل لكي يرجعوا حيفا ويافا ويرجعوا الشرف العربي ، الرسالة الرابعة قالها المحلل واصف عريقات : لو كانت وثيقة نتانياهو وأوهامه قابلة للتحقيق فليذهب أولا ويرينا كيف يسيطر على مخيم جنين ذي الكيلو متر المربع الذي قض مضاجعهم وأثار جنونهم ، إن معركتنا معكم طويلة ، نحن لن نستسلم حتى لو أبيدت غزة أو هجرتم كل شعب فلسطين ، نحن لن نغفر أبدا ولن نسامح مهما طال الزمان ثأرا لكل طفل ولكل أم و زوجة بكت أو دمعة نزلت .

*خالد شحام

كاتب فلسطيني

You might also like