عطوان : كيف أحرج السيد الحوثي المتحدث باسم السلطات المصرية بعرضه ارسال “الخبراء” الى معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية بالقوة؟ وماذا يعني التهديد المفاجئ بتوسيع دائرة المواجهة وإنزال “غواصات” الى الميدان في البحرين العربي والاحمر؟ وهل بدأت مرحلة “تأديب” أمريكا وبريطانيا؟

 

 

إب نيوز ١٤ شعبان

عبد الباري عطوان

 

في الوقت الذي تقف فيه العديد من الحكومات العربية التي تتربع على عروش دول عربية كبرى تملك المئات من الطائرات الحربية، وآلاف الدبابات والمسيّرات موقف المتفرج على حرب الإبادة التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة، تتصدر الحكومة اليمنية في صنعاء الخارجة من حرب مهلكة استمرت ثماني سنوات، وتواجه حصارا خانقا، المشهد وتضع ثقلها في حرب لا تستهدف السفن التجارية الإسرائيلية او تلك تنقل بضائع الى دولة الاحتلال فقط، وانما ايضا البوارج البحرية للدول الداعمة والمتواطئة والحامية لها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.

القوات البحرية اليمنية ترد على التصعيد الاجرامي الإسرائيلي في قطاع غزة، بتصعيد مواز يستهدف التجارة البحرية الإسرائيلية، والسفن البحرية الحربية والمدنية الامريكية، ولم تنفع كل التهديدات والغارات في العمق اليمني، وعلى العاصمة صنعاء في إرهاب القيادة او الشعب اليمني بل أعطت نتائج عكسية تماما، من حيث تكثيف الهجمات على السفن التي لا تلتزم بالتعليمات في البحرين العربي والاحمر، وتوسيع دائرتها الى اليابسة بقصف ميناء ام الرشراش (ايلات) بصواريخ باليستية دقيقة اصابت أهدافها يوم الخميس.

***

السيد عبد الملك الحوثي الزعيم الروحي لحركة “انصار الله” اليمنية القى خطابا ناريا في المظاهرات المليونية التي تنطلق كل يوم جمعة تضامنا مع الشعب الفلسطيني وحركات مقاومته في قطاع غزة والضفة الغربية اكد فيه ان القوات البحرية والبرية اليمنية ستصعد عملياتها في الأيام والاسابيع القادمة في البحر الأحمر ومياه أخرى، وانها أدخلت سلاح الغواصات تضامنا ودعما للشعب الفلسطيني، ملمحا الى وجود خطط لملاحم ومفاجآت قادمة لم يكشف عن مضمونها، باعتبارها من الأسرار العسكرية.

العميد يحيى سريع الناطق العسكري باسم القوات اليمنية كشف يوم امس الأول عن تنفيذ ثلاث عمليات من بينها قصف سفينة ايلاندر البريطانية في خليج عدن بعدة صواريخ بحرية أدت الى إشعال نيران ضخمة فيها، اما العملية الثانية فاستهدفت قصف فرقاطة عسكرية أمريكية، وجاءت الثالثة بقصف ميناء ايلات بعدة صواريخ باليستية حولته الى مدينة اشباح حيث انطلقت صافرات الإنذار طول اليوم، ولجأ مئات الآلاف من المستوطنين الى الملاجئ.

سيسجل التاريخ بأحرف من ذهب هذه الشجاعة اليمنية في زمن الصمت والتواطؤ العربيين، مثلما سيسجل أيضا ان الشعب اليمني وقواته المسلحة، اجتاز كل الخطوط الحمراء، بل شديدة الاحمرار، هاجم السفن لأعظم امبراطورتين في التاريخ الحديث، الأولى (بريطانيا) التي افل نجمها ولكنها ما زالت تملك بعض أسباب القوة، والثانية الولايات المتحدة القوة الأعظم التي تملك اكثر من 6000 رأس نووي.

المهمة القادمة للقواعد المسلحة اليمنية ستتمثل في “تأديب” القوى الغربية العظمى، بعد “تأديبهم” لقوى إقليمية، ونقل المعركة من البحرين العربي والاحمر الى المياه الإقليمية الفلسطينية المحتلة، واليمنيون مغرمون بكلمة “تأديب” وتعود اليهم حقوق النشر لإحياء هذا التوصيف.

نستند في هذا التوقع الى “الرد اللاحم” الذي صدر عن السيد علي الحوثي القيادي في حركة “انصار الله” اليمنية تعقيبا على تصريح ادلى به السيد ضياء رشوان رئيس الهيئة المصرية العامة للاستعلامات التي حاول فيه “تبرير” حكومته لعدم فتح معبر رفح بكل الوسائل لإدخال اكثر من الفي شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية الى أطفال القطاع الذين بدأوا يستشهدون جوعا، بالقول “ان دخول هذه المساعدات دون موافقة مسبقة من دولة الاحتلال سيؤدي الى قصفها”.

السيد الحوثي قال بالحرف الوحد “نحن حاضرون لإرسال من يقود الشاحنات والناقلات المحملة بالمساعدات الغذائية والإنسانية والطبية الى قطاع غزة، ونملك خبرة كبيرة ومجربة في هذا المضمار، اكتسبناها من حرب الثماني سنوات حيث أوصلت المساعدات تحت القصف”.

لا نعتقد ان السلطات المصرية ستستجيب لهذا الاقتراح الذي يشكل احراجا لها، وفضحا لتواطؤها مع سياسة التجويع الإسرائيلية لأكثر من مليونين من أبناء القطاع، ولكن يكفي السيد الحوثي انه “علق الجرس”، وتحدى هذه الاعذار المصرية الرسمية الواهية علانية.

***

الاشقاء اليمنيون شعبا، وحكومة، وقوات مسلحة، لا يعرفون شيء اسمه الخوف، فاذا كانوا لا يخافون من أساطيل أمريكا القوة العظمى، ويذلون دولة الاحتلال، ويغلقون البحر الأحمر وباب المندب في وجه سفنها دون ان تجرؤ على الرد بإطلاق رصاصة واحدة، لا نستبعد ان ينفذ هؤلاء الاشقاء تهديداتهم ويوسعون دائرة نصرتهم لأشقائهم في القطاع، بإرسال سفن محملة بالمساعدات الى شواطئ القطاع بحرا، وربما شاحنات برا الى معبر رفح ووضع السلطات المصرية امام تحد غير مسبوق، فأبو يمن بات “ملك” المفاجآت المشرفة، يقول ويفعل، ويهدد وينفذ، ونجزم بأنه سيبّز الافغان والفيتناميين في تلقينه أمريكا درسا في الهزيمة لن ينسوه ابدا، وقد يكون بداية النهاية لوجودهم في المنطقة.. والأيام بيننا.

 

You might also like