قبل أن يضيع كل شيء !

إب نيوز ١ ذو القعدة

 عبدالملك سام

لن أتكلم عن رفح؛ فقد سبق أن قلنا كل شيء تقريبا فيما سبق، ولا جديد سوى أن العرب أثبتوا أنهم أمة ماتت ضمائرها ونخوتها، ولم تستطع حتى أن تتحرك كما تحرك الغرب لدعم قضيتهم، وحتى على مستوى المسيرات والمقاطعة فقد أثبتنا بأننا أضعف من (أضعف الإيمان)، وأن علبة الكولا أغلى من دم عائلة فلسطينية بكاملها!

الانظمة ليست مضطرة لتخفي خيانتها بعد اليوم، فممن تخشى؟! يكفي أن ترتب لحفلة أجمل كلب، أو لمباراة كرة قدم لينشغل عنها الشعب وعن كل قضاياه.. ستجد مليون متابع لشاذ يتغنج ويتحدث عما يعانيه بسبب (……)، بينما من يحذرنا وينذرنا ويذكرنا بمسئوليتنا لا يوجد من يتابعه، وإن وجد فهو إما غير متفاعل، أو هو جاسوس يكتب تقرير للعدو بما يقال، وستجد عشرات التافهين الذين يتسابقون للسخرية منه!

آن لإسرائيل أن تمدد رجليها العفنة، وأن تفعل بفلسطين الوحيدة ما تشاء، وفي الغد ستفعل بمصر والأردن ولبنان وسوريا والسعودية والعراق ما تشاء أيضاً.. من الذي سيمنعها؟! ولو تحرك عربي لمواجهتها فأول من سيواجهه هو عربي آخر! من الذي سيمنع نتنياهو من تدمير رفح؟! نحن؟!! العرب آخر هموم الصهاينة، ولولا خوفهم على سمعتهم وتجارتهم عند الشعوب الآخرى لفعلوا أكثر!

ستباد غزة عن بكرة أبيها، وسيطرد الفلسطينيون إلى سيناء، وريثما يبدأ مشروع قناة “بن غريون” على أنقاض غزة، ستبدأ المشاكل في مصر (وقد بدأت بالفعل منذ فترة)، ثم سيختلق الصهاينة مبررا لأحتلال سيناء، وهكذا دواليك مع كل بلد في المنطقة! كلنا – للأسف – نعرف طريقتهم: تركيع الهدف أقتصاديا ونشر الفوضى تمهيدا للتقسيم، ثم ضرب الهدف والتدخل في شؤونه، ثم أحتلاله بمعونة عرب آخرين كما حدث وسيحدث في كل بلد عربي على حدة! والمشكلة أننا نعرف!؟!

يوم أحرق اليهود المسجد الأقصى قضت جولدا مايير – رئيسة وزراء كيان العدو السابقة – ليلتها تترقب غضب العرب، ولكن عندما حل الصباح ولم يحدث شيء، أدركت أن العرب أضعف مما ظن الصهاينة الأوائل، وربما أدركت أنهم قد بالغوا كثيرا عندما فكروا بمشروع “ميكرع هلكول*”؛ فالمهمة أسهل مما كانوا يعتقدون!!

اليهود عرفوا لماذا ضربوا وذلوا وتشتتوا في الماضي، ولذلك حرصوا على أن يجعلونا في الوضعية التي كانوا هم عليها.. حمقى شهوانيين تافهين متفرقين كسالى متشتتين! هم عرفوا أن أي أمة تحمل هذه الصفات ستندثر، ولذلك كانت أكثر الناس سعادة بحروبنا، وحفلات مجوننا، وتفاهة مدارسنا وإعلامنا، وتبديد ثرواتنا، ووضاعة أنظمتنا، وفسادنا. وقد باتت أكثر ثقة ووقاحة مع كل سقوط حل بأمتنا.

أنا لست بعراف لأعرف كم بقي لنا من الوقت حتى نلتحق بالديناصورات المنقرضة، بل أني مندهش أننا لم ننقرض بعد! ربما السبب الوحيد لذلك يتمثل في الفئة القليلة الباقية التي ما تزال تقاوم؛ فهم – رغم قلة عددهم وعدتهم – ما زالوا يمثلون الأمل الباقي لكل الأمة.

لقد حفظ المقاومون للأمة شرفها وكرامتها، وأملها، والألتحاق بهم هو السبيل الوحيد لإنقاذ الأمة، وقد جربت الأمة كل السبل من مسالمة وتطبيع واسترضاء وأستجداء دون جدوى، ولم يبقى أمامها سوى أن تراهن على البقية الصادقة المؤمنة، فماذا ستخسر لو جربت أن تراهن على المقاومة قبل أن يضيع كل شيء؟!

….

 

 

*ميكرع هلكول: مشروع صهيوني ويعني “قبل أن يضيع كل شيء”، وهو اسم يطلقه الصهاينة على القنبلة النووية الإسرائيلية التي ظنوا – وبعض الظن أثم – أنهم قد يضطرون لأستخدامها إذا أقترب العرب من هزيمة كيانهم!

You might also like