اليمن مقبرة التكنولوجيا الأمريكية : من دبابات الإبرامز الى حاملات الطائرات!

‏إب نيوز ٢١ إبريل

هذه قصة لم يتوقّعها أحد…لا في دهاليز البنتاغون، ولا في أحلام الناتو، ولا حتى في كوابيس واشنطن ذاتها…من مكان بدا للوهلة الأولى مجرّد هامشٍ ترابيٍّ في ذيل الخريطة، نَبَتت يدٌ خشنةٌ ومفاجئةٌ وراحت تعبث بترسانة الإمبراطورية، كمن يجرّب مدى هشاشة الزجاج حين يُلقى على صخر.

اليمن، البلد الذي حسبته الماكينات الغربية مجرد فراغ بين حربين، تحوّل فجأة إلى مختبرٍ فضائحيّ لتكنولوجيا جرى تسويقها لعقودٍ على أنها نهاية التاريخ العسكري.

الدبابات، التي اجتاحت بغداد كأنها قدر، تسقط هنا كعلب صفيح. الطائرات التي كانت تزرع الموت في أطراف آسيا، تتهاوى كما تتهاوى الأساطير، والمدمرات التي كانت تمخر بحار العالم بثقة الملوك، تنكفئ اليوم في البحر الأحمر كجُزرٍ من فولاذ تائهٍ لا ملاذ له….ليست القصة عن السلاح فقط، بل عن القناعة التي تربّت عليها الأمم: أن أمريكا لا تُهزم…لكنها اليوم تُهزم، وتُلاحق، وتُراقب من قِبَلِ من ظنّتهم ظلالًا لا تُرى.

في هذا التقرير نغوص في تفاصيل هذا التحول، ونكشف كيف أصبح اليمن مسرحا لتفكيك أسطورة التفوق العسكري الأمريكي.

واجهت الأسلحة الأمريكية المتقدمة في اليمن تحديات غير متوقعة.. من دبابات الأبرامز إلى منظومات الدفاع الجوي الباتريوت، ثم إلى طائرات ام كيو ناين وصولا الى حاملات الطائرات في البحر الأحمر، تعرضت التكنولوجيا العسكرية الأمريكية لاختبارات صعبة أثارت تساؤلات حول فعاليتها في بيئات القتال غير التقليدية. هذا التقرير يستعرض الأداء الميداني لهذه الأسلحة في سياق الحرب في اليمن، ويحلل تأثير ذلك على سمعة الصناعات العسكرية الأمريكية وسوق الأسلحة العالمية.

دبابات الأبرامز

في جيزان حيث دارت اعنف المعارك مع الجيش السعودي تقبع منطقة يسميها المقاتلون اليمنيون “مقبرة الأبرامز”. هنا، حيث تتكدس حطام 12 دبابة أمريكية الصنع، تُروى قصة التحدي هذه الدبابات تم اصطيادها في عملية نوعية للجيش اليمني وغيرها عشرات الدبابات في عمليات مختلفة

دبابة الأبرامز (M1 Abrams)، التي تُعد واحدة من أبرز إنجازات الصناعة العسكرية الأمريكية، صُممت لتوفير مزيج من القوة النارية، الحماية المتقدمة، والقدرة على المناورة. بسعر يصل إلى 10 ملايين دولار للوحدة، اشترت المملكة العربية السعودية عددًا كبيرًا من هذه الدبابات لاستخدامها في عملياتها العسكرية في اليمن، .

لكنها واجهت تحديات غير متوقعة. مقاتلو الجيش اليمني ، باستخدام صواريخ مضادة للدروع – في البداية من تصنيع روسي مثل صاروخ كورنيت، ولاحقًا بصواريخ محلية الصنع – تمكنوا من تدمير العشرات من هذه الدبابات، خصوصًا في المناطق الحدودية مثل جيزان…

منظومات الدفاع الجوي

منظومة الباتريوت، وهي نظام دفاع جوي أمريكي متقدم، واجهت اختبارًا كبيرًا خصوصًا بعد هجمات الجيش بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية استهدفت منشآت سعودية حيوية، مثل هجوم 2019 على منشآت أرامكو النفطية. على الرغم من نشر المنظومة لحماية الأهداف الاستراتيجية، فإن نجاح بعض الهجمات اليمنية أثار تساؤلات حول فعالية الباتريوت في مواجهة التهديدات الحديثة.

في 2019، أرسلت الولايات المتحدة فريقًا من المهندسين العسكريين إلى السعودية لتقييم أداء المنظومة، وسط تقارير عن تحديات تقنية وتشغيلية. مسؤولون أمريكيون، بمن فيهم وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، أشاروا إلى أن أي نظام دفاعي قد يواجه صعوبات في مواجهة هجمات معقدة، مشيرين إلى أن هجوم أرامكو كان غير مسبوق في حجمه وتنظيمه. ومع ذلك، أدى فشل الباتريوت في اعتراض بعض الهجمات إلى انتقادات في وسائل الإعلام الأمريكية، بما في ذلك تقرير لمجلة “ناشيونال إنترست” أشار إلى قلق البنتاغون من تنامي المنافسة مع الأنظمة الروسية مثل S-400.

لقد أدت هذه الأحداث إلى إعادة تقييم بعض الدول لخياراتها الدفاعية، حيث بدأت دول مثل تركيا والهند في استكشاف أنظمة روسية بديلة، مما دفع الولايات المتحدة إلى التهديد بفرض عقوبات لمنع هذه الصفقات حينها

طائرات MQ-9 Reaper

طائرة MQ-9 Reaper، التي تُلقب بـ”الصياد القاتل”، تُعد جوهرة في ترسانة القوات الجوية الأمريكية. بسعر 32 مليون دولار للوحدة، صُممت للمراقبة والضربات الدقيقة… لكن في اليمن، تحولت هذه الجوهرة إلى هدف سهل. منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023 وحتى اليوم تم اسقاط 21 طائرة نوع mQ9 من قبل الدفاعات اليمنية.اضافة الى اسقاط أربع طائرات منها خلال الحرب العدوانية على اليمن بقيادة بقيادة السعودية ليرتفع العدد الى 25 طائرة

كانت MQ-9 Reaper، “الصياد القاتل”، تاجا في تاج القوة الجوية الأمريكية، طائرة تُحلق كسيدة السماء، مزودة بعيون ترصد كل شيء ومخالب تضرب بلا رحمة. لكن في اليمن، تحطمت هذه الأسطورة في مشهد يفوق التصور. في ضربة مروعة لكبرياء واشنطن،

البحر الأحمر: اختبار للبحرية الأمريكية

في البحر الأحمر، واجهت القوات البحرية الأمريكية، بما في ذلك حاملات الطائرات والمدمرات المجهزة بنظام إيجيس، تحديات جديدة من صواريخ وطائرات مسيرة يمنية

هذه الهجمات، التي استهدفت سفنًا تجارية وأحيانًا أهدافًا عسكرية، كشفت عن صعوبات في اعتراض التهديدات منخفضة التكلفة. قائد الأسطول الخامس الأمريكي، الأدميرال تشارلز كوبر، أشار في مقابلة مع شبكة “سي بي إس” إلى أن الصواريخ الحوثية تصل إلى أهدافها في غضون 75 ثانية، مما يترك للقوات البحرية نافذة زمنية ضيقة (9-15 ثانية) لاتخاذ قرارات الاعتراض.

مازالت البحرية الامريكية تتعرض لخسائر كبيرة في البحرين الأحمر والعربي وبحسب تقارير اعلامية أمريكية فإن الخسائر تتجاوز 4 مليار دولار تكاليف الاعتراض فقط هذا ناهيك عن سقوط هيبة البحرية الأمريكية القوة العظمى في العالم… لم يحدث ان قامت أمريكا بارسال خمس حاملات طائرات وهذا ماحدث لها في مواجهة الجيش اليمني ومع ارسال كل حاملة يتم استهدافها من قبل الجيش اليمني ومطاردتها كما حدث مع ايزنهاور وترومان والحاملات الاخرى الى درجة ان القطع الحربية الأمريكية لاتجرؤ اليوم على الدخول الى المياة الاقليمية اليمنية واصبحت تتمركز على بعد 1000 كم

اليوم اصبح نصف الاسطول الامريكي من السفن والحاملات تئن خاضعة للصيانة بعد ان فشلت في البحر الاحمر وبمقارنة خارطة الانتشار التى تنشرها البحرية الامريكية يمكن مقارنة خارطة ابريل لهذا العام بخارطة ابريل للعام2024

لقد كشف اليمنيون عن ثغرات كبيرة في البحرية الامريكية واظهرت حقيقتها امام الحلفاء الذين رفضوا الانضمام اليها في الحرب على اليمن وامام اعداء أمريكا كالصين التي استفادت وعرفت الكثير من هذه الثغرات وجوانب الضعف لدى البحرية الأمريكية

في البحرين الاحمر والعربي حدث ما لم يجرؤ أحد على تخيله هذه القلاع العائمة، التي كانت ترعب الأمم، أصبحت مطاردة… نعم، مطاردة! في كابوس يفوق الخيال، حولت صواريخ يمنية وطائرات مسيرة، رخيصة كالغبار لكنها قاتلة كالقدر، هذه العمالقة إلى أهداف تهرب من شبح النيران. خمس حاملات طائرات، كل واحدة مدينة حربية تكلف مليارات، أُرسلت لتفرض سيطرة واشنطن، لكنها وجدت نفسها تتراجع مذعورة، تُطارد عبر الأمواج، مضطرة للاختباء على بعد 1000 كيلومتر من المياه اليمنية

سمعة الصناعات العسكرية الأمريكية

لقد ألقى اليمن بظلال ثقيلة على سمعة صناعتها العسكرية…دول كثيرة مثل استراليا والهند بدأت تُعيد تقييم استثماراتها، بينما تكتسب الأنظمة الروسية والصينية، مثل S-400 وHQ-9، زخمًا بفضل تكلفتها المنخفضة وأدائها المزعوم.

ماذا تبقّى إذن من هيبة الأسلحة الأمريكية؟

تبقّى صوت المعادن المحترقة وهي تُنتزع من وهمها، تبقّى صدى الدخان وهو يعلو من أبراج حاملة طائرات تطوف خائفة، كأنها سفينة تائهة في ملحمة من نار. تبقّى صراخ الإلكترونيات الأمريكية وهي تنهار تحت قبضة صاروخ صنع في مغارة. تبقّى البنتاغون يحصي خسائره كأنّه يقرأ مراثي السلاح في زمن النكسة.

في اليمن، تحطّم الزمن العسكري الأمريكي على صخرة لم تظهر على خرائط الأطلس، وانكسرت الأسطورة تحت قدم مقاتل نحيل يربط عمامته ويصعد الجبل. كانت أمريكا تصنع أساطيرها على شاشات السينما، والآن تتساقط تلك الأساطير بين أيدي رجال يكتبون تاريخهم بالبارود،

لقد سقطت الفكرة التي أنفقت عليها واشنطن قرنًا من الزمن، سقطت قِبلة الخوف، وسقط معها من بنى مجده على توازن الرعب.

إنها لحظة فارقة، تشبه سقوط صنم، أو موت إله مزيف، لحظة أعلن فيها اليمن – هذا البلد المطحون – أنّ الأرض ما تزال قادرة على خلق معجزتها… وأن الضعيف إذا ما امتلك الإيمان، استطاع أن يكسر المجنّحة، ويحني رقبة حاملات الطائرات

نحن نعيش بداية عصر تسقط فيه الأساطير من السماء، لتعلو من تحتها رايات ما كانت تُرى وصدق من قال (أمريكا قشة)

 

تقرير – كامل معمري: صحفي متخصص في الشأن العسكري:

You might also like