الدويلات العربيه بين الصمت على الدماء والهرولة لأوامر البيت الابيض
إب نيوز 5 أكتوبر
د/قادري عبدالله عبدالرحمن صروان
يثير المشهد السياسي الراهن كثيراً من التساؤلات والدهشة في آن واحد فبعد سنوات طويلة من الصمت المطبق إزاء ما واجهته غزة من حصار خانق وإبادة جماعية وتجويع ممنهج على مرأى ومسمع العالم، تتحرك فجأة بعض الدويلات الإقليمية لتضغط بكل ثقلها على قوى المقاومة من أجل القبول بما يسمى “مبادرة ترامب للسلام”.
هذا التحرك المفاجئ يكشف عن ازدواجية المواقف وعمق التبعية، إذ إن هذه الأنظمة لم تتحرك عندما كان الأطفال يسقطون تحت القصف، ولم تتدخل عندما كان الحصار يخنق الحياة في غزة لكنها ما إن تلقت إشارة من البيت الأبيض حتى تحولت إلى دعاة للسلام ووسطاء حريصين على “وقف الحرب”.
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أنّ ما يُطرح تحت عنوان “السلام” ليس سوى مشروع استسلام جديد، يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر إفراغ المقاومة من مضمونها، وإجبارها على التخلي عن ثوابتها مقابل وعود جوفاء لا قيمة لها. إنّ انخراط هذه الدويلات في حملة الضغط يؤكد أنّها ليست أطرافاً نزيهة، وإنما أدوات تنفّذ الأجندة الغربية بدقة، وتعمل على تمرير المخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
لقد أثبتت التجارب أنّ أي مبادرة أمريكية للسلام إنما تحمل في طياتها فخاً سياسياً يهدف إلى تثبيت الاحتلال وإضعاف المقاومة. فهل يُعقل أن تنخدع المقاومة التي خبرت طبيعة العدو لعقود طويلة بمثل هذه الطروحات المكرورة؟ الجواب المنطقي لا فالمقاومة التي قدّمت آلاف الشهداء وصمدت في وجه أعتى آلة عسكرية في المنطقة ليست بهذه السذاجة حتى تسلّم سلاحها أو تتنازل عن ثوابتها استجابة لمسرحية سياسية تديرها واشنطن
إنّ أخطر ما في المشهد أنّ هذه الدويلات تحاول أن تغطي على سنوات صمتها وتواطئها بمسرحية “الحرص على وقف الحرب”، بينما الحقيقة أنّها تتحرك بضغط أمريكي محض، لا بدافع إنساني ولا قومي. ومثل هذا الانكشاف لا يترك مجالاً للشك في عمق ارتهانها للغرب وانحيازها الواضح لمصالحه.
السلام الحقيقي لا يُصنع بالضغوط الأمريكية ولا بالتدخلات الغربية ولا بوساطات منحازة بل يتحقق عندما ينكسر الاحتلال، ويُرفع الحصار وتُستعاد الحقوق الفلسطينية كاملة غير منقوصة. وكل ما عدا ذلك ليس سوى ترويج زائف ومحاولة جديدة لتصفية القضية
إنّ المقاومة اليوم أمام تحدٍٱ جديد
لكنه ليس بالغريب عليها وكما أفشلت المؤامرات السابقة فإنها قادرة على إفشال هذه الضغوط أيضاً لتثبت مرة أخرى أنّها الصخرة التي تتحطم عليها كل المشاريع المشبوهة وأنّ صوت الشعوب لا يمكن أن يُكمم بإملاءات ترامب ولا بوساطات الدويلات التابعه