عامين من االحرب والوجة القبيح للمنظمات المتظاهرةبالحقوق الدولية 

 

متابعات | إب نيوز 27 جمادي اخر. 1438هـ الموافق 2017/3/26 خلال عامين من التدخل السعودي في إطار الحرب على اليمن دمرت عشرات المؤسسات، واستشهد الآلاف، وأصبح ملايين اليمنيين في مواجهة مع خطر المجاعة.

يمثل اليمن “أكبر أزمة إنسانية في العالم”. هذا الكلام ليس لمسؤول في الجيش اليمني أو اللجان الشعبية. مصدره كاف بإبعاد أي شبهة دعائية قد يلصقها طرف متضرر من لوثة الدماء والدمار التي باتت تطوّق اليمن. التحذير صادر عن الأمم المتحدة التي يفترض أنها حارسة الأمن والسلم الدوليين.

عامان مرّا ولا يزال الشعب اليمني تحت وطأة حرب سعودية طاحنة. النتيجة خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات، وتدمير البنى التحتية ومواقع مصنفة باسم التراث العالمي، إلا أن الأهم هو الإنسان اليمني. هذا المواطن الذي لم ترحمه آلة الحرب السعودية، يجد نفسه اليوم مهدداً بمزيد من المعاناة.

وفق أرقام الأمم المتحدة أدت المعارك والضربات الجوية والبحرية منذ التدخل السعودي في اليمن إلى مقتل نحو 7700 شخص، بينهم نحو 4600 مدني، بينما أصيب نحو 42500 شخص بجروح.

وللدلالة على فداحة الأزمة حذرت الأمم المتحدة خلال آذار مارس الحالي من أن الكرة الأرضية  تواجه “أسوأ أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”، مع احتمال تعرض نحو 20 مليون شخص في ثلاثة بلدان إفريقية وفي اليمن، لسوء التغذية والمجاعة.

الأزمة الإنسانية الخطيرة في أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية تنجلي أكثر على ضوء نزوح نحو ثلاثة ملايين شخص عن منازلهم، وحرمان حوالى 18,8 مليون شخص (من بين 27 مليون يمني) من الطبابة والغذاء. ويواجه اليوم نحو 7,3 مليون يمني خطر المجاعة ويعاني 462 ألف طفل من سوء تغذية حاد.

وتعلن المجاعة حين يكون أكثر من 20% من الشعب في مواجهة صعوبات في تأمين مواد غذائية أساسية، وحين يفوق معدل الوفيات شخصين من أصل كل عشرة آلاف في يوم واحد، وحين يطال سوء التغذية الحاد أكثر من 30% من السكان.

كرم في إمدادات الأسلحة وبخل في الإنسانية

تواجه السعودية اتهامات من منظمات حقوقية بالتسبب في مقتل مدنيين في ضرباتها الجوية ضد اليمن. إلا أن محللين يشككون في جدوى التحركات العسكرية. ويقول الباحث في معهد “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” آدم بارون إن “هذه التحركات لم تؤذ الحوثيين بشكل جدي، لكنها زادت من معاناة المدنيين”.

هذه الاتهامات لم تعد تقتصر على السعودية، إذ اتهمت منظمة العفو الدولية كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا بـ”تأجيج الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في اليمن” عبر صادراتهما من الأسلحة إلى السعودية.

وذكرت المنظمة في بيان إن “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تؤججان الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، التي تسببت بمعاناة مدمرة للمدنيين من خلال عمليات نقل للأسلحة بمليارات الدولارات إلى المملكة العربية السعودية، وتطمس، إلى حد كبير، كل أثر لجهودهما الإنسانية لمواجهة الأزمة”.

وأضافت أنه “منذ بدء النزاع في آذار/مارس 2015 صدّرت واشنطن ولندن “مجتمعتين، أسلحة تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار إلى السعودية (…) وهذا يزيد بأكثر من 10 أضعاف عن التقديرات لما أنفقته وزارة خارجية الولايات المتحدة ووزارة التنمية الدولية البريطانية، أو خصصتاه في موازنتيهما، كمساعدات إلى اليمن على مدار السنتين الفائتتين، البالغة قيمتها 450 مليون دولار”.

يضاف إلى هذا الواقع مضاعفة واشنطن منذ كانون الثاني/يناير ضرباتها الجوية بشكل مباشر بحجة استهداف تنظيم القاعدة، إلا أن هذا التدخل أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين.

يذكر أن التنظيمات المتطرفة وجدت في النزاع فرصة لتعزيز نفوذها في البلد الفقير. وينشط إلى جانب القاعدة تنظيم داعش الذي تبنى أولى هجماته في اليمن في 20 آذار/مارس 2015 عندما استهدف مسجداً شيعياً في صنعاء ما أدى إلى استشهاد 142 شخصاً.

الوضع الأخطر في العالم

أعلنت ست منظمات دولية غير حكومية أن الوضع الإنساني في اليمن بات الأخطر في العالم، مع تسجيل نسبة مجاعة كبيرة، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وقصف متواصل يستهدف المدنيين.

المنظمات الست أكدت أن نحو 60% من سكان اليمن، باتوا يعانون من ضائقة غذائية بينهم ثلاثة ملايين من النساء والأطفال يعانون من سوء تغذية حاد، كما أن أكثر من نصف المراكز الصحية في البلاد باتت خارج الخدمة، ويشتبه بوجود نحو 20 ألف إصابة بالكوليرا.

والمنظمات الست هي “أطباء بلا حدود” و”كير” و”التضامن الدولي”، و”الإسعافات الأولية الدولية” و”العمل ضد الجوع” و”أنديكاب أنترناشونال”.

وبعد عامين تماماً من بدء التحالف السعودي “عاصفة الحزم” بات الوضع في اليمن “كارثيا”، مع العلم أن هذا البلد كان من أفقر دول العالم قبل هذه الحرب، حسب ما قالت المنظمات الست.

شهادة هيلين كايوو من “الإسعافات الأولية الدولية” تعطي فكرة عن الوضع القائم. تقول إن “البنى التحتية للطرقات باتت مدمرة بشكل كامل أو جزئي، والوصول إلى المطارات والمرافىء معقد جداً، ويحد القصف الذي يقوم به التحالف كثيراً من الحركة”.

الطبيب سيرج بريس من منظمة “الإسعافات الأولية الدولية” يشير من جهته إلى عدم تمكن سفينة محملة مساعدات تابعة لهذه المنظمة من الوصول إلى مرفأ الحديدة رغم محاولاتها ذلك منذ مطلع كانون الثاني/يناير من هذا العام. ولا يعمل هذا المرفأ سوى بنسبة 10 % من طاقته. وهذا المرفأ يخدم 70 في المئة من سكان اليمن المتضررين بحسب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق.

وتحاول منظمة “الإسعافات الأولية” منذ أسابيع عدة إدخال 250 طناً من المساعدات إلى اليمن، من دون جدوى. الطبيب بريس يعتبر أن “حظر إدخال السلاح تحول بحكم الأمر الواقع إلى حصار إنساني”.

مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن جورج خوري يؤكد لـ الميادين في هذا السياق إن خطر المجاعة يتهدد اليمن في هذه اللحظة، معتبراً ميناء الحديدة شريان الحياة الأساسي وطريق الإمداد الحيوي للمواد الغذائية والأدوية بفعل الحرب القائمة.

وكان اليمن يعتمد على الاستيراد بنسبة 80% لتأمين حاجاته قبل الحرب. ويسيطر “أنصار الله” على الميناء القريب من مضيق باب المندب على البحر الأحمر.

20 شخصاً يموتون يومياً جراء المرض

الوضع الإنساني الكارثي في اليمن دفع المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى التصريح بأن موظفي الإغاثة في “سباق مع الزمن” لمنع مجاعة تهدد ملايين الأشخاص.

إرثارين كازين كانت واضحة بالقول “ليس لدينا غذاء كاف لدعم الزيادة المطلوبة لضمان أن نتمكن من تفادي مجاعة.”

وتصنّف الأمم المتحدة 7.3 مليون يمني بأنهم يعانون “انعداما شديدا للأمن الغذائي”.

بدورها قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) في شهر شباط فبراير الماضي إن تقديرات إمدادات القمح في اليمن تشير إلى أنها ستنفد بنهاية مارس آذار.

وتقول الأمم المتحدة إنها تحتاج إلى حوالي ملياري دولار هذا العام لعملياتها الإنسانية في اليمن وتصف البلد العربي الفقير بأنه يشكل “أكبر أزمة طارئة للأمن الغذائي في العالم”.

بدوها أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن العالم أمامه فرصة لا تزيد عن ثلاثة أو أربعة أشهر لإنقاذ ملايين الأشخاص في اليمن والصومال من المجاعة مع تدمير الجفاف والصراعات للمحاصيل وتعطل وصول المساعدات إلى المنطقة.

ويقول بروس أورينا نائب المدير الإقليمي لأفريقيا في الصليب الأحمر إن الكوليرا، التي يمكن أن تفتك بالأطفال، تؤدي إلى موت ما متوسطه 20 شخصاً في اليمن كل يوم جراء المرض أو نتيجة لجروح أصيبوا بها خلال الحرب.

وذكر الصليب الأحمر أنه طلب 400 مليون دولار لعملياته في الدول الأربع دول هذا العام لم يحصل منها سوى على 100 مليون حتى الآن.

You might also like