عطوان : لماذا كشفت إسرائيل فجأة عن قصفها لقاعدة “الكبر” النووي المفترضة في شمال شرق سورية؟

 

إب نيوز ٢١ مارس

لماذا كشفت إسرائيل فجأة عن قصفها لقاعدة “الكبر” النووي المفترضة في شمال شرق سورية؟ واذا كان هذا الكشف رسالة الى ايران هل يعطي مفعوله ويرهبها؟
وكيف سيكون الرد الإيراني؟ وهل تحضّر أمريكا وإسرائيل لحرب قادمة؟

بعد 11 عاما من الصمت، اعترف الجيش الإسرائيلي رسميا بمسؤوليته عن غارة نفذتها ثماني طائرات حربية من طرازي “اف 15” و”اف 16″، واستهدفت منشأة في منطقة “الكبر” قرب مدينة دير الزور شمال شرق سورية، قالت انها كانت تأوي مفاعلا نوويا تطوره دمشق سرا بالتعاون مع خبراء من كوريا الشمالية.
الحكومة السورية نفت الرواية الإسرائيلية، او الجزء المتعلق منها بطبيعة هذه المنشأة، وأكدت انها كانت جزءا من قاعدة عسكرية مهجورة، ولكنها لم تنف حدوث الغارة نفسها.
توقيت الكشف الإسرائيلي عن هذه الغارة التي وقعت في أيلول (سبتمبر) عام 2007، ووثائق وصور متعلقة بها اثار العديد من التكهنات وعلامات الاستفهام في الوقت نفسه يمكن ايجازها في النقاط التالية:
أولا: توحيه انذار “مبطن” الى ايران تقول مفرداته ان مفاعلاتها وبرامجها النووية قد تكون هدفا لغارات ومماثلة ربما وشيكة، وافصح عن ذلك يسرائيل كاتس، وزير الاستخبارات عندما قال في تغريدة له على “التويتر” “ان هذه الغارة هي رسالة بأن إسرائيل لن تسمح لدول تهدد وجودها مثل ايران بإمتلاك السلاح النووي”.
ثانيا: تتواتر تقارير عدة تفيد بأن هناك اتفاقا سريا جرى التوصل اليه بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وادارته اثناء زيارة الأول (نتنياهو) الأخيرة لواشنطن قبل أسبوعين يقضي برفع مستوى التهديد بتوجيه ضربات لإيران، وسورية أيضا بعد الإلغاء المتوقع من قبل ترامب للاتفاق النووي في أيار (مايو) المقبل.
ثالثا: ان هذا الكشف يأتي في اطار الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل ضد حلف المقاومة، وللتغطية على عجزها، ورغم تهديداتها الكثيرة، عن القيام بأي عمل عسكري حقيقي وفاعل في سورية ولبنان بعد اسقاط طائرتها من طراز “اف 16” بصاروخ سوري من صنع روسي.
اللافت انه ومنذ اسقاط هذه الطائرة الإسرائيلية يوم العاشر من شباط (فبراير) الماضي، لم تجرؤ القيادة الإسرائيلية على شن غارات في سورية او لبنان، خوفا من اسقاط طائرة او طائرات أخرى، حيث اتخذت القيادتان الروسية والسورية قرارا بالتصدي لاي غارات إسرائيلية، وترددت انباء بأن الدفاعات الجوية السورية باتت تملك صواريخ متقدمة جدا يمكن ان تحقق مفاجآت في هذا المضمار بضوء اخضر روسي.
الرسالة الإسرائيلية وما تحمله من تهديدات لن تخيف ايران، لعدة أسباب ابرزها انها سترد بقوة على أي عدوان اسرائيلي يستهدفها، وان مفاعلاتها النووية مبنية في معظمها في عمق جبال شاهقة، مثل مفاعل آراك قرب مدينة قم، ومحمية بصواريخ متطورة.
ما كان يحدث في الماضي، وبالتحديد عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية معمل تموز (اوزيراك) النووي العراقي عام 1981، او معمل الكبر السوري عام 2007، اذا صح انه كان مفاعلا نوويا، لا يمكن ان يتكرر اليوم، لان هذا العدوان في حال حدوثه قد يشعل حربا إقليمية وربما عالمية، لان الرد الإيراني ربما يكون مزلزلا بإطلاق آلاف الصواريخ لقصف العمق الإسرائيلي من سورية ولبنان وايران نفسها.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي من المحتمل ان يكون قد توصل الى معلومات من خلال أجهزة استخباراته حول النوايا والخطط الامريكية والإسرائيلية لتوجيه ضربات الى سورية (مشق تحديدا) ولبنان وربما ايران، اكد ان بلاده سترد بقوة على أي عدوان نووي تتعرض لها بلاده، او أي من حلفائها، كما ان وزير خارجيته سيرغي لافروف قالها بكل صراحة ووضوح ان أي عدوان على دمشق يشكل خطرا على أرواح المستشارين العسكريين الروس وسيتم الرد عليه بشكل غير مسبوق.
إسرائيل تتخبط، وتعيش مأزقا وجوديا، وباتت تدرك جيدا انها لا تملك اليد العليا عسكريا في المنطقة، ولم تعد تخيف محور المقاومة، وتشعر ان هذا المحور بات يمتلك امرين مهمين، الأول الارادة القوية بالرد عليها، والثاني امتلاك أسباب القوة العسكرية القادرة على الردع.
لو كانت دولة الاحتلال الإسرائيلي قادرة على تدمير البرامج والمفاعلات النووية الإيرانية لفعلت ذلك قبل عشرين عاما، ولكنها “مرعوبة” من ردة الفعل الانتقامية، والخسائر الكبرى، المادية والبشرية التي ستتكبدها.
من يريد ان يضرب لا يكبّر حجره، ولا يلجأ للتهديدات والتسريبات، ويغرق في الحديث عن افعاله في الماضي مثل العجائز، او هكذا نفهم في هذه الصحيفة “راي اليوم” الاعتراف الإسرائيلي بقصف منشأة “الكبر” في منطقة دير الزور، وفي مثل هذا التوقيت بالذات.
“راي اليوم”

You might also like