تفجير القدس يرعب الاسرائيليين.. ونفق “حماس″ يصيب نتنياهو في مقتل.. هل تحولت انتفاضة السكاكين الى السلاح والاحزمة الناسفة؟ ومن المسؤول عن ذلك.. التنسيق الامني مثلا؟ وهل تآكل الردع الامني الاسرائيلي؟

8الرعب يعود مجددا الى قلوب الاسرائيليين وعقولهم، والفضل في ذلك يعود الى الانفجار الذي وقع في حافلة في الجانب الغربي من القدس العربية المحتلة، واوقع 21 جريحا، واشعل نارا ضخمة للمرة الاولى منذ عام 2011.
لا الرصاص المصبوب، ولا الجرف الصامد، ولا تواطؤ سلطة الرئيس محمود عباس، ولا تنسيقها الامني، باتت كلها تحقق الامن والامان للاسرائيليين، حتى في قلب مدينة القدس التي ارادوها عاصمة موحدة لدولة احتلالهم، واعتبروها خارج اي عملية تفاوض.
بنيامن نتنياهو الذي كان يتباهى حتى يوم امس بقدراته على منع الانتفاضة الثالثة، من خلال اعداماته الميدانية للشباب الثائر المنتفض ضد اساليب الاذلال والاهانة والغطرسة الاسرائيلية، فوجيء هذا اللنتنياهو بان قبضته الحديدة هذه “قطنية” او “حريرية”، عندما افاق من حلمه الكاذب بتحقيق الامن لمستوطنيه محتلي المدينة على هذا التفجير، مثلما افاق قبلها على نفق اقامة الجناح العسكري لحركة حماس (عز الدين القسام) تحت اقدامه يمتد من قطاع غزة الى مستوطنة اسرائيلية قرب معبر “كرم ابو سالم” على الحدود المصرية الفلسطينية، وكان الهدف منه خطف مستوطنين اسرائيليين على غرار عميلة اسر الجندي جلعاد شاليط، التي هندسها الشهيد جمال ايو سمهدانة، واشرف على تنفيذها.
السيد سامي ابو زهري المتحدث باسم حركة “حماس″ قال ان هذا النفق هو “نقطة” في بحر، وان هناك انفاقا اخرى كثيرة، واكد ان عملية القدس هي الرد الطبيعي على الجرائم الاسرائيلية، وخاصة الاعدامات الميدانية، وتدنيس المسجد لاقصى، بينما التزمت فصائل اخرى الصمت.
ربما يجادل البعض بانه ليس هناك اي جديد في اقوال السيد ابو زهري، فخط “حماس″ المقاوم لم يتغير، وجناحها العسكري بقيادة المجاهد محمد ضيف، مستمر في العمل فوق الارض وتحتها، لكن الجديد هو ما قاله الدكتور رونين بيرغمان، محلل الشؤون الاستراتيجية، المقرب من المؤسسة الامنية الاسرائيلية في مقال نشره اليوم في صحيفة “يديعوت احرونوت”.
الدكتور بيرغمان بدا غاضبا على غير عادته من جراء هذه الاختراقات الامنية المزدوجة، وقال “اسرائيل بدأت تفقد قوة الردع″، واضاف في مقاله “الفلسطينيون لا يخافون”.
نحن نستغرب هذا الاكتشاف من قبل الدكتور بيرغمان وغيره من الجنرالات والمحليين الاستراتيجيين الاسرائيليين، العاملين منهم او المتقاعدين، فمتى خاف الفلسطينيون من الاحتلال وقواته وقمعه؟ وهل يعتقد هؤلاء انهم مثل سكان المقاطعة “العجزة” في رام الله؟ واذا كانوا يعتقدون ذلك، ويؤمنون بأن الفلسطينيين رفعوا راية الاستسلام، وتكيفوا مع سياسات التسول والرشوة بالرواتب فهم مخطئون، فهذا الشعب الذي قدم آلاف الشهداء، واكثر من سبعة آلاف اسير في سجون الاحتلال ليس له اي علاقة بـ”فقاعة” اسمها السلطة في رام الله، وشبابه من الجنسين اثبتوا ذلك عمليا منذ ان انطلقت انتفاضة سكاكينهم في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، وقدموا من خلالها 200 شهيد مقابل 28 قتيلا اسرائيليا.
عملية القدس المحتلة ارهبت الاسرائيليين، حكاما ومستوطنين، لانها اعادت تذكيرهم بالانتفاضة المسلحة الثانية التي فجرها الرئيس الراحل ياسر عرفات، بعد تيقنه من فشل رهانه على السلام مع الاسرائيليين، بعد مفاوضات كامب ديفيد، استمرت من عام 2000 الى عام 2004، وعملياتها الاستشهادية واحزمتها الناسفة، تلك الانتفاضة التي دفعت آلاف المستوطنين الى الهرب من فلسطين المحتلة على اول طائرة، ومعها عشرات المليارات من الاستثمارات، واحدثت شللا كاملا في الاقتصاد الاسرائيلي، والقطاع السياحي خاصة، وجعلت العديد من الفرق الرياضية العالمية ترفض اللعب في الملاعب الاسرائيلية خوفا على سلامة ارواح لاعبيها.
الانتفاضة الثانية اجبرت العالم كله على التدخل الانقاذ دولة الاحتلال، وتشكيل اللجنة الرباعية الدولية، ووضع خريطة الطريق، مثلما اجبرت شمعون بيريس رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينها الى استجداء الرئيس الراحل عرفات بهدنة اسبوع واحد بدون جنازات، وتفجيرات، وبما يسمح بالعودة الى التفاوض في اطار عملية السلام، وبلع الرئيس الراحل الطعم، وانطلت عليه الحيلة، ودفع حياته ثمنا في نهاية المطاف.
نتنياهو دمر العملية السلمية، ونسف حل الدولتين، وقتل مستوطنوه الاطفال حرقا، واعدم جنوده شبان الانتفاضة الثالثة التي بدأت سلمية، وتحولت الى انتفاضة سكاكين بسبب اعداماته الميدانية هذه، واعطائه الضوء الاخضر للمستوطنين باستخدام السلاح تحت ذريعة الدفاع عن النفس.
حذرنا في هذا المكان من ان هذه الاعدامات الميدانية ستدفع بأبناء الارض المحتلة الى المقاومة بالسلاح، طالما ان من يحمل سكينا او يشبه بحمله سكينا، سيواجه بالرصاص، وشاهدنا بأم اعيننا جندي اسرائيلي يطلق النار من بندقيته على رأس جريح فلسطيني ينزف، وغائب عن الوعي، دون ان يلتفت اليه اطقم ثلاث سيارات اسعاف متواجدة في المكان نفسه.
الرئيس عباس الذي جند رجاله “الميامين” لتفتيش حقائب الطلاب في المدارس، ومصادرة سبعين سكينا، مثلما قال متباهيا امام عدسات التلفزة الاسرائيلية، لابد انه حزين ومكتئب من جراء فشل “فزعته” هذه لنجدة الاسرائيليين، وتطوير الانتفاضة الحالية الى اعمال تفجير، وفي قلب القدس المحتلة، الم يتعهد بمنعها حتى لو جاء ذلك على جثته؟
نتنياهو يتحمل المسوؤلية عن كل اعمال التفجير هذه، لان سياساته، ومن ضمنها تعهداته في الانتخابات الاخيرة، بعدم السماح بقيام دولة فلسطينية، والاستمرار في اعمال الاستيطان، هي التي خلقت حالة الاحباط واليأس التي يعيشها الشعب الفلسطيني حاليا، ودفعته، او بعض ابنائه، للجوء الى التفجيرات.
الشعب الفلسطيني لم يمت، ولم يستسلم، ولم ولن يفرط بحقوقه المشروعه، وسيستمر في المقاومة بأشكالها كافة، فهي حق مشروع مارسته كل الشعوب للتحرر من الاحتلال، واستعادة اراضيها وكرامتها، فماذا بقي له لكي يخسره؟ عملية السلام، ام حل الدولتين، ام سلطة خانعة؟
هذا الشعب جزء من امه اسلامية وعربية، تملك تراثا مشرفا في الثورة على الظلم والاضطهاد والاذلال، ويقاوم بإسمها، ويرفع راياتها، وقطعا سينتصر مثلما انتصرت كل الشعوب الاخرى، والايام بيننا.
“راي اليوم”

You might also like