هآرتس: الخلاف مع السعودية وراء انسحاب الإمارات من اليمن .

 

إب نيوز ١٥ يوليو
هناك مهمة جديدة تقع على عاتق رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال “جوزيف دانفورد”، وهي محاولة تجنيد الدول والقوات الصديقة في الشرق الأوسط لتشكيل تحالف من القوات البحرية للقيام بدوريات في المجاري المائية الاستراتيجية مثل الخليج العربي وباب المندب.

وتشمل قائمة المرشحين الفوريين للانضمام إلى مثل هذه المجموعة كلا من السعودية والإمارات وقطر، وربما مصر، وقد اعتادت هذه الدول العمل في ائتلافات، مثل التحالف العربي الذي أنشأه العاهل السعودي “سلمان” في عام 2015 لصد إيران، أو التحالف العربي الأمريكي ضد “الدولة الإسلامية”، أو التحالفات الدولية في الحروب ضد أفغانستان والعراق.

خطوة لها دلالات

تواجه هذه التجمعات العربية – الغربية عادة من قبل تحالفات مثل المحور الروسي – الإيراني، وقد يشير تشكيل تحالف لمراقبة الخليج والبحر الأحمر إلى أن فكرة شن هجمات على إيران انتقاما من الهجمات الإيرانية على ناقلات النفط في الخليج لم تعد احتمالا واردا.

وتعد حماية السفن جزءا من الاستراتيجية الجديدة، وتعلمت الولايات المتحدة دروساً في محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم “القاعدة”، وحركة “طالبان”، و”الدولة الإسلامية”، واكتشفت أن الضربات العنيفة قد تنجح ضد الدول، ولكنها لن تنجح ضد الصواريخ المحمولة على الكتف أو المسلجين الذين يلصقون الألغام على هياكل السفن.

وأظهرت هذه الحروب أيضًا أنه قد يكون من السهل تشكيل ائتلافات بين القوى الكبرى، لكن عليها جميعًا الاعتماد على القوات المحلية، التي تكون عادة من الميليشيات أو القوات غير النظامية الأخرى.

وفي سوريا، فشل التحالف العربي الغربي في تجنيد ما يكفي من الميليشيات لفترة طويلة، وقاتلت الميليشيات بعضها البعض بدلاً من نظام “الأسد”، وبالتالي خسرت الحرب، وكان هذا هو الحال في العراق أيضا، حيث كان على الحكومة أن تسعى للحصول على مساعدة الميليشيات الموالية لإيران، والتي أصبحت بعد ذلك جزءًا من القوات النظامية، وقد قاتلت هذه الميليشيات بشكل جيد ضد “الدولة الإسلامية” لكن ثمن ذلك كان تعزيز قبضة إيران على العراق.

خلاف استراتيجي

تظهر اليمن الآن صورة مماثلة من المنافسات المحلية التي تجعل من الصعب محاربة المتمردين الحوثيين، ظاهرياً، تفصل الحرب في اليمن بوضوح بين المؤيدين للغرب والقوات الموالية لإيران.

ولكن في الواقع هناك ما لا يقل عن 30 جبهة في جميع أنحاء البلاد، في الشمال الأكثر توحدا، هناك قوات الحوثيين التي تعتمد على إيران، وتستولي هذه الميليشيات على معظم الشمال، بما في ذلك العاصمة صنعاء، التي سقطت في أيديهم في عام 2016.

في الجنوب، هناك مجموعة من القوى التي تضم قوى موالية للحكومة، مع مجموعات أخرى من الميليشيات بما في ذلك بعض الميليشيات الانفصالية الجنوبية، وميليشيا تهامة، التي يشمل مجندوها سكان مدينة الحديدة الساحلية التي تدخل عبرها معظم البضائع إلى اليمن.

هذه الميليشيات تقاتل أيضاً ضد تنظيم “القاعدة” في الجنوب الشرقي، وضد ميليشيا يمنية أخرى يرأسها “طارق صالح”، ابن عم الرئيس الراحل “علي عبدالله صالح”. ومع تشكيل التحالف العربي، تقرر أن تعمل الميليشيات المحلية جميعها تحت إشراف التحالف، برئاسة القادة السعوديين والضباط الإماراتيين، مع توفير الدعم من القوات الجوية لهذين البلدين.

يدرب السعوديون والإماراتيون الميليشيات ويدفعون رواتبهم ويشترون معداتهم، وكان السودان ومصر قد أرسلا قوات رمزية في البداية، لكن مصر سرعان ما اكتفت بالدوريات البحرية و تقديم “المشورة”.

أما باكستان، التي انضمت إلى التحالف تحت الضغط السعودي، فقد أعطت السعودية طيارين مدربين تدريباً جيداً يشاركون في الغارات الجوية، ولم ترسل قوات برية.

في غضون ذلك، اندلع نزاع حول الاستراتيجيات بين السعودية والإمارات، ويريد السعوديون توجيه معظم الجهد نحو الشمال، بينما تولي دولة الإمارات أهمية أكبر للسيطرة على الجنوب، خاصة ميناء عدن.

ونتيجة لذلك، بدأت الإمارات، التي يحكمها الأمير “محمد بن زايد” ولي عهد أبوظبي، في دعم ليس فقط الميليشيات الجنوبية ولكن أيضًا القادة السياسيين في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة “عيدروس الزبيدي”.

تسعى الميليشيات الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى إحياء المطالبات باستقلال جنوب اليمن عن الشمال، وقرر الرئيس اليمني المعترف به، “عبدربه منصور هادي”، الموجود في السعودية رهن الإقامة الجبرية على ما يبدو، عزل ” عيدروس الزبيدي” من منصبه كحاكم لعدن، ورداً على ذلك، قامت قوات “الزبيدي” بالاستيلاء على عدن وحولوها إلى عاصمتهم.

يضم الحراك الجنوبي حاليًا 26 عضوًا ويتلقى المساعدات والدعم من دولة الإمارات، وهناك شكوك بأن الإمارات تريد إنشاء دولة مستقلة في جنوب اليمن، وبالتالي ضمان سيطرتها على باب المندب وحركة النفط في البحر الأحمر، وهو طريق يحمل 4 ملايين برميل من النفط يوميًا.

وأدى الخلاف الاستراتيجي بين السعودية والإمارات إلى التصريحات الصادرة خلال الأسابيع الأخيرة بأن الإمارات ستسحب قواتها جزئيًا من اليمن، وتم تفسير ذلك على أنه راجع لخلاف مع السعودية.

ونفى المسؤولون الإماراتيون ذلك ورفضوا بشدة الإشارات إلى خلاف مع الرياض، لكن يبدو أن “بن زايد” سئم من الوضع الميؤوس منه في اليمن، والذي يهدد أمن بلاده.

وفقا لتقارير وسائل الإعلام الخليجية، فإن “بن زايد” يتعرض لضغوط من قبل شركائه – حكام الإمارات السبع – لمغادرة اليمن، على أساس المخاوف بأن المواجهة العنيفة بين الولايات المتحدة وإيران قد تجعل الإمارات هدفاً للهجمات الإيرانية.

كذلك، لا تريد الإمارات أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسعوديين، في الوقت الذي تقف فيه السعودية في قلب العاصفة السياسية الأمريكية، حيث بلغت المواجهة بين الرئيس “دونالد ترامب” والكونغرس حول مبيعات الأسلحة إلى الرياض ذروتها عندما تخطى “ترامب” قرار الكونجرس بتجميد صفقة بقيمة 8 مليارات دولار، وهو يواجه الآن تشريعات تهدف إلى عرقلة خطوته هذه.

حرب ولي العهد السعودي

وفقًا للاقتراح الجديد، المستند إلى مبادرة لإعادة النظر في العلاقات الأمريكية السعودية للسيناتور “جيم ريش” رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، سيتعين على الرئيس فرض عقوبات على السعودية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ودور ولي العهد “محمد بن سلمان” في اغتيال الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، وكذلك الحرب في اليمن والأزمة الإنسانية الضخمة التي خلفتها.

ولا يعد المقصود من ذلك فرض عقوبات صارمة مثل تلك المفروضة على إيران أو سوريا، ولكن التأكيد على تنفيذ العقوبات المعلنة مثل منع دخول كبار المسؤولين السعوديين إلى الولايات المتحدة. وتشعر الإمارات بالقلق من أن مشاركتها العميقة في حرب اليمن ستجعلها هدفًا للعقوبات الأمريكية، وهي تفضل أن تبدو الحرب في اليمن، كأنها حرب “محمد بن سلمان” الخاصة.

ولا تترك هذه التوترات بين “ترامب” والكونغرس وبين السعودية والإمارات، والتنافسات الداخلية بين الحكومة اليمنية المعترف بها والمجلس الانتقالي الجنوبي، والصراع بين مختلف الميليشيات التي تقاتل الحوثيين، لا تترك إلا القليل من الأمل في حل دبلوماسي للحرب.

وأودت الحرب بحياة ما يتراوح بين 50 إلى 100 ألف شخص بسبب القتال أو المرض، مع ترك ربع مليون شخص بلا مأوى.

ويبدو الهدف الأمريكي السعودي المتمثل في الإطاحة بالحوثيين، وقطع ذراع إيران في اليمن، عيدًا أكثر من أي وقت مضى لأنه لا يوجد اتفاق على هجوم أمريكي شامل مثل الهجوم ضد “الدولة الإسلامية”، ولن يكون لمثل هذا الهجوم أي شرعية دولية، حيث لا يُنظر إلى الوضع في اليمن على أنه تهديد دولي.

وتتفق الإدارة الأمريكية والكونغرس أنه حتى المزيد من المساعدات العسكرية للسعودية والإمارات لن تؤدي إلى نصر حاسم وأن الحل – إن وجد – يكمن في الأمم المتحدة، لكن كل ما تم تحقيقه حتى الآن هو وقف إطلاق النار في الحديدة الذي تم توقيعه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

لتحقيق النجاح، يجب على الأمم المتحدة أو أي وسيط آخر إعادة تعريف الحرب في اليمن بحيث لا تصبح حربا للهيمنة بين إيران والولايات المتحدة والسعودية، وكي تكون حربا لأجل التوزيع العادل للتمثيل في الحكومة والموارد، لقد كانت هذه هي الأسباب الحقيقية لنضال الحوثيين ضد الحكومة قبل صبغه بالألوان الإيرانية.

ولكن المشكلة هي أن أي حل يمنح الحوثيين بعض الإنجازات السياسية أو الاقتصادية سوف يُنظر إليه على الفور على أنه نصر إيراني، ومن المشكوك فيه أن توافق الإدارة الأمريكية أو السعودية على ذلك.

المصدر | تسفي برئيل – هآرتس

You might also like