فجر 14 سبتمبر” أعدم نهارَ التحالف للأبد .

إب نيوز ٢٤ سبتمبر 

حلمي الكمالي

يبدو أنَّ الضربةَ الاستراتيجيةَ الأخيرة للطائرات المسيّرة اليمنية في بقيق وخريص السعوديتين، لم تُحْدِثْ فجوةً عميقةً في جسد العدوان المتهالك وحسب، وإنما تسببت في هزّةٍ عمقُها 7.7 رختر داخلَ غرف عمليات قوى الرجعية والاستعمار، التي تصك أقذرَ المؤامرات القذرة في كُـلِّ بلدٍ شريفٍ.

فما هي إلّا ساعاتٌ قليلةٌ عقبَ الحادثة إلّا ورأينا وسمعنا حِراكاً أممياً من أقصى المحيط الهادئ إلى أدناه، بياناتُ شجبٍ وتنديدٌ وصراخٌ على شاشات الوكالات الاستخباراتية، وزياراتٌ لوفود رسمية بالجملة، حملتها طائراتُ الإيرباص الرئاسية الفخمة من دهاليز البيت الأبيض وباريس إلى بارات الأمير في الرياض.

ضربةُ النسرِ اليماني أصابت التحالفَ السعوديَّ الأمريكيَّ في مقتل، حيثُ هزّت عمليةُ فجر 14 من سبتمبر مَضْجَعَ أمراء الحرب في البيت الأبيض، وأعدمت نهارَ غِلمان النفط ووحوشِ الرأسمالية المتغطرسة إلى الأبد.

لم تجرؤ قيادةُ البيتِ الأبيض أنْ تفعلَ شيئاً، غيرَ أنها تسرحُ بالبكائيات في المحافلِ الدوليةِ كالعادة، ناهيك عن أنها دفعت أصحابَ “الضمير العالمي” للعويل خلسةً من كُـلّ صوب، تلك الأبواقُ العشوائية التي كلما ضُرِبَت على ظهرها دَقَّتْ طبولَ الحرب؛ لأَنَّ ها مغلفةٌ بجلودها النتنة، وهي كذلك في مسرح المواجهة مجردُ فقاعاتٍ رماديةٍ أمامَ الإعصارِ اليمني، الذي قيّد وحوشَ المؤامرة ولجم ألسنتها.

بجانب ذلك، لا نظُنُّ أنَّ أمراءَ الحربِ في البيت الأبيض سيكابرون هذه المرّة عقبَ الضربة الاستراتيجية الأخيرة للطائرات المسيّرة اليمنية، غيرَ أنهم سيسعون بلا شكٍّ للبحث عن ملاذ؛ للخَلاص من لعنة توسُّع نطاق الردع اليمني، الذي يتهدّد مصالحَها يوماً بعدَ يومٍ؛ ونتيجةً لذلك لا تريدُ واشنطن أن تخسرَ كُـلَّ شيء دفعةً واحدةً، وهي تلفظُ أنفاسَها الأخيرة.

يمكننا القولُ بأنَّ الأمريكيين قد لا يتخلّون عن مشاريعهم التمزيقية بسهولة، لكنهم ليسوا أغبياءً لتلك الدرجة كوكلائهم في المنطقة، ويفهمون رسائلَ القواتِ المسلحة اليمنية بجديةٍ تامَّة، إذ يدركون تماماً ما معنى أنْ تمرَحَ الطائراتُ المسيّرةُ اليمنيةُ فوقَ أحدثِ الدفاعات الأمريكية وتصيب أهدافها على بعد أكثر من 1600 كم دونَ مقاومة.

علاوةً على ذلك، تختتمُ الضرباتُ الأخيرة للطيران المسيّر اليمني مسلسلَ نسفِ التقانة العسكرية الأمريكية برمتها للمرة الألف، وترسل هذا الآلة العجوز التي شاخت قبلَ أوانها؛ بفعلِ الأدمغة اليمنية، إلى وصمةِ عارٍ ستظل تلاحق الأمريكيين جيلاً بعدَ جيلٍ.

إلى ذلك، فإن أمريكا باتت عاجزةً عن إدارة الارتدادات العكسية لفشل مشاريعها في اليمن، وهذه حقيقةٌ كبرى تعكسها التناقضاتُ البينيةُ القائمةُ بين عصاباتِ قوى العدوان وصراعِها الدموي على الساحة الجنوبية المحتلّة.

كلُّ هذا العويل الذي تصدُرُه قوى العدوان في المحافلِ الدوليةِ ما هو إلّا “غاغةٌ أمميةٌ” لا زال لُعابُها يسيلُ على ما تبقى من رَذَاذِ النفط المستوي داخل خزانات أرامكو، خشيةَ أن تلسعَه لعابُ الطائرات المسيّرة اليمنية هي الأُخرى، التي استهوت الأمرَ، وبدت لها حقولُ ومصافي النفط السعودية، لعبةَ بلايستيشن كصيدٍ مُغرٍ، تفرغ على كاهلها ما حملته الطائراتُ الأمريكية والسعودية من حقدٍ وأفرغته على كاهلِ اليمنيين طيلةَ الأعوام الخمسة الماضية.

اليومَ يقتلع توسُّعُ نطاق الردع اليمني معطياتِ معادلة الحرب العدوانية من جذورها، وصار بوِسْعِ اليمنيين اجتثاثُ أيَّة مشاريعَ تخريبيةٍ عثرة في طريق الإرادة الوطنية للشعب اليمني مهما كان حجمها وقوتها ومصدرها.

بخلاف هذه العاهات المستوردة إلى رمال صحاري الجزيرة العربية من قبح المؤامرات الغربية، التي تنتظر الأوامرَ عبر الأسلاكِ الهاتفية أَو خنادق السفارات الأجنبية، بينما تدكُّ السواعدُ اليمنية قِبْلَةَ الاقتصاد الغربي، ولا تنتظر حتى أنْ تسمعَ عويلَ التماسيح، غير أنها تبصقُ في وجه الاستكبار العالمي كلما شاهدت انتكاسةً خائبةً لوجوه وكلائها وأذيالها عقبَ كُـلِّ ضربة محورية توجّـهها في عُمق الكنتونات الهالكة.

نهايةُ هذا الهول الغربي المستبِد بعد دك خاصرته الاقتصادية أصبحت وشيكةً، بينما يحملُ اليمنيون مأساتهم وجِراحاتِهم وشَظَفَ الحياة والحصارَ معاً على أكتافهم، ويحوّلونه إلى حِممٍ بركانيةٍ تعصفُ بأُمِّ المؤامرات الكونية في لحظة خالدة ستكونُ علامةً بارزةً في جبين القرن الواحد والعشرين.

You might also like