يعني …..خلاص ؟

 

بقلم / بلقيس علي السلطان

لا أدري ما الذي جناه هذا الشعب لكي يتلقى كل هذه الأوجاع والآلام ، لم تعد تكف المقالات ولا القصص ولا الروايات لوصف كل مايحدث من إبادة جماعية بمختلف الوسائل والطرق. فمن لم تطله نيران الطغاة في الجبهات ستناله غارات الطائرات على المدن ، ومن نجا منها ستناله الأوبئة والأمراض التي لا ندري من أين جاءتنا ؟
ومن نجا من هذا وذاك سيموت كل يوم قهراً وكبداً على مايشاهده من إبادة ليس لها أي مبرر يذكر ، إبادة اشتركت فيها دول العالم التي جاءت كنار صّقَر لا تبقي ولاتذر ، إلا من قلة من تلك الدول التي ليس لها من دور يذكر سوى دور المتفرج على حلقة دراما حزينة يبكي عند مرور مشهد حزين ولا يغير شيئا في أحداثها !

لقد شاءت الأقدار أن أكون متواجدة في إحدى المراكز التي تعالج المصابين بالكوليرا والذي أصيب بها أحد أقربائي و الذي كان إسعافه سبباً في مشاهدتي لحادثة مؤلمة لا تكاد تفارق مخيلتي ولو للحظة واحدة ، وصلنا إلى أحد مراكز معالجة الكوليرا بصنعاء التي تتبناها المنظمات وما أن وصلنا حتى أنهالت الأسئلة على قريبي المريض الذي أسعفته ودون مراعاة للحالة التي وصل فيها ، فمن أين تسكن ؟ إلى هل تلقيت اللقاح ؟ إلى كم عدد المرات التي أصبت بها ، وغير ذلك من أسئلة التحقيق التي يجب الرفع بها إلى المنظمات ليطمئن قلبها بأن إبادتهم للشعب اليمني تسير على ماهو مخطط له .

في أثناء ذلك دخل أب يحمل طفلة بين ذراعية صارخا للجميع بأن أنقذوها ، هرع الجميع إلى الطفلة التي لن أنسى وجهها ماحييت ، فقد كانت شاحبة اللون وشفتاها جافتان ، أسرع أحد مرافيقها لشراء الدواء من خارج المركز كمافعلت أنا من بعده ولا أدري ما الذي توفره المنظمات المزعومة باسم مكافحة الكوليرا ؟
أخذت الطبيبة بيد الطفلة لتلاحظ جفاف جلدها ووقوف نبضاتها ، أعادت وضع السماعة على صدرها ، عندها تغير وجهها واستدعت طبيبة أخرى للتأكد من استنتاجها ؟
وكان كذلك فقد فارقت الطفلة الحياة قبل وصولها المركز ، عاد مرافقها حاملاً الدواء الذي لم يكتب أن يجري في عروقها لتبادره الطبيبة بقولها : احمد الله واشكره البقية في حياتكم ، ظانة أنه والد الطفلة أما والدها فكان أمام طفلته متخشب جسده ولم يستطع أن ينطق سوى بقوله :يعني …..خلاص ……خلاص ؟

نعم (خلاص ) فارقت الطفلة الحياة وليس لها من ذنب سوى أنها ولدت بهوية يمنية ، ولدت في زمن مصاصي الدماء ومشعلي الحروب .
أخذ والد الطفلة طفلته بين ذراعيه وهو يضمها إلى صدره ويغسلها بدموعه التي أحرقت جميع من كان حوله .

حادثة ليست سوى نقطة من بحر حوادث الإجرام الصهيوأمريكي على اليمن ، الذي لا يدري شعبه ماالذي جناه لكي يتلقى الموت بمختلف أنواعه ، وليس له من ذنب سوى أنه ولد أبياً يأبى الذل والخنوع ويتنفس العزة والكرامة ، ولا بد للمستكبرين من نهاية ومصير الظالمين إلى زوال ولو بعدحين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

# اتحاد_كاتبات_اليمن.

You might also like